الخطاب للمرأة غير الخطاب للرجل
خطابك العقلي للذكور ينبغي أن يتبعه خطابٌ عاطفيٌّ عندما تُوجِّهه للأنثى حتى يكون له القبول والتسليم، والله تعالى أعلم.
تأملت آيات بشارة الله بالولد لكل من زكريا ومريم عليهما السلام، فوجدت أن الله تعالى رد بطريقة مختلفة على استغراب كل منهما بوجود الولد مع وجود المانع؛ فعندما قال زكريا عليه السلام: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [مريم: 8] في سورة مريم كان الرد منه تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9]، وفي آل عمران رد الله على استغراب زكريا عليه السلام بقوله: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 40].
أما الرد على استغراب مريم عليها السلام فكان مختلفًا، ففي سورة مريم بعد أن قالت عليها السلام: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [مريم: 8] ردَّ اللهُ عليها بقوله: {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم: 21]، وفي آل عمران قال تعالى: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: 47 - 49].
فاكتفى في الرد على زكريا بأن الأمر من عند الله، وهو يفعل ما يشاء، فليس لك الا التسليم، أما في حديثه تعالى لمريم عليها السلام فإنه اتبع الذكر بأن الله يفعل ما يشاء ببشارات متعددة بما سيكون عليه ذلك المولود، فمع استسلام كل منهما لقضاء الله وقدره، كان لمريم عليها السلام- وهي الأنثى وموقفها الأصعب - بشارات مطمئنة لها ولبركات ذلك المولود عليها وعلى قومها.
ولعل في ذلك درس لنا في كيفية خطاب الذكر وخطاب الأنثى؛ فخطابك العقلي للذكور ينبغي أن يتبعه خطابٌ عاطفيٌّ عندما تُوجِّهه للأنثى حتى يكون له القبول والتسليم، والله تعالى أعلم.
________________________________________________________
الكاتب: د. فهد القرشي
- التصنيف: