وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ
ولكى تدوم المودة التى هى عطاء ربانى للزوجين تنمو عندما يعطى كل طرف و لا ينتظر العوض من الطرف الأخر بمعنى أن تكون العلاقة خالصة لله فحينها يطلع الله على ما فى قلبكما فيجد كل طرف يراعى الله فى علاقته بالآخر
إن الزواج ليس بالمثالية التى تعرضها الأفلام ويتغنى بها المطربون فعندما تحدثت الآيات عن العلاقة الزوجية وصفها أنها مودة ورحمة إذ يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
المودة تكون نتاج مواقف وأفعال متراكمة تدل على الحب فهو شعور أعمق من الحب فالتغافل عن الأخطاء والتفهم لشخصية الطرف الآخر والحوار الناجح وأن يرحم كل منهما ضعف الآخر كل ذلك تعبير عن الحب وإن لم يكن بالكلمات و تراكم هذه المواقف على مدى السنين ينتج عنه المودة التى يتحدث عنها القرآن فالحب وحده لا يكفى لصناعة حياة زوجية ناجحة
ترى عمر بن الخطاب عندما يأتيه رجل يريد أن يطلق زوجته فسأله عن السبب قال له الرجل لأنى لم أعد أحبها فقال له عمر بن الخطاب ويحك أوكل البيوت تبنى على الحب فأين الرعاية والتذمم ؟ معنى التذمم أى التحرج من أن يصبح الرجل مصدرًا لتفريق الشمل وشقاء الأولاد
إن الحب يحتاج إلى جهد مشترك من الطرفان حتى يستمر وأى تقصير فى هذا الجهد يؤدى إلى التباعد والخلاف بينهم الذى قد يجعل البعض يهدم بيته ويذهب ليبحث عن من يلبى له احتياجاته وقد يكون الخلاف نتيجة اختلاف طبيعة الرجل عن المرأة وكيف يفكر كل منهما فإذا وقف كل منهم موقف الآخر ونظر من زاويته فقد يتفهم لماذا يتصرف الطرف الاخر هذه التصرفات وكيف يتعامل مع المشكلة
نعم إنهم متساويان أمام الله فى الثواب والعقاب يوم القيامة إذ يقول تعالى :" فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ " سورة آل عمران ولكنهم مختلفان فى وظيفة كل منها فى الحياة فللرجل مهمة وللمرأة مهمة ودون الوعى بطبيعة الاختلاف بينهم يؤدى إلى مشاكل كثيرة لأن الرجل يريد من المرأة أن تفكر بطريقته والمرأة تريد من الرجل أن يشعر بما تشعر به ولا يدريان أن الاختلاف بينهما اختلاف تكامل كل منهم يكمل حياة الآخر فعليهما أن ينظرا إلى مميزات هذا الاختلاف بدلا من أن نسمع من النساء أن الرجل بحر عميق وعلى العكس نسمع الرجال يقولون على المرأة أنها لغز محير
إن الرجل عندما يلعب لعبة مع أصدقائه يهتم بأن يكون هو الفائز فى النهاية لكن فى العلاقات الزوجية فالأمر مختلف فليس لطرف أن يربح على حساب طرف آخر إنما أن يربح الطرفان هذا هو سر الزواج السعيد المبنى على المودة والرحمة وليس المكسب والخسارة فالحب يجعل الإنسان يمرر أمور كثيره من أجل أن يبقى مع حبيبه إلى النهاية
والمتأمل فى طبيعة كل منهما يجد أنهما مختلفين فى طريقة الحوار والتفكير وردود الأفعال والإستجابة واسلوب التعبير عن الحب وغيرها من الاختلافات التى تجاهلها يؤدى الى نهاية العلاقة فى الداخل بالرغم من أنهم ظاهريا أمام الناس أزواج
فمثلا هناك من الرجال من يتحدث مع زوجاته بنفس الطريقة التى يتحدث بها إلى رجل مثله ثم يتعجب إنها لم تؤت ثمارها وقد يتسبب فى أذى نفسى للزوجة وهو لا يدرى وبالمثل بالنسبة للزوجة فعندما تتجاهل طبيعة الرجل وأنه يحتاج إلى التقدير فتنتقد أفعاله مثلا فتقول له ما كان يجب أن تتصرف هكذا أو هذا التصرف خطأ فيكون سبب فى فقدان الثقة بين الطرفين وانزواء كل منهما فى عالمه الخاص بعيدا عن الآخر
لكن إذا اقترب كل طرف من شخصية الطرف الآخر وعرف أن الاختلاف طبيعى بل هو رحمة بالمرأة والرجل فيكون هذا سبب فى خلق جو من الحوار الإيجابى والتفاهم المتبادل ويستطيع كل طرف أن يرى الموقف من وجهه نظر الطرف الآخر عندما يتفهم طبيعة الإختلاف
فاختلاف طبيعة الرجل عن المرأة يرجع لبعض الأمور التى منها اختلافهما فى التفكير
بداية الرجل يستخدم الشق الأيسر من المخ فى التفكير والتصرفات والمرأة تستخدم الشق الأيمن ولذلك نجد الرجل منطقياً فى تفكيره أما المرأة فتحكمها العاطفة فى تصرفاتها أما بالنسبة للعلاقات فهى قائمة على التنافس بينه وبين أقرانه لكن المرأة علاقتها قائمة على التعاون مع من حولها وانها تقدر الحب والمشاعر وتبنى علاقات طوال الوقت بل وتتباهى وتتفاخر بمراعاة مشاعر الاخرين ورعايته فعلاقتها ببنات جنسها مبنية على تقديم النصح والارشاد فهو دليل حب عن المراة وليس تسلط على الرجل
يقول مأمون مبيض : إن الرجل يتصرف دائما وكأنه على حق مما يجعل المرأ ة تشعر بعدم صحة مشاعرها وعواطفها بينما المرأة عندما تعبر عن عدم موافقتها لموقف فعله الرجل فإنها تشعره أنه غير مقبول لها كلياً فيجعله يأخذ موقفاً دفاعيا
كما أنه يشعر بالفخر عندما يحقق الأهداف بمفرده ولا يرضى أن يحققها أحد نيابة عنه فالاستقلالية بالنسبة له تعنى الكفاءة وعندما تدرك المرأة طبيعة الرجل تدرك لماذا يقاوم الرجل محاولتها لتصحيح أخطائه أو إعطائه التعليمات فهذه إشارة منها ضمنية أنه عاجز عن تحقيق ما تريده وهذا يزعجه كثيرا على عكس المرأة التى تعتبر النصيحة أو المساعدة من الناس دليل محبة واهتمام وليس دليل ضعف منها او عجز
اختلافهم فى دوافع العطاء والعمل
فالمرأة تعطى عندما تجد من يرعاها ويهتم بها والرجل يعطى عندما يشعر أن هناك من يحتاج له
اختلافهم فى طريقة التفكير
مثال لتفكير المرأة فهى عندما تذهب لحفل وترى أن هناك من يلبس مثلها فإن الدنيا تسود فى عينها وتحجم عن ارتداء الفستان مرة آخرى أما الرجل عندما يذهب إلى المناسبة لا يهمه فى شىء أن يرتدى رجل آخر مثل بدلته أو قميصه وهذا يرجع إلى أن الرجل يفكر بعقليه الدقيقة الأخيرة أما المرأة فهى تعيش بعقلية الاهتمام بالتفاصيل والتحضير للأشياء بالنسبة للمرأة
هل تسمعنى ؟
إن المرأة عادة ما تشكوأن الرجل لا يسمعها وإن سمعها فإنه يبدأ فى إملاء الحلول وممارسة دور الموجه والمرشد وهو لا يدرى أنها فقط تريد من يستمع لها ويتعاطف معها ويتفهم مشاعرها
إنه يريد مساعدتها لتشعر بتحسن عن طريق حل مشكلاتها إنه يريد أن يكون ذا نفع بالنسبة لها ويعتقد أنها ستقدره لأجل ذلك ومن ثم يكون مستحقا لحبها لكن المفاجأة أنها مجرد أن يقدم لها حلاً تضيق به فيشعر هو أنه رفض ومن ثم لا ينصت لها ولا يستمع لشكواها وهو لا يدرى أنه بمجرد استماعه بتعاطف واهتمام يكون أكثر نفعا نأخذ مثلا على ذلك
فقد تشكو المرأة من العمل ومن متاعبه وصعوبه التعامل مع الناس فإذا بزوجها يقول لها اتركيه طالما مسبب لك المشاكل فإذا بها تتعجب من هذا الحل هى لا تريد أن تتركه إنما تريد من يتعاطف معها ويتفهم مشاعر الضيق التى تحس بها
والسؤال هنا ما الحل أن لا يقدم لها حلا لمشكلاتها ؟ لا ليس هذا المقصود إنما المقصود أ ن يقدم لها الحل فى الوقت المناسب بعد أن تكون هدأت وأخرجت كل المشاعر السلبية التى تحس بها
فكم هو مهم عند المرأة أن تجد من يدعمها ويشجعها ويقدم لها الرعاية وليس معنى ذلك أنه يتركها عندما تكون منزعجة لأنه يفعل ذلك عندما يكون فى مثل حالتها ولكنها تريد من يتفهمها ويتعاطف معها
وقد تكون نفس الشكوى من الرجال أيضا أنها تحاول دائما تغييره ونصحه وكأنها مسئولة عن تصرفاته وأنه ملك لها تشكله كيف تشاء والترجمة الفعلية لهذا التصرف عند الرجل أنها تحاول أن تتحكم فيه وهو ما يرفضه الرجل طبعا وغاب عن المرأة أن الرجل يجد نفسه فى القيادة وتحقيق النتائج وما لديه من اكتفاء وهو قادر على حل مشاكله بنفسه لذلك فهو يقاوم بشدة أى محاولة للنصح أو إخباره أن عليه أن يفعل كذا وكذا
ومن الأمثلة على هذه النصائح التى قد يتجاهلها الرجل بل ويعتبرها إهانة مثل ان تقول له لا تضع هذا الشىء هنا ؟القميص لونه غير متماش مع البنطلون أو مكتبك غير مرتب كيف تعمل هكذا ؟! يجب ان نزور أقاربنا
جربتِ كل هذه النصائح ولم يستجب جربى هذه المرة أن تتوقفى عن إسداء النصح طوال الوقت أو الانتقادات فستفاجئين بالردة الفعل أنه سيكون أكثر انتباها وحرصا على رعايتك وإذا أردت أن تسدى له نصيحة فتختار الطريقة دون إعطاء محاضرة فى الأمر فمثلا قد لا يعجبها تصرف معينا أو لبس معين تستطع أن تختار لون تحبه وتشجعه على لبسه بأن تقول له أنا أحب أن أراك بالقميص كذا والبنطلون كذا تبدوا وسيما إذا ارتديته أو تطلب منه أن يأخذها معه عندما يشترى ملابسه لتشاركه الاختيار
ومن الفروق أيضا بين الرجل والمرأة فى التعامل مع المشكلات
أن الرجل إذا قابلته مشكلة التزم الصمت وينعزل قليلا عن الآخرين وقد تحدث كثير من المنازعات بسبب صمت الرجل وقد يساء فهم الصمت عند الرجل فتظن المرأة أنه أنانى معتد بذاته لا يبالى بمشاعرها وهذا كله نتيجة سوء فهم طبيعة الرجل وهنا لا يتدخل الحب والعاطفة ليصلح الموقف فالامر لا يتعلق بمدى حب الرجل للمرأة
خذ لذلك مثال تشعر الزوجة أن زوجها متضايق وتراه قد آثر الصمت فتحاول أن تتحدث معه هل هناك مشكلة فيقول : لا شىء فتسأله بما تشعر؟ هل أنت بخير ؟ فيقول : أنا بخير فقط اتركينى وحدى تقول كيف تعاملنى بهذه الطريقة ؟ إنك لم تعد تحبنى
ليس معنى أنه لا يريد أن يتحدث عن مشكلته أنه لا يحبك
فعندما يقول الزوج لزوجته أنا بخير فقد تفهمها هى أنى لا أثق بك والترجمة لها أنى لا أحب أن أشغلك معى شكرا لاهتمامك مثلا
وعندما يقول تمام كل شىء تمام فقد تفهمه المرأة إنى لا ابالى بمالشكلة والأمر لا يهمنى
فعلى المرأة أن تتفهم طبيعة الرجل وميله للصمت ولا تستنكر صمته ولا تحاولى مساعدته بتقديم الحلول إلا إذا طلب منك ولا تقلقى عليه لطول صمته أو تتوقعى منه أن يفتح لك قلبه ويحكى مشكلته كما تفعل هى مع زميلاتها ا ولتشغل نفسها بعمل مفيد يجعلها سعيدة مثل زيارة صديقة أو عمل خيرى أو قراءه ورد القرآن اليومى أو ممارسة هواية أو رياضة أو الانشغال مع الاولاد وحين يجد حلا لمشكلته سيعود إليك
وهنا يكون الوقت المناسب للتحدث معه
على الجانب الآخر نجد المرأة حين تواجهه مشكلة أول شىء تفكر فيه هو أن تبحث عن من يشاركها المشكلة وتحكى لها بالتفصيل لتشعر حينها بتحسن وهى لا تراعى الأولويات فى المشكلة ولكنها عندما تكون متضايقة سواء كانت المشكلة صغيرة أو كبيرة المهم أنها ترتاح بالفضفضة والتعبير عما يؤرقها وهذا عكس ما يحس به الرجل
كما أن الرجل عند حدوث مشكلة يركز فى المشكلة ووعيه ينحصر فيها أما المرأة تتحدث عن مشكلتها وتربطها بمشكلات فى الماضى ومخاوف من المستقبل وهكذا تتوسع فى الحديث والكلام تبحث عن الطمأنة والشعور بالأمان
فعلى المرأة أن تحترم حاجة الرجل للإنعزال عند حدوث مشكلة وتتفهم أنه من الصعب عليه أن يعطيها الانتباه والتركيز فى محاور آخرى فتؤجل مناقشة المواضيع التى تحتاج إلى تركيز لوقت آخر
ولتتذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختلى بنفسه أياما فى غار حراء للتفكر قبل البعثة النبوية ولم تكن السيدة خديجة تعترض طريقه أو تعيب عليه انشغاله عنها بالأيام بل كانت تحترم ذلك فيه وتقدره
ومن جانبه الرجل يدرك مدى حاجة المرأة للفضفضة والتعبير عن مشاعرها ولا يعتبرها مجرد ثرثرة لا طائل منها ولا يطلب منها تغير طبعها
ولنا فى رسول الله أسوة حسنة كيف كان مستمع جيدا لزوجته رغم مشاغله الكثيرة فهو قائد الأمة وكان يستقبل الوفود ويجيش الجيوش للغزو ويقضى بين الناس ويكابد من أجل ايصال رسالته للناس وبالرغم من ذلك تحدثه السيدة عائشة حديثا طويلا عن صويحباتها وهو يستمع لها وقد وضعه البخارى فى باب حسن معاشرة الأهل
أن عائشة قالت جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا قالت الأولى زوجي لحم جمل غث على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل قالت الثانية زوجي لا أبث خبره إني أخاف أن لا أذره إن أذكره أذكر عجره وبجره قالت الثالثة زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق قالت الرابعة زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة قالت الخامسة زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد قالت السادسة زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث
قالت السابعة زوجي غياياء أو عياياء طباقاء كل داء له داء شجك أو فلك أو جمع كلا لك قالت الثامنة زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب قالت التاسعة زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد قالت العاشرة زوجي مالك وما مالك مالك خير من ذلك له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك قالت الحادية عشرة زوجي أبو زرع وما أبو زرع أناس من حلي أذني وملأ من شحم عضدي وبجحني فبجحت إلي نفسي وجدني في أهل غنيمة بشق فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق فعنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتقنح أم أبي زرع فما أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة ويشبعه ذراع الجفرة بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها وغيظ جارتها جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع لا تبث حديثنا تبثيثا ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ولا تملأ بيتنا تعشيشا قالت خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا وأخذ خطيا وأراح علي نعما ثريا وأعطاني من كل رائحة زوجا وقال كلي أم زرع وميري أهلك قالت فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع قالت عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أنَّ أبا زرعٍ طلَّق ، و أنا لا أُطلِّقُ»
هل رأيت كيف رد عليها رسول الله و هدأ من مخاوفها
والآن ماذا عنك أنت ؟ أنت أم رسول الله بمشاغله وهمومه يحمل هم هذا الدين وهم أمة بأكملها وأنت بالكاد تحمل مسئولية بيتك ؟
أرجوك افهمنى
هناك كلمات أسيىء ترجمتها من قبل الرجل قد تؤثر على قوة العلاقة بين الزوجين والترابط بينهما مثل أن تقول الزوجة أنك لم تنصت إلى أبدا فهى لاتقصد المعنى الحرفى للكلمة إنما هى تنم عن شعورها بالأحباط فى هذه اللحظة وليس على مدى حياتها معك
عندما تقول لك أنك لا تهتم بى تعنى اهتم بى أو أحضر لى هدية أو دللنى
وعندما تقول أنى متعبة ولا أستطيع القيام بعمل هذا لا يعنى أنها توجه اللوم للزوج أنه يجب عليه أن يعمل أكثر لأنها تعمل كل شىء ولكنها تعنى " أنى مجهدة اليوم " لأنى قمت بأعمال كثيرة واحتاج لبعض الراحة حتى استعيد نشاطى فعليه وقتها أن يشعرها أنها تستحق بعض الراحة
وعندما تقول "أنك لم تعد تحبنى "يترجمها الرجل كيف ذلك وقد أعطيتك أفضل سنوات عمرى أو كيف ذلك وقد خرجت معك للنزهة الأسبوع الماضى إنها فقط تعنى بهذه الكلمات انى اعلم انك تحبنى ولكن اهتم بى الآن
وقد يتأخر الزوج فى عمله ويعود إلى البيت متأخرا فيكون سؤال الزوجة المعتاد لماذا تأخرت هكذا ولما لم تتصل بى ؟ فيفهم الزوج من كلامها أنه ليس هناك سبب يستدعى التأخير أو أنك عديم المسئولية
وكان من الممكن أن تقول أنا كنت قلقة عليك فإذا سمحت إذا كنت ستتأخر مرة أخرى أرجوا أن تتصل بى تطمئنى عليك وهو يعتذر لها على تأخيره إنه حوار المشاعر وليس المسئولية وتبادل الاتهامات
عندما ينسى الرجل القيام بعمل ما يكون الرد من الزوجة فى المعتاد أنت هكذا دائما تنسى ما أطلبه منك فيفهم الرجل أنك رجلا لا يعتمد عليك فكان من الأولى لها أن تقول له أن هذا الأمر تحبه و يسرها أن يكون عندها
وهكذا اذا استخدمت عبارات أفضل لتوضيح مقصد كل منهما لكان أيسر عليهما فى التعامل ويقلل من المشكلات اليومية التى تحل بكلمة
ليعلم الرجل أن هذا الحوار وهذه الكلمات لا تدل على المعنى الحرفى لها ولكن تعنى أنها تطلب زيادة الاهتمام وشعور بالآمان وهذا ما تحتاجه
المرأة من الرجل أن يشعرها بالآمان وأنه لن يطلقها فى أى وقت ولا تحت أ ى ضغط وأنه لن يستغنى عنها وذلك يتطلب استمرار طمأنه الرجل لها بمواقف وعبارات كما فعل نبينا الكريم فى القصة السابقة فقد فهم المقصد الذى تريده السيدة عائشة من القصة فقال لها ولكنى لا اطلقكك
يحتاج لكل منهما أن يعيش مع الآخر بخلق التغافل والتسامح فالزوج الذى لا يصفح بل ويتصيد الأخطاء زوج قاسٍ وأن القسوة لها أثر غير طيب على علاقته بزوجته فتذكر أنك لست الآله الذى يحاسب ويراقب الأخطاء
يحتاج الرجل إلى أن تتقبله زوجته كما هو دون محاولة تغيره وتتر ك له أمر التغيير إذا أراد أن يتغير فتبحث عن نواياه الحسنة فى العمل ولا تتصيد أخطاءه
وتحتاج المرأة أن تشعر أن الرجل يستمع إليها ويتفهم مشاعرها
يحتاج الرجل إلى التشجيع من المرأة وأنها ترى فيه فارس أحلامها وتريد المرأة من الرجل أن يؤكد لها على حبه فى كل وقت
يحتاج الرجل أن يشعر أن زوجته تثق فيه ولا تحاصره
يحتاج الرجل من زوجته أن تقدر ما يبذله من أجلها
تحتاج المرأة لمن يحترم وجهه نظرها ولا يتفه منها فهناك من الأزواج من اذا تحدث إلى زوجته كأنه يتحدث إلى جارية عنده ويعاملها أنها لا تفهم شيئا أو يعاملها كقطعة أثاث فى البيت ناسيا أن النبى كان يستشير زوجاته عندما اخذ برأى السيدة أم سلمة يوم الحديبية وكثير من النساء يعتقدن أن المحبة والرعاية لا تطلب إنما تقدم من غير سؤال ولكن ما لا تعرفه المرأة أن الرجل عندما لا تطلبى منه الاهتمام فإنه يعتقد أنك لا تحتاجينه وأنه يقدم ما يكفيكٍ فعليك أن تطلبى ما تحتاجينه ولا تعتمدى على أحساس الطرف الثانى فالرجال تختلف عن النساء تحتاج إلى الصراحة والمواجهه
وليدرك الرجل أن الزوجة قد تخشى من إهمال زوجها ورفضه لها وهذا يرجع لخطأ فى التربية منذ الصغر على عدم الثقة فى نفسها وقد تكون تربت على كبت مشاعرها واحتياجتها والذى يجعلها تشعر بمشاعر سلبية تجاه أى رفض لاحتياجتها أو عدم الاستجابة لها فتراها تقول فى نفسها إنى لا أستحق وهذا تفسير التضحيات المستمرة من الزوجة تجاه الطرف الآخر وعلاج ذلك أن تنمى المرأة عندها الشعور أنها تستحق وأنها لا تحتاج لتقديم المزيد من أجل حفاظها على زوجها فإذا كنت لا تقدرين نفسك فكيف تطلبى من الآخر أن يقدرك
والذى نخلص إليه أن الرجل والمرأة عالمنا يختلفان عن بعضهما البعض لكن يتفقان فى حاجة كل منهما للآخر وأن كل منهما يكمل الناقص عند الآخر فلا استغناء لطرف عن الآخر وهذا ما أكده القرآن عندما قال " {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (3 إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4) } " فعليهما أن يتقبلا الاختلافات وأن يحترم كل منهما حاجات شريك الحياة ويتفهم دوافعه وأن يتقبل الاختلاف وأنه أمر طبيعى ولولا الاختلاف لما كان التلاقى وحاجة كل منهما لمن يكمله أما إذا سعى طرف ليغير الآخر ليكون نسخة منه فإنه يحكم على العلاقة بالفشل
ولتتذكر الزوجة كيف احتوت السيدة خديجة رضى الله عنها النبى صلى الله عليه وسلم عندما جاءها مهرولا بعدا أن لقى جبريل لأول مرة أنظر إلى ردها الحكيم " كلا والله لا يخزيك الله انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الدهر " فقد زكت فيه مواطن الخير وذكرت له مميزاته وطمأنته بيقين أن الله لن يضيعه وماذا عن أى زوجة آخرى لو تعرضت لهذا الموقف تراها تقول فى نفسها ماذا حدث لزوجى ماذا حدث لعقله هل جن أو أصابه مس من الجن وقد تنصحه أن يذهب لطبيب نفسى ليعالجه
ماذا لو تعلمت كل زوجة كيف يكون لها فى قلب زوجها مكان لا يسكنه غيرها ولو مر الزمان
حتى ليقول عنها بعد موتها كما قال النبى صلى الله عليه وسلم عن السيدة خديجة بعد موتها " كلا والله ما أبدلنى الله خير منها صدقتنى حين كذبنى الناس وواستنى بمالها حين حرمنى الناس "
المرأة فى البئر :
هناك من يشبه المرأة فى تقلب مشاعرها بأمواج البحر فى الانخفاض والارتفاع وهناك من شبه انخفاض مشاعرها حين تشعر باليأس والاحباط واحساس بعد م الثقة بالنفس وتبدأ تتحدث عن النقص فى حياتها و عن المشاكل والعقبات التى تواجهها فى يومها وكأنها تنزل فى بئر عميق
يقول مأمون مبيض فما تلبس المرأة أن تصل إلى قاع البئر حتى تشعر أن هناك من يحبها ويهتم بها فتبدأ الرحلة بالصعود لخارج البئر والشعور بالتحسن الفجائى فما أن تخرج من البئر فتعود نبعا للعطاء والحب والرعاية وترى كل جميل فى الحياة كأنه كان عليها أن تنزل إلى البئر لتمتلىء بالمشاعر والأحاسيس التى تفيض على الآخرين منها عند خروجها من البئر "
فعلى الرجل أن يتفهم أن المرأة إذا نزلت البئر فإنها فى أمس الحاجة إلى تقبله لها وتقديم الدعم والمحبة لها بدلا من أن يؤلمها أو يطلب أشياء لا تستطيع فعلها ويدرك أن تقلبات مشاعرها ليس دليلا على تقصيره أو عدم رعايته لها إنما هى حالة عابرة تمر بها المرأة وعندما تشعر المرأة بدعم وتشجيع وزوجها لها فإنها تبدأ بالثقة من جديد فى علاقتها به مما يجعل هذه الفترات تمر عليها بسلام لتفهم الزوج لها فل يتعلم كيف يحبها وهى فى البئر كما كان يحبها وهى خارج البئر
فإن لم يعش الزوجان حالة من الإيثار العاطفى يؤثر كل طرف فيها سعادة الطرف الآخر
ويتغافل كل طرف عن أخطاء و مساوىء الطرف الآخر فإن النوايا الحسنة لا تكفى للشعور بالسعادة الزوجية فلابد من أفعال تشعر الطرف الآخر بصدق المشاعر
ولتتذكر الزوجة أنها عندما تعطى تعطى ما يحتاجه الزوج فعلا وأن الزوج عندما يعطى يعطى ما تحتاجه زوجته فعلا
هل اذا أطعم العصفور لحما هل يأكله طبعا لا لأنه ببساطة لا يحتاجه ولا يحبه ولكنك تصر أن اللحم مناسب له من وجهه نظرك ؟!
يظن الزوجان أنه بمجرد التقاء الزوجين تحت سقف واحد فقد أصبحا شيئا واحد وامتزجا ببعض فما يُفرح طرف يُسر به الآخر والعكس ولكن هذا تصور خاطىء لأنه يتجاهل الفترة الزمنية التى عاشها كلا الطرفين فى ظروف بيئية وإجتماعية مختلفة من المؤكد أن تكون هذه البيئة تركت بصماتها عليهما وشكلت عادتهما وميولهما وطباعهما فلابد أن يتفهم كل طرف أفكار الطرف الآخر وخواطره وما يشعر به
ففى بداية أى علاقة يحاول كل طرف إظهار أفضل ما عنده ويحاول استيعاب الآخر وتقديره فيظهر كل منهما بصورة خيالية مثالية ثم يشعر كثير من الأزواج بخيبة أمل بعد الزواج لأن التوقعات التى كانوا يتوقعونها من الطرف الآخر تبدلت فإن الفتاة تتوقع من زوجها أن يطيل الحديث معها بعد الرجوع من العمل وغيرها من الأمور التى ترسمها بخيالها فتحبط إذا وجدت العكس وقد يكون إحدى الطرفين بنى فكرته عن الزواج من خلال ما تعرضه وسائل الإعلام فيدخل بتوقعات معينه فيصدم عندما لا يرى الحياة الوردية التى عرضها الإعلام عن العلاقة بين الرجل والمرأة والحب والزواج
وهنا قد يقول البعض حقا إن مرآة الحب لا تبصر " عامية " نحن لا نريد علاقة قائمة على تزييف الواقع والنظر إلى الإيجابيات ونسيان السلبيات لأن ذلك يؤدى إلى أن يصطدم المحب بالواقع ويظن أن الطرف الثانى تبدل
وفى الحقيقة أن الطرف الثانى هوهو من قبل الزواج لكنه كان لا يبصر أو لا يريد أن يبصره وتراه يقول إنى أعيش مع شخص لا أعرفه وقد يؤدى إلى الطلاق فى النهاية لعمق الفجوة بينهم ولكن عندما يدرك كل طرف طبيعة الفوارق بينه وبين الآخر يبقى احترام وتقدير كل طرف للآخر رغم الفوارق بينهم
ولا يقع تحت ضغط أن عليه أن يتغير ليرضى الطرف الآخر فيشعر كل طرف بالراحة مع الطرف الآخر وحينها فقط يسهل على أحدهما أن يعتذر للآخر ويقل الجدال الذى هو آفة أى علاقة ويفسح المجال للغة الحوار بينهما ومن ثم نجا ح هذه العلاقة
ولكى تدوم المودة التى هى عطاء ربانى للزوجين تنمو عندما يعطى كل طرف و لا ينتظر العوض من الطرف الأخر بمعنى أن تكون العلاقة خالصة لله فحينها يطلع الله على ما فى قلبكما فيجد كل طرف يراعى الله فى علاقته بالآخر حينها سيحول قلب زوجكك لك وتتبدل العلاقة لحياة يرضى عنها كلا الطرفين لأنهما جعلا الله غايتهما أولا وأخيراً
- التصنيف: