صلاة قيام الليل

منذ 2024-01-13

تعريف قيام الليل- الفرق بين صلاة قيام الليل والتهجد - فضل قيام الليل - وقت قيام الليل - عدد ركعات قيام الليل - كيفية صلاة قيام الليل - قضاء قيام الليل - آداب قيام الليل والتهجد.

تعريف قيام الليل:

القيام في اللُغة ضد الجُلوس، أما الليل في اللُغة فهو الوقت المُمتد من غُروب الشمس إلى طُلوع الفجر الثاني من اليوم التالي.

 

أما قيـام الليل في الاصطلاح الشرعي، فهو قضاء الليل أو جُزء منه بالصلاة، أو غيرها من العبادات.

 

الفرق بين صلاة قيام الليل والتهجد:

صلاة قيام الليل: هي التطوع بالصلاة ليلًا من بعد صلاة العشاء حتى دُخول وقت الفجر الثاني، سواء كان ذلك قبل النوم أو بعده، أما صلاة التهجد فهي التطوع بالصلاة ليلًا بعد القيام من النوم، وعليه فليس كل قيام تهجُّد، ولكن كل تهجد قيام.

 

فضل قيام الليل:

قيام الليل فضله عظيم وأجره كثير وذلك لما يلي:

1- لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُداوم عليه، ويجتهد فيه اجتهادًا عظيمًا، فقد كان يُصلي حتى تفطرت قدماه.

 

2- لأنه من أعظم أسباب دُخول الجنة.

 

3- لأنه من أسباب رفع الدرجات في الجنة.

 

4- لأن المُحافظين عليه مُحسنون ومُستحقون لرحمة الله تعالى وجنته.

 

5- لأن الله مدح أهل قيام الليل في جُملة عباده الأبرار عباد الرحمن.

 

6- لأن الله شهد لهم بالإيمان الكامل.

 

7- لأن الله نفى التسوية بينهم وبين غيرهم ممن لم يتَّصف بوصفهم.

 

8- لأنه مُكفِّر للسيئات.

 

9- لأنه أفضل الصلاة بعد الفريضة.

 

10- لأنه شرف المُؤمن.

 

11- لأن المُحافظين عليه يُغْبَطُون عليه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدنيا وما فيها.

 

12- لأن قراءة القُرآن في قيام الليل غنيمة عظيمة.

 

حُكم قيام الليل:

قيام الليل سُنة مُستحبة للرجال والنساء، دلت النصوص من الكتاب والسنة على الحث عليه والترغيب فيه.

 

وقت قيام الليل:

يبدأ وقت قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى طُلوع الفجر الثاني من كل ليلة، ويجوز فعله بعد الوتر، ولكنه خلاف الأفضل.

 

يجوز أن يُصلي قيامُ الليل في أول الليل أو وسطه أو آخره، حسب ما يتيسر للمُسلم، غير أن آخره أفضل؛ لأنه هو الأمر الذي استقر عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يُصلي قيام الليل من بداية ثلث الليل الأخير؛ لأنه وقت نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا، وهو وقت إجابة الدعاء وقبول التوبة ومغفرة الذنوب، وعليه فيكون وقت قيام الليل على ثلاث درجات:

1- أن يكون في الثلث الأول.

 

2- أن يكون في الثلث الأوسط.

 

3- أن يكون في الثلث الأخير وهو الأفضل.

 

ولمعرفة بداية ثُلث الليل الآخر يُقسم وقت الليل من غُروب الشمس إلى طُلوع الفجر الثاني من الساعات على ثلاثة والناتج هو الثلث.

 

فلو كان الليل مثلًا (12) ساعة يقسم على (3)، فيكون الناتج هو (4) ساعات؛ أي يكون ثُلث الليل الآخر منه هو بعد مرور (8) ساعات من أوله.

 

عدد ركعات قيام الليل:

القول الراجح أن قيام الليل ليس له عددٌ مخصوص من الركعات لا تجوز الزيادة عليه، بل يجوز للمُسلم أن يُصلي ما شاء من قيام الليل.

 

الأفضل للمُسلم أن يقتصر في قيام الليل على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إحدى عشرة ركعة مع الوتر أو ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، والإحدى عشرة ركعة هي الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم.

 

حُكم الزيادة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل:

القول الراجح أن الزيادة في قيام الليل على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة؛ كمن يصلي عشرين ركعة أو ثلاثًا وعشرين ركعة في رمضان أو غيره، ليس ببدعة ومن فعل ذلك فهو مُصيب ومأجور؛ لأن المسألة اجتهادية، وفيها خِلاف بين العُلماء، والراجح جواز ذلك.

 

كيفية صلاة قيام الليل:

صلاة الليل مثنى مثنى؛ أي ركعتين ركعتين، والمُراد أن يكون التسلم في كل ركعتين.

 

الكيفيات التي تُصلى بها صلاة قيام الليل:

الكيفيات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل هي:

الكيفية الأولى: إحدى عشرة ركعة يُسلم بين كل ركعتين ويُوتر بواحدة.

 

الكيفية الثانية: ثلاث عشرة ركعة يفتتحها بركعتين خفيفتين ثم يُصلي ركعتين طويلتين جدًّا، ثم يُصلي ركعتين دونهما، ثم يُصلي ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم يُصلي ركعتين دونهما، ثم يُصلي ركعتين دونهما، ثم يُوتر بركعة.

 

الكيفية الثالثة: يُصلي ثلاث عشرة ركعة منها ثمانية يُسلم بين كل ركعتين، ثم يوتر بخمس لا يجلس ولا يُسلم إلا في الخامسة.

 

حُكم صلاة قيام الليل جالسًا:

أجمع العُلماء على أن صلاة التطوع جالسًا مع القُدرة على القيام، تصح ومنها قيام الليل، ولكن أجرها على النصف من صلاة القائم، كما يصح أيضًا أداء بعض التطوع من قيام وبعضه من قُعود، أما صلاة الفريضة، فالقيام فيها ركن من تركه مع القُدرة عليه، فصلاته باطلة، ولا خلاف أن صلاة المُسلم قائمًا عند القُدرة أفضل من صلاتها قاعدًا بلا عُذر، فإن صلاها جالسًا لعُذر، فأجره كامل كأجر القائم، ويُستحب لمن صلى قاعدًا أن يكون مُتربِّعًا في حال مكان القيام، والثابت أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل كانت على أنواع أربعة هي:

1- أنه كان يُصلي قائمًا ويركع قائمًا.

 

2- أنه كان يُصلي وهو قاعد، ثم إذا لم يبقَ من القراءة إلا نحو من ثلاثين آية أو أربعين، قام فقرأ بها ثم ركع.

 

3- أنه كان يُصلي وهو قاعد ثم إذا ختم قراءته قام فركع.

 

4- أنه كان يُصلي وهو جالس ويركع وهو جالس.

 

قضاء قيام الليل:

يُستحب لمن فاته قيام الليل لنوم أو مرض، أو شغل أو نسيانٍ - أن يقضيه شفعًا في النهار بعد شُروق الشمس وارتفاعها قيد رُمح (بعد حوالي ربع ساعة من طلوع الشمس)؛ أي لا يُوتر؛ لأن الوتر تُختم به صلاة الليل، وقد انتهت، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع من الليل، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة؛ لأنه كان يُواظب في أكثر أحيانه على إحدى عشرة ركعة، فكان يقضي ما هو أكمل وأكثر.

 

آداب قيام الليل والتهجد:

من آداب صلاة قيام الليل والتهجد ما يلي:

1- أن ينوي عند نومه قيام الليل وينوي بنومه التَّقوِّي على الطاعة؛ ليحصل على الأجر والثواب على نومه، فإن غلبته عيناه ولم يقم، كتب الله له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه سُبحانه.

 

2- أن ينام على وضوء.

 

3- أن ينام على شقه الأيمن، ويدعو بما ورد من الأذكار عند النوم.

 

4- أن يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ، فيذكر الله ويشوص فاه بالسواك.

 

5- أن يفتتح تهجُّده بركعتين خفيفتين، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: ثم يُصلي بعدهما ما شاء.

 

6- أن يُصلي قيام الليل والتهجد في بيته؛ لأنه أفضل وأخفى وأقرب إلى الإخلاص، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي قيام الليل والتهجد في بيته.

 

7- أن يُداوم على قيام الليل، ويُحافظ عليه ولا يقطعه، ويجعل لنفسه ركعات معلومة يُداوم عليها، فإذا نشط طوَّلها وإذا لم ينشط خفَّفها، وإذا فاتته قضاها.

 

8- إذا غلبه النعاس ينبغي له أن يترك الصلاة وينام حتى يذهب عنه النوم.

 

9- أن يُوقظ أهله إذا قام لصلاة الليل والتهجد ويُصلي بهم أحيانًا.

 

10- أن يقرأ المُتهجد جُزءًا من القرآن أو أكثر أو أقل على حسب ما تيسَّر مع التدبر لما يقرأ وهو مُخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها، إلا أنه إن كان الجهر أنشط له في القراءة، أو كان بحضرته من يستمع قراءته أو ينتفع بها، فالجهر أفضلُ، وفي حالة إذا كان قريبًا منه من يتهجد أو من يتضرر برفع صوته من نائم ومريضٍ ونحوهما، فالإسرار حينئذ أولى لئلا يُشوش على غيره، وإن لم يكن لا هذا ولا هذا، فليفعل ما فيه الأصلح لقلبه والأنشط له والأيسر عليه.

 

11- الأفضل في صلاة الليل طول القيام مع كثرة الركوع والسجود، والأفضل أن يُصلي المُسلم ما يستطيع حتى لا يمل، فإن ارتاحت نفسه للتطويل أطال، وإن ارتاحت نفسه للتخفيف خفَّف، يفعل ما فيه الأخشع له والأصلح لقلبه، وما يجد فيه لذة العبادة.

 

12- يجوز أحيانًا فعل قيام الليل جماعة من غير أن يُتخذ سنة راتبة، والأفضل أن يُصلي المُسلم التهجد وحده مُنفردًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جماعة وصلى مُنفردًا، لكن كان أكثر تطوعه مُنفردًا، وثبت عنه أنه صلى بحُذيفة مرة وابن عباس مرة وبأنس وأُمه واليتيم مرة، وبابن مسعود مرة وبعوف بن مالك مرة، وصلى بأنس وأُمه وأُم حرام خالة أنس مرة، وصلى بعتبان بن مالك وأبي بكر مرة، وأَمَّ أصحابه في بيت عثمان مرة، ولكن لا يتخذ ذلك سُنة راتبة، وإنما إذا فعل ذلك أحيانًا فلا بأس إلا صلاة التراويح، فإن الجماعة فيها سُنة دائمة.

 

13- السُنة لمن قام يصلي بالليل أن يختم تهجده بالوتر.

 

الأسباب المُعينة على قيام الليل:

من الأسباب المُعينة على قيام الليل ما يلي:

1- معرفة فضل قيام الليل ومنزلة أهله عند الله تعالى، وما لهم من السعادة في الدنيا والآخرة، وأن لهم الجنة، وقد شهد الله لهم بالإيمان الكامل، وأن قيام الليل من أسباب دخول الجنة ورفع الدرجات في غُرفها العالية، وأنه من صفات عباد الله الصالحين، وأن شرف المُؤمن قيام الليل، وأنه مما ينبغي أن يُغبط عليه الإنسان المُؤمن.

 

فمن عرف فضل هذه العبادة، حرص على مُناجاة الله تعالى والوقوف بين يديه في ذلك الوقت.

 

2- النظر في حال السلف والصالحين في قيام الليل، ومدى لُزومهم له، فقد كان السلف يتلذذون بقيام الليل، ويفرحون به أشد الفرح.

 

3- معرفة كيد الشيطان وتثبيطه عن قيام الليل والترهيب من ترك قيام شيء من الليل.

 

4- معرفة قِصَر الأمل وتذكُّر الموت، فذلك يُذهب الكسل ويدفع على العمل، ويُزهد في الدنيا ويُرغب في الآخرة.

 

5- معرفة قيمة الوقت واستغلال أوقات الصحة والفراغ بالعمل الصالح.

 

6- الاجتهاد في حال الصحة والفراغ، والإقامة في الأعمال الصالحة، ومعرفة أنه يُكتب له الأجر إذا مرض أو شُغل أو سافر.

 

7- الحِرص على النوم مبكرًا؛ ليأخذ قوة ونشاطًا يستعين بذلك على قيام الليل وصلاة الفجر.

 

8- الحِرص على آداب النوم، وذلك بأن يتوضأ ويصلي ركعتين قبل النوم، ثم يدعو بما ثبت من أذكار النوم، ويجمع كفيه ثم ينفث فيهما، ويقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، ويقرأ آية الكرسي والآيتين من آخر سُورة البقرة، ويُكمل أذكار النوم، وهذا يكون من أسباب الإعانة على قيام الليل، وعليه أن يأخذ بالأسباب بأن يضع ساعة عند رأسه تُنبهه، أو يُوصي من حوله من أهله وأقاربه أو جيرانه أو زملائه أن يُوقظوه.

 

9- الاهتمام بعدم الإكثار من الأكل، وألا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال التي لا فائدة فيها، ولا يترك وقت القيلولة بالنهار، فإنها تُعين على قيام الليل.

 

10- البُعد عن الذنوب والمعاصي؛ لأنه بسببها قد يُحْرَمُ العبد الخير الكثير كقيام الليل.

_____________________________________________________________
الكاتب: عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني