ضع بصمتك في تاريخ أمتك
منذ 2011-10-05
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ}
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه؛ وبعد..
في ظِلّ هذه الظروف التاريخية العصيبة، التي تمر بها أمتنا الحبيبة، تلك الظروف التي هي كالليل المُدلَهــِمِّ ظلامُه في ليالي المُحَــاقِ الحالكاتِ السَّواد!!
في ظل هذه الظروف العصيبة أدركنا جَلِيّاً كم أن الأمة تحتاج حاجة ماسَّة إلى جيلٍ نموذَجِيٍّ يبني المرحلةَ المقبلة في تاريخها، ويُسَطِّر بمِدادِ أقلامه، وعرقِ جِبَاهِهِ تاريخها المجيد في هذه المرحلة، كما سطَّره أجدادُه من قبلُ بدمائهم في صفحاتٍ من نورٍ، رقص لها التاريخُ طَربَاً، وصفَّقَ لها إعجــابا ًووُجْــداً!!
نعم..
إن التاريخ يسجل كل شيء، ويسطر في طَيَّات صفحاته كل حَدثٍ عظيمٍ، وكل أمر جسِــيم؛ بَيدَ أنه يحتفظ بالانتصارات والإنجازات في صفحاتِ مجده، وطَوامِير سُؤدُدِه وشرفه؛ وفي الوقت ذاتِه يحتفظُ بالهزائمِ والإخفاقاتِ في مزبلته تلك التي لا ترحم!!
وأمَّا أن يترك التاريخ حدَثاً لا ينظر إليه، أو واقِعةً لا يَحفَلُ بها أو يهْتَم.. فلا.. وألفُ لا!!
إذاً.. فالمرحلة التي نعيشها الآن واقعا ًحيا ًستكون بعد عقود ٍوقرونٍ أخباراً تُروى في كتب التاريخِ والسِّيَر؛ فإما أن تكونَ لنا أو علينا.. إما أن نُذكَر في صفحاتِ المجدِ والعزَّة، أو في مَزبلةِ الفشلِ وحَمأةِ التَرَدِّي العَفِنة المُنتنة!!
من هنا.. كانت هذه الكلمة لإخواني حَاثاًّ إياهم على ترك بصماتهم في تاريخِ أمَّتهم الحافلِ المجيدِ .
نعم أحبتي.. لا بد لكل منا أن يترك بصمته في تاريخ هذه الأمة التي شرَّفَه الله عز وجل بالانتِسَاب إليها؛ لأن هذه هي رسالته في هذه الحياة الدنيا..
نعم.. تلك هي رسالة المسلم الغالية الرفيعة!! وهذه غايته السامية النبيلة!! التي اقتضاها قول رب العالمين {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56، 57].
ولنا أن نسأل: لماذا وصلنا أحبتي إلى هذا الحال البـَئِيـس؟! ولماذا وصلت أمتنا الحبيبة إلى هذا النفقِ المظلِم القَاتِم؟! تُرَى هل هي القِلَّة؟!
كلا.. وألف كلا.. فالمسلمون كثيرون.. ملءُ الفضاء، وكِظَّةُ الأرض والسماء، لكنهم وا أسفاه غُثاء!!
ما المعنى أن أكون مسلما سلبيا؟ لا أضع بصمتي في حياتي الخاصة؟ أو حياة أسرتي؟ أو مكان عملي؟!!
فضلا عن كوني من الواجب عليّ أن أضعها في مجتمعي بأسره.. بل وفي العالم قاطبة؟!!
نعم أحبتي إنه سـؤال صريح!!
أين بصمتك في تاريخ أمتك؟!!
وبعبارة أَدَقُّ وأَصرَح.. ماذا قدمت لدين الله عز وجل؟!!
سؤالٌ ثقيلٌ.. يحتاج إلى جوابٍ نموذجي عملي تطبيقيّ.. يظهر أثره واضحا جليا، مُرضِياً مَرضِيّاً عند رب العالمين..
أَلَا فهَلمُّوا هلُمُّوا معاشرَ الشبابِ المسلمِ الفَتِيِّ، لنَبنِيَ حضارةَ دولةٍ، ومجدَ أمَّةٍ، معتقدينَ موقنينَ أن الجزاء من جنس العمل {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]؛ {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20].
هذه نصيحتي، وتلكم وصيتي، ولَعَلِّي بهذا كما قال"صخرٌ":
لعَمرِي لقد نبَّهتُ من كان غافــلاً *** وأَسمَعـتُ مـن كانت له أُذُنان
هذا.. وكتبت هذه المقالة؛ وبحسبي منها أن يكون لي عند الحقيقة ذخرها، وعند الجمال شُكرها، وعند الله أجرها..
إبراهيم بن نبيل سابق
باحث شرعي - حاصل على ليسانس دراسات إسلامية - شعبة الشريعة - بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف
- التصنيف: