هل تصمد سيناء أمام الأطماع الصهيونية؟؟؟

منذ 2011-10-06

هل تصمد سيناء أمام الأطماع الصهيونية؟؟؟

قد تسأل ولك الحق، هل هناك أطماع صهيونية في سيناء؟ دعني أضع بين يديك بعض الدلائل وأترك لك أن تحكم بنفسك:

أظهر المعهد الديمقراطي التابع للكنيست الإسرائيلي في استطلاع للرأي، أن 89% من الإسرائيليين يؤيدون إعادة احتلال سيناء، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ30 لتوقيع معاهدة "السلام" المصرية-الإسرائيلية التي عادت بموجبها سيناء إلى أحضان الوطن بعد سنوات من الاحتلال الذي استمر من 1967 حتى استعادة آخر شبر من أراضيها (طابا) عام 1989. وهو ما يعني أن النوايا منعقدة، ولكن يبقى التوقيت فقط.

ما تم الإعلان عنه مؤخرًا من اكتشاف محاولات لليهود للتملك في سيناء بطرق احتيالية والمتورط فيها لواء شرطة سابق!!!

طلب إسرائيل مؤخرًا إنشاء فندق لليهود في العريش بتكلفة 500 مليون دولار، وهو ما يعني تكوين بؤرة استيطانية في سيناء.
تصريح بعض أهالي رفح أن هناك من ساومهم على شراء أراضيهم بأسعار مغالى فيها جدًا. (صحيفة المصريون)

ذلك السيناريو مخيف جدًا، ويعني أن الأطماع واضحة جلية وإن كانت مؤجلة لحين تصل مصر إلى مرحلة أشد من الترهل والضعف.

فكيف يمكن لمصر مواجهة الأطماع الصهيونية العسكرية والاستيطانية في سيناء ووأدها قبل أن تبدأ (بإذن الله قطعًا)؟

قبيل حرب رمضان/أكتوبر سعت مصر إلى البحث في كيفية حشد جنود الاحتياط في مدة زمنية قصيرة، هذا الأمر كان سيساعد على إتاحة الفرصة لكثير من الجنود للعودة لممارسة أعمالهم المدنية واستدعائهم وقت الحاجة خاصة بعد أن طالت فترات تجنيدهم لسنوات طوال، ولكن بعد دراسة الأمر تبين أن أفضل معدلات التعبئة العامة في العالم تتحقق في دولة أوروبية تطبق نظام استدعاء الاحتياط طبقا للتوزيع الجغرافي، فمثلًا لو تم تطبيقه في مصر يدافع أهل الإسكندرية عن الإسكندرية، وأهل سيناء عن سيناء، وهكذا.

وبالتأكيد ذلك النظام لم يكن مفيدًا في معركة مصر المصيرية مع الكيان الصهيوني، حيث يتركز التوزيع السكاني حول وادي النيل الضيق، في حين تقع إسرائيل بقرب منطقة منخفضة التوزيع السكاني (سيناء ومدن القناة). فاضطرت مصر إلى الاستمرار في استعمال نظام التجنيد الدائم لحشد الجنود و استمرار تجنيدهم لسنوات طوال.

ولكن إذا أعدنا ترتيب العبارات السابقة، سنصل إلى نتيجة مفادها، أن تعمير أي أرض وتنميتها يضمن كثافة سكانية عالية، مما يضمن بالتالي وجود قوة عسكرية احتياطية يمكن حشدها بسرعة كبيرة للدفاع عنها أو على الأقل لتلقي الصدمة الأولى لحين استكمال التعبئة العامة.

ليس هذا فحسب، بل إن وجود كثافة سكانية عالية يحول المعادلة من جيش في مواجهة جيش، إلى جيش في مواجهة جيش+مقاومة شعبية، ودعني أعرض لك أمثلة من التاريخ المصري تجعلك تدرك أهمية هذه المعادلة:

من المعلوم أن غارات الصليبيين على دمياط والمنصورة سحقت وسط كتلة السكان المتقدمة في براري الدلتا، بينما أن غارة لهم بطريق سيناء والصحراء نجحت في تهديد مشارف القاهرة.
و حملة الانجليز على رشيد 1807 ضربت بالمقاومة الشعبية، ثم بعد ذلك في كفر الدوار أيام عرابي، في حين نجح نفس العدو حين استدار عن الإسكندرية إلى القناة والتل الكبير في شبه الفراغ العمراني.
بل أن هذا السبب بعينه هو ما دفع اليهود إلى التوقف في فراغ سيناء رغم تدمير الجيش المصري بشكل شبه تام في حرب 67، خوفًا من غرقه في كتلة السكان المصرية الكبيرة.

نفس هذا الأمر موجود في سنة معلم البشرية -صلى الله عليه وسلم- عندما أراد بنو سلمة أن ينتقلوا من ديارهم في ناحية المدينة، إلى قرب مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطلب منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الاستمرار في أرضهم، ففي حديث جابر في صحيح البخاري قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم : «إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد»، فقالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك. فقال: «بني سلمة ‍دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم» -وفي رواية فقالوا: ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا.

وهو حديث عظيم في فضل المشي إلى المساجد ولكنه لا يقصد به تعمد المشقة كما يظن البعض، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ما يفسره فإنه صلى الله عليه وسلم كره أن تُعرّى المدينة قِبَل ذلك، لئلا تخلو ناحيتهم من حراستها.

ما نريد أن نصل إليه اليوم، أن تنمية سيناء وتعميرها، هو أمر لا مفر منه في مواجهة الأطماع الصهيونية المتزايدة، والمقصود بالتنمية هنا هو تنمية صناعية تكنولوجية زراعية مع توعية دينية، حتى تبنى أجيال قادرة على المواجهة، وليس إقامة مساحات شاسعة للعري والفجور والتخلي عن ضوابطنا الإسلامية بزعم التنمية. وأريدك أن تحكم بنفسك هل يستطيع هؤلاء مواجهة الصهاينة؟

ومن المخجل أن تمتلك إسرائيل وزارة لتنمية صحراء النقب وهي الامتداد الطبيعي لصحراء سيناء في حين لا تمتلك مصر وزارة لتنمية سيناء مع كل الأخطار التي تواجهها، ومن المخجل جدًا أن يتم تجميد المشروع القومي لتنمية سيناء رغم أهميته الكبيرة، إننا نريد عاجلًا وفورًا تخصيص وزارة لتنمية سيناء وبذل كل السبل المتاحة لجذب الاستثمارات إلى أرضها، حتى لا نكتب بعد عشرين عاما مقالًا عن كيفية استعادة سيناء.

ونكتفي اليوم بهذا القدر لعدم الاطالة.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم.
محمد نصر
08 – جمادى الآخرة – عام 1431
22 – مايو – 2010

ملاحظة: ما ذكرناه من اقتراحات هي من الأسباب التي أمرنا رب العالمين أن نأخذ بها، ولكن يبقى أن نؤكد أنه سيظل دائمًا وأبدًا {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ}، ويحضرني كمثال غزوة حنين ببدايتها ونهايتها.

المصادر:
"مذكرات حرب أكتوبر" للفريق سعد الدين الشاذلي.
كتاب "شخصية مصر" للدكتور جمال حمدان.