رشاش الشبهات  .. كيف تتعامل معه ؟

منذ 2023-02-21

في زمن الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل، أصبح المجتمع المسلم يهاجَم بسيل عرمرم من الشبهات، وأمواج عاتية من الشهوات  في محاولة تشكيكه في دينه ومعتقده، فسيْل الشبهات لم يترك مكانا إلا ولجه

من فضل الله تعالى أن بين لنا الهدى والضلال، فالحق أبلج والباطل لجلج، ولكن الباطل قد يُزخرف فيبدوا كالحق وهذا ما يسمى بالشبهات، لأنها تشبه الحق، وليست بحق بل باطل محض، وفي زمن الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل، أصبح المجتمع المسلم يهاجَم بسيل عرمرم من الشبهات، وأمواج عاتية من الشهوات  في محاولة تشكيكه في دينه ومعتقده، فسيْل الشبهات لم يترك مكانا إلا ولجه حتى وصل إلى الأفلام الموجهة للأطفال بل وحتى الألعاب.

 والملاحظ أن الشغل الشاغل لأصحاب الشبهات هو الهجوم على الإسلام وزعزعة عقيدة المسلم، بينما لا يتحدثون عن مناهجهم لأنها ضحلة وهزيلة {(إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)} .

 ومن أبزر مظاهر هذه الهجمة إيراد الأسئلة الكثيرة على المسلم حتى يضعونه في موقف المدافع، فمعلوم أن طلبة العلم المتمكنين قلة في الناس، بل كثير من مجتمعات المسلمين تخلوا من طالب وربما حورب العلم الشرعي أصلا، وهؤلاء المبطلون يوردون (رشاش) من الشبهات التي إن استطعت أن تعرف الرد على بعضها قد تعجز عن البعض كونك لست متخصصا ولا مطِّلعا، فما الحل؟

هناك حلول كثيرة لكن أهمها وأعمقها هو طلب العلم الشرعي، فهو بإذن الله الحصن الحصين والدرع الواقي والسد المنيع، والشجرة الثابتة الأصل الباسقة الفرع، والجبل الراسي في وجه أي شبهة مهما كانت، فعلى صخوره الصلبة تتكسر كل أمواج الشبهات، ويضمحل كل أنواع الترهات التي يوردونها، فأخوف ما يخاف منه أهل الباطل طلاب العلم عموما والعلماء خصوصًا، وهذا يدعونا إلى الاهتمام بالنوابغ من أبناءنا ليكونوا شوكة في حلوق أهل الباطل، ورحمة لمن أراد لنجاة منهم، وذلك بالدفع به ودعمهم ماديا ومعنويا للتسلح بالعلم النافع الذي يدحر الشبهات.

 ومن الحلول أيضا البحث عن جواب الشبهة إما بسؤال المتخصصين أو البحث في المواقع الموثوقة، فجميع الشبهات قد أبطلها العلماء ونسفوها نسفا، والذي يُطرح عبارة شبهات بالية مكررة قد قتلها العلماء بحثا وأزهقوها ردًّا، بل إن بعض الشبهات أجيب عليها قبل أكثر من ألف سنة، ولكن الكثير يتزعزع عند أول شبهة تعرض له، ظنا منه أن الشبهة قوية، ولم يعلم إن الضعف من قبله لا من قوة الباطل، فالحمد لله في زماننا ما أيسر أن يجد المسلم ترياق لأي شبهة تواجهه إما بالإبحار في عالم الإنترنت في المواقع الموثوقة، أو بالتواصل مع أهل الذِّكر {(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)} .

 وأهل الباطل يكررون الشبهات علهم يجدوا جاهلا فتعلق الشبهة بقلبه، أو متشككًا فيزيدون شكوكه، أو منافقًا في قلبه مرض فيساهم في نشر الشبهة، ولذا فالواجب على الدعاة إرشاد الناس لا سيما الشباب إلى كيفية التعامل مع الشبهات، وتحصينهم منها، وتزويدهم بأطواق النجاة، والتسلح بأسلحة العلم اللازمة لدحر الباطل وأهله، ومن أروع الكتب في هذا المجال كتابان، الأول: سابغات .. كيف نتعامل مع الشبهات الفكرية المعاصرة،  للشيخ د.أحمد يوسف السيد حفظه الله تعالى، والثاني: ترياق .. نحو معالجة تأصيلية للشبهات الفكرية للشيخ د.جاسر مطلق الجاسر حفظه الله تعالى، فهذا الكتابان سهلا الأسلوب ويصلحان للمبتدئين، كما يمكن تدريسهما في الدورات الشرعية، يضاف إلى الكتابين موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ المجاهد محمد صالح المنجد حفظه الله، ففي هذا الموقع جواب مفحم لكل الشبهات المتداولة تقريبا.

ومن الحلول أيضا أن لا يقف المسلم موقف المستقبل لسهام الأعداء، بل عليه أن يرد عليهم بأسئلة فإن مناهجهم ضحلة ومتناقضة وتفتقر للحجة والبرهان، وإنما هي شعارات وزُخرُف من القول، وصدق الله ( {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} )، فكل منهج وضعي وضيع كالعلمانية والديمقراطية والليبرالية والنسوية به كم مخيف من التعارض والتناقض والاختلاف وسفاهة العقل، وصدق الله { (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)} .

وتزاد أهمية تحصين المجتمع المسلم من وباء الشبهات إذا علمنا أن معظم المناهج الحكومية إن لم تحارب الإسلام والفضيلة فهي لا تسمن ولا تغني في ناحية العقيدة ومحاربة الباطل، بل قد يتخرج الطالب بعد دراسة تمتد لأكثر من عشر سنوات ولا يُعلًم الهدف الحقيقي من وجوده في الحياة، فإذا لم يتداركه الله بسبب ينجيه كمسجد أو أسرة أو غير ذلك وإلا فإنه يتخبط في الظلمات، وقد يكون حربا على الإسلام والمسلمين ظنا منه أن سبب التأخر المادي هو شريعة الله وذلك بسبب تأثره بالدعاية الكاذبة عن شريعة الله تعالى.

وقرين المناهج الحكومية الإعلام، فالإعلام في أغلبه إما تافه يدعو إلى سفاسف الأمور، وإما يسعى للفساد والإفساد سواء في على مستوى الشهوات أو الشبهات، وهناك أموال طائلة تنفق للصد عن سبيل الله وتضييع مستقبل المسلم {(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)} .

فالخلاصة أن تحصين المجتمع المسلم من لصوص الآخر أهم بملايين المرات من تحصينهم من الأمراض التي تفتك بأجسادهم، فالأمراض تفسد الأجساد، والشبهات تفسد العقول والمعتقدات وتضيع مستقبل الإنسان  لأن من انساق معها {(فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا)} ، واتباع الشبهات يفوت جنة عرضها السموات والأرض ويكون صاحبها قد {(خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} )، كما أن سبيل دفع الشبهات سهل وميسور فالحمد لله فما علينا إلا أن نأخذ بأيدي المسلمين إلى الحق، وصدق الله: {(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ).}

وصلى الله على من أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، وعلى صحابته الذي حملوا النور إلينا نقيا صافيا.

baamer2000@gmail.com