دور الأوامر والحوار في علاج مشكلات الأطفال؟

منذ 2023-03-13

لكلٍّ من الأوامر والحوار دورٌ كبير في علاج مشكلات الأطفال، وتُعَدُّ مهارات الحوار والتواصل مع الأطفال وإعطاؤهم الأوامرَ فنًّا يجب على الأبوين إتقانه

لكلٍّ من الأوامر والحوار دورٌ كبير في علاج مشكلات الأطفال، وتُعَدُّ مهارات الحوار والتواصل مع الأطفال وإعطاؤهم الأوامرَ فنًّا يجب على الأبوين إتقانه؛ لأن عدم إتقان هذا الفن يؤدي إلى الكثير من المتاعب التربوية، وعدم علاج مشكلات الأطفال بالطريقة التربوية السليمة.

 

بداية لا بد من الحزم؛ لأنه لا يصلح للوالدين أسلوب الحوار المطوَّل في كل موقف وحال، ويجب على الأبوين إعطاء أوامر أو تعليمات حازمة وواضحة لأطفالهم، وبخاصة من يأتي منهم بفوضى وسلوكيات فوضوية، وليس استجداء الأطفال والتوسل إليهم للكف عنها.

 

ويمكن للوالدين أن يستخدما هذا الأسلوب في حالتين:

• عندما يريد الوالدان أن يكف طفلهم عن سلوكيات معينة، ويظن الوالدان أن أطفالهم سيتمادَون في هذه السلوكيات إن التمسا منهم ترك هذه السلوكيات بأسلوب لطيف.

 

• إذا رغب الوالدان في أن يأتي أطفالهما بسلوكيات معينة، يظنان أنهم سيعصونهم فيها إذا التمسا منهم ذلك.

 

كما يجب إعطاء الأطفال أوامرَ حازمة بصوت معبِّر عن الحزم، فعند قفْزِ أحد الأطفال على المقاعد، يُقال له: أنت تقفز على المقاعد، وهذا مخالف لنظام البيت، لا تفعل هذا السلوك مرة ثانية.

 

لا تطرح سؤالًا، ولا تعطِ تعليقًا غير مباشر عندما تأمر طفلك فلا تقل له: "ليس من المستحسن القفز على المقاعد"؛ لأنه سيرد عليك، وبذلك تعطي الفرصة لطفلك اللجوء إلى التبريرات، فالقول الحاسم في هذه الحالة هو أن تأمر طفلك بالكف عن القفز دون إعطاء أي تبرير أو تفسير.

 

وإذا تجاهل الطفل أمرك، وتمادى في السلوكيات المخالفة لنظام البيت ليعرف إلى أي مدى أنت مصرٌّ على تنفيذ أمرك، هنا لا يجب عليك اللجوء إلى الضرب أو التهديد لتأكيد إصرارك على أمرك، فمثل رد الفعل هذا قد يعقد الموقف، ويزيد عناد الطفل وتحديه لك، ويمكن حل هذه المشكلة بيسر وسهولة، يجب منع الطفل عن اللعب المحبب له فترة معينة.

 

ولكن يجب ألَّا يتحول هذا الأسلوب المحدد بحالات قليلة ونادرة إلى أسلوب دائم؛ فينعدم الحوار، ويضعف التواصل، ويتحول الطفل إلى مجرد آلة تنفِّذ الأوامر والنواهي؛ فيفشل في مستقبله، ويصبح اتكاليًّا ضعيفًا هزيلًا.

 

إن تعبير الوالدين البنَّاء عن الضيق من السلوكيات المخالفة لنظام البيت التي يفعلها الطفل يساعد في المعالجة الحكيمة للمشكلات العارضة، ويقدم أنموذجَ القدوة للطفل في التعبير عن انفعالاته، في حين استخدام الألفاظ النابية أو الصراخ أو الضرب المبرِّح يتسبب في جرح المشاعر أو تبلُّدها؛ لذا يجب التأكيد على التعامل مع المشكلات التي يُحدِثها الأطفال بالعقل، لا بالفورة العصبية، والانفعال، والزجر، والتأنيب.

 

إن أطفالنا يحتاجون إلى الانضباط والحب معًا، الانضباط يعني تعليم الطفل السيطرة على ذاته، والسلوك الحسن المقبول، والطفل يتعلم احترام ذاته، والسيطرة عليها من خلال تلقي الحب والانضباط من جانب الوالدين.

 

ويمكن القول: إن مناقشة وحوار الأطفال حول السلوكيات المخالفة لنظام البيت التي قد يفعلونها لا ينافي الحزم في إصدار الأوامر التي لا رجوع فيها لحل المشكلات؛ فمناقشة وحوار الأطفال حول السلوكيات المخالفة التي قد يفعلونها أسلوب مهمٌّ للتخلص من هذه السلوكيات؛ لأن تركها يفسح لها مجالًا للنمو السيئ، وقمعها يجعلها تنمو خارج الدوائر المأمونة، واستخدام منطق الإقناع هو الأسلوب الأمثل لعلاجها.

 

_________________________________________

المراجع:

• خالد الحليبي، مهارات التواصل مع الأولاد، الرياض، مركز الملك عبدالله للحوار، 1435هـ.

 

• علي رضا، سيكولوجية الطفل، الجزء الثالث، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1431هـ.

_______________________________________________
الكاتب: محمد عباس محمد عرابي