مسيحيون من أجل "إسرائيل"
منذ 2011-11-02
مسيحيون من أجل "إسرائيل"
إعداد: مجلة البيان
فرز التحرك السياسي الفلسطيني في الأمم المتحدة مرحلة جديدة في هذا الصراع المستمر منذ عقود، يتكشف من خلالها الأعداء وينبروا إلى صف "إسرائيل" تحت ما وصفوا أنفسهم به "الصهاينة المسيحيين"، وكذلك تظهر حالة النفاق السياسي الذي عاشته هذه القضية وحجم القوة المؤيدة لمشروعية الصراع السياسي الفلسطيني منذ بداية مسيرة المفاوضات بين "إسرئيل" والسلطة الفلسطينية عقب توقيع إتفاقية "أوسلو" عام 1991م.
وقال المرشح الرئاسي الجمهوري "ريك بيري" في نيويورك بعد إلقاء كلمة ألقى فيها اللوم على الأمم المتحدة والرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية: "كمسيحي لدي توجيهات واضحة لدعم إسرائيل".
ونظمت مجموعة مقرها الولايات المتحدة تطلق على نفسها اسم "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" خلال الأسبوع الجاري حملة لإرسال أكثر من 45 ألف رسالة بالبريد الإلكتروني لدعم رئيس وزراء إسرائيل "بنيامين نتنياهو"، وجاء في البريد الإلكتروني: "وأنت تقف أمام ممثلي دول معادية كثيرة.. فإننا نحن نريد منك أن تعرف أنك لست وحدك!".
وكتب بعض المسيحيين البارزين كتب "رسالة مفتوحة إلى الصهاينة المسيحيين في أميركا" حثهم فيها على أن هذا التحرك يدمر احتمالات السلام في الشرق الأوسط.
وفي حين أنه بات واضحاً أنهم أصبحوا اللاعبين الأكثر أهمية، وعلى نحو متزايد في النقاش العالمي حول الصراع الإسرائيلي / الفلسطيني، إلا أن الأقل وضوحاً للعديد من الأميركيين هو من هم بالضبط هؤلاء الصهاينة المسيحيين؟ وما هو معتقدهم؟
ومع أن العديد من اليهود الأميركيين والإسرائيليين الذين يفترض بأنهم سيرحبون بمجموعة تدعم بشكل قاطع اليهود والدولة اليهودية، بل ذهب بعض الصهاينة المسيحيين إلى حد الاحتفال بالأعياد اليهودية والقيام برحلات متكررة إلى "إسرائيل"، إلا أنهم لا يشعرون بارتياح إزاء دعم الصهيونية المسيحية.
ويتساءل بعض اليهود عما إذا كان ينبغي احتضان المسيحيين الإنجيليين كحلفاء في زمن العزلة الإسرائيلي المتنامي أو نبذهم بوصفهم مبشرين سريين يظهرون اهتمامهم بالدولة اليهودية فقط بسبب ما يعتبرونه دورها في تحفيز عودة المسيح القادمة أو التمهيد لعودة المسيح.
ويروج بعض أبرز الصهاينة المسيحيين لفكرة أن عودة اليهود إلى فلسطين "إسرائيل"، هو علامة من علامات "النعمة" التي تقترب سريعاً، حيث يعتقد بعض المسيحيين بأن الصالحين يرتفعون إلى السماء في حين يبقى الآخرون.
ويطلق على هؤلاء المسيحيين اسم "التدبيريون" أو "القدريون" لأنهم يعتقدون أن التاريخ ينقسم إلى عصور مختلفة، ويعتقدون أن على "اليهود أن يعودوا إلى أرض (إسرائيل) قبل أو فوراً بعد النعمة وإنشاء الكومنولث"، وفقاً ليعقوب أرئيل أستاذ الدراسات الدينية في جامعة ولاية كارولينا الشمالية.
وأضاف أرئيل في حوار معه نشرته شبكة cnn حول الدولة اليهودية: "لا يعتقد أن هذه هي مملكة داود العظيمة التي بشرت بها عودة المسيح الثانية.. لكنها التقدم بخطوة أقرب في هذا الاتجاه، ويعتقد القدريون أنهم يستطيعون أن يساعدوا في تمهيد الطريق لذلك".
لكن ثمة عدد متزايد من الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري الأمريكي، بما في ذلك بيري والمرشح الرئاسي ميشال باكمان وحاكمة ألاسكا السابقة سارة بالين، الذين نظروا لدعم "إسرائيل" بطرق تبرر وضعهم في معسكر الصهيونية المسيحية، ويقول هؤلاء الذين يدرسون الحركة.
ويمكن أن يشمل ديفيد بروج المدير التنفيذي للمسيحيين المتحدين من أجل "إسرائيل"، أكبر مجموعة أمريكية مسيحية صهيونية، الذي يقول أنه حتى ميت رومني المورموني، يمكن أن يوصف بأنه صهيوني مسيحي.
وقال: "كثير من المسيحيين يعتقدون أن ولادة إسرائيل هي علامة على أننا نقرّب من العودة الثانية، لكن ليس له أي علاقة بدعمها لإسرائيل.. هؤلاء المسيحيون يعرفون أنهم لا يستطيعون تغيير الجدول الزمني الذي لله".
وقال بروج وهو يهودي: "إنه من المستحيل من الناحية الدينية للمسيحيين تغيير الجدول الزمني لله" لإنهاء الزمن ولعودة المسيح ثانية.
ويعتقد بروج أن التعاطف المسيحي مع اليهود عمره آلاف السنين بدءاً من معاملتهم القاسية تحت الحكم الروماني وصولاً إلى المحرقة، أثار نوعاً من الشعور بالذنب لدى المسيحية نجم عنها دعم اليهود لأسباب معينة.
وأضاف أن "هناك موضوع قوي في المسيحية الصهيونية هو الشعور بالعرفان الذي لم يوفى حقه.. هو أن الشعب اليهودي قدم لنا المؤسسين الأوائل والأسرة الأولى التي جاءت منها مريم ويوسف عليهما السلام وكل كلمة مكتوبة في الكتاب المقدس، فكيف سددنا هذه الديون؟"
ويقول: "إن مؤسس ورئيس كنيسة المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل، جون هاجي، وقادة اليمين المسيحي مثل بات روبرتسون والراحل جيري فالويل، عبروا جميعاً عن دعمهم لإسرائيل في سياق التعاليم اللاهوتية لنهاية الكون".
غير أن شالوم غولدمان، وهو أستاذ باحث في الدين في جامعة ديوك، يقول: "المسيحية الأمريكية في التماهي مع إسرائيل يعود إلى قبل ذلك وربما إلى فترة تأسيس أميركا، عندما كان ينظر إلى البلد على أنه استثناء تاريخي، وهو شكل من أشكال "إسرائيل العصر الحديث" أو "صهيون"".
وقال غولدمان إن: "إسرائيل هي الاستعارة التي خلقت أمريكا نفسها.. وهكذا كثير من الكنائس الأمريكية أدرجت كلمة صهيون، والكلمة ذاتها تندرج بالمفهوم الذاتي لأميركا"، وبرغم ذلك كله إلا أنه ما زال هناك كثير من اليهود لا يهضمون دعم الإنجيليين "لإسرائيل"؛ لأنهم يعتقدون أن للمسيحيين دوافع خفية.
ويقول أبرهام فوكسمان، المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير: "هناك قلق في المجتمع من دعم الإنجيليين"، لكنه يضيف أنه حقق السلام مع الصهيونية المسيحية؛ إذ "طالما أن الدعم لا يشترط على اليهودي الأميركي دعم الأجندة السياسية للمحافظين المسيحيين أو على تحويلنا للمسيحية.. فإنه يمكن لهم أن يحلوا ضيوفاً عليّ".
ويقول هشام سلام في دراسة اسمها "تحالف اليمين المسيحي مع اليهودية الصهيونية" إنه كان الحصول على دعم البروتستانت الأصوليين مهما بالنسبة للحزب الجمهوري، وكذلك حاجة الحزب لدعم الطبقات المتوسطة أيضا وليس فقط شريحة متدينة بعينها.
ومع وجود توجهات اقتصادية لدى الجمهوريين تتمثل في التمسك بالاقتصاد الحر الذي هو في الأساس الضرر الرئيسي للطبقات المتوسطة ومنخفضة الدخل، فإنهم كانوا بحاجة إلى سبب لإقناع تلك الطبقات لتأييدهم.
ووجد الجمهوريون الإجابة فيما يسمى "المبادئ المسيحية" أو "المبادئ الأسرية Family Values"، وهكذا بدأ التيار اليميني يدعي أنه المحافظ الرئيس على الأخلاقيات المسيحية الأصيلة التي فقدت في المجتمع نتيجة صعود التيارات الليبرالية، وهكذا تحول الحزب الجمهوري من حزب الأثرياء إلى حزب الأخلاق المسيحية.
ولا ينسب بداية التحالف بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية ليوم محدد، فهذا التحالف ناتج عن تطورات متصلة منذ زمن بعيد، فالإيمان بحتمية ظهور دولة يهودية في فلسطين كجزء من النبوءة التوراتية لعودة المسيح أمر يعود للقرن السادس، ولكن باستطاعتنا أن نتابع نمو هذا التحالف بالولايات المتحدة خلال القرن الماضي.
من الجدير بالذكر أن أول جهد أمريكي للدعوة لإنشاء دولة يهودية لا ينسب إلى المنظمات اليهودية بل للمبشر المسيحي الأصولي وليام بلاكستون.
وقد شن بلاكستون عام 1891م حملة سياسية للضغط على الرئيس بنيامين هاريسون من أجل دعم إنشاء دولة يهودية بفلسطين، ورغم أنها لم تسفر عن شيء، تعتبر حملة بلاكستون الظهور الأول للصهيونية المسيحية في السياسية الأمريكية.
إن عودة المسيحية الصهيونية الحقيقية كانت عام 1948م عند الإعلان عن تأسيس "إسرائيل"، وزادت قوة بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومرتفعات الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية عام 1967م، حيث إن المجتمع البروتستانتي الأصولي نظر لهذا الحدث كتحقق لـ"النبوءة التوراتية" بانبثاق دولة يهودية بفلسطين.
وفي هذا الإطار كتب مفكر مسيحي صهيوني مباشرة بعد الحرب في دورية "المسيحية اليوم Christianity Today": "للمرة الأولى منذ أكثر من 2000 سنة القدس الآن في أيدي اليهود ما يعطي دارسي الكتاب المقدس إيمانا متجددا في دقته وصحة مضمونه".
ويقول ناشر الدراسة: "في حقبة السبعينيات والثمانينيات تحولت ظاهرة تصهين اليمين الأمريكي، وتحالفه مع الصهيونية اليهودية إلى عنصر دائم في الواقع السياسي".
إعداد: مجلة البيان
فرز التحرك السياسي الفلسطيني في الأمم المتحدة مرحلة جديدة في هذا الصراع المستمر منذ عقود، يتكشف من خلالها الأعداء وينبروا إلى صف "إسرائيل" تحت ما وصفوا أنفسهم به "الصهاينة المسيحيين"، وكذلك تظهر حالة النفاق السياسي الذي عاشته هذه القضية وحجم القوة المؤيدة لمشروعية الصراع السياسي الفلسطيني منذ بداية مسيرة المفاوضات بين "إسرئيل" والسلطة الفلسطينية عقب توقيع إتفاقية "أوسلو" عام 1991م.
وقال المرشح الرئاسي الجمهوري "ريك بيري" في نيويورك بعد إلقاء كلمة ألقى فيها اللوم على الأمم المتحدة والرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية: "كمسيحي لدي توجيهات واضحة لدعم إسرائيل".
ونظمت مجموعة مقرها الولايات المتحدة تطلق على نفسها اسم "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" خلال الأسبوع الجاري حملة لإرسال أكثر من 45 ألف رسالة بالبريد الإلكتروني لدعم رئيس وزراء إسرائيل "بنيامين نتنياهو"، وجاء في البريد الإلكتروني: "وأنت تقف أمام ممثلي دول معادية كثيرة.. فإننا نحن نريد منك أن تعرف أنك لست وحدك!".
وكتب بعض المسيحيين البارزين كتب "رسالة مفتوحة إلى الصهاينة المسيحيين في أميركا" حثهم فيها على أن هذا التحرك يدمر احتمالات السلام في الشرق الأوسط.
وفي حين أنه بات واضحاً أنهم أصبحوا اللاعبين الأكثر أهمية، وعلى نحو متزايد في النقاش العالمي حول الصراع الإسرائيلي / الفلسطيني، إلا أن الأقل وضوحاً للعديد من الأميركيين هو من هم بالضبط هؤلاء الصهاينة المسيحيين؟ وما هو معتقدهم؟
ومع أن العديد من اليهود الأميركيين والإسرائيليين الذين يفترض بأنهم سيرحبون بمجموعة تدعم بشكل قاطع اليهود والدولة اليهودية، بل ذهب بعض الصهاينة المسيحيين إلى حد الاحتفال بالأعياد اليهودية والقيام برحلات متكررة إلى "إسرائيل"، إلا أنهم لا يشعرون بارتياح إزاء دعم الصهيونية المسيحية.
ويتساءل بعض اليهود عما إذا كان ينبغي احتضان المسيحيين الإنجيليين كحلفاء في زمن العزلة الإسرائيلي المتنامي أو نبذهم بوصفهم مبشرين سريين يظهرون اهتمامهم بالدولة اليهودية فقط بسبب ما يعتبرونه دورها في تحفيز عودة المسيح القادمة أو التمهيد لعودة المسيح.
ويروج بعض أبرز الصهاينة المسيحيين لفكرة أن عودة اليهود إلى فلسطين "إسرائيل"، هو علامة من علامات "النعمة" التي تقترب سريعاً، حيث يعتقد بعض المسيحيين بأن الصالحين يرتفعون إلى السماء في حين يبقى الآخرون.
ويطلق على هؤلاء المسيحيين اسم "التدبيريون" أو "القدريون" لأنهم يعتقدون أن التاريخ ينقسم إلى عصور مختلفة، ويعتقدون أن على "اليهود أن يعودوا إلى أرض (إسرائيل) قبل أو فوراً بعد النعمة وإنشاء الكومنولث"، وفقاً ليعقوب أرئيل أستاذ الدراسات الدينية في جامعة ولاية كارولينا الشمالية.
وأضاف أرئيل في حوار معه نشرته شبكة cnn حول الدولة اليهودية: "لا يعتقد أن هذه هي مملكة داود العظيمة التي بشرت بها عودة المسيح الثانية.. لكنها التقدم بخطوة أقرب في هذا الاتجاه، ويعتقد القدريون أنهم يستطيعون أن يساعدوا في تمهيد الطريق لذلك".
لكن ثمة عدد متزايد من الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري الأمريكي، بما في ذلك بيري والمرشح الرئاسي ميشال باكمان وحاكمة ألاسكا السابقة سارة بالين، الذين نظروا لدعم "إسرائيل" بطرق تبرر وضعهم في معسكر الصهيونية المسيحية، ويقول هؤلاء الذين يدرسون الحركة.
ويمكن أن يشمل ديفيد بروج المدير التنفيذي للمسيحيين المتحدين من أجل "إسرائيل"، أكبر مجموعة أمريكية مسيحية صهيونية، الذي يقول أنه حتى ميت رومني المورموني، يمكن أن يوصف بأنه صهيوني مسيحي.
وقال: "كثير من المسيحيين يعتقدون أن ولادة إسرائيل هي علامة على أننا نقرّب من العودة الثانية، لكن ليس له أي علاقة بدعمها لإسرائيل.. هؤلاء المسيحيون يعرفون أنهم لا يستطيعون تغيير الجدول الزمني الذي لله".
وقال بروج وهو يهودي: "إنه من المستحيل من الناحية الدينية للمسيحيين تغيير الجدول الزمني لله" لإنهاء الزمن ولعودة المسيح ثانية.
ويعتقد بروج أن التعاطف المسيحي مع اليهود عمره آلاف السنين بدءاً من معاملتهم القاسية تحت الحكم الروماني وصولاً إلى المحرقة، أثار نوعاً من الشعور بالذنب لدى المسيحية نجم عنها دعم اليهود لأسباب معينة.
وأضاف أن "هناك موضوع قوي في المسيحية الصهيونية هو الشعور بالعرفان الذي لم يوفى حقه.. هو أن الشعب اليهودي قدم لنا المؤسسين الأوائل والأسرة الأولى التي جاءت منها مريم ويوسف عليهما السلام وكل كلمة مكتوبة في الكتاب المقدس، فكيف سددنا هذه الديون؟"
ويقول: "إن مؤسس ورئيس كنيسة المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل، جون هاجي، وقادة اليمين المسيحي مثل بات روبرتسون والراحل جيري فالويل، عبروا جميعاً عن دعمهم لإسرائيل في سياق التعاليم اللاهوتية لنهاية الكون".
غير أن شالوم غولدمان، وهو أستاذ باحث في الدين في جامعة ديوك، يقول: "المسيحية الأمريكية في التماهي مع إسرائيل يعود إلى قبل ذلك وربما إلى فترة تأسيس أميركا، عندما كان ينظر إلى البلد على أنه استثناء تاريخي، وهو شكل من أشكال "إسرائيل العصر الحديث" أو "صهيون"".
وقال غولدمان إن: "إسرائيل هي الاستعارة التي خلقت أمريكا نفسها.. وهكذا كثير من الكنائس الأمريكية أدرجت كلمة صهيون، والكلمة ذاتها تندرج بالمفهوم الذاتي لأميركا"، وبرغم ذلك كله إلا أنه ما زال هناك كثير من اليهود لا يهضمون دعم الإنجيليين "لإسرائيل"؛ لأنهم يعتقدون أن للمسيحيين دوافع خفية.
ويقول أبرهام فوكسمان، المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير: "هناك قلق في المجتمع من دعم الإنجيليين"، لكنه يضيف أنه حقق السلام مع الصهيونية المسيحية؛ إذ "طالما أن الدعم لا يشترط على اليهودي الأميركي دعم الأجندة السياسية للمحافظين المسيحيين أو على تحويلنا للمسيحية.. فإنه يمكن لهم أن يحلوا ضيوفاً عليّ".
ويقول هشام سلام في دراسة اسمها "تحالف اليمين المسيحي مع اليهودية الصهيونية" إنه كان الحصول على دعم البروتستانت الأصوليين مهما بالنسبة للحزب الجمهوري، وكذلك حاجة الحزب لدعم الطبقات المتوسطة أيضا وليس فقط شريحة متدينة بعينها.
ومع وجود توجهات اقتصادية لدى الجمهوريين تتمثل في التمسك بالاقتصاد الحر الذي هو في الأساس الضرر الرئيسي للطبقات المتوسطة ومنخفضة الدخل، فإنهم كانوا بحاجة إلى سبب لإقناع تلك الطبقات لتأييدهم.
ووجد الجمهوريون الإجابة فيما يسمى "المبادئ المسيحية" أو "المبادئ الأسرية Family Values"، وهكذا بدأ التيار اليميني يدعي أنه المحافظ الرئيس على الأخلاقيات المسيحية الأصيلة التي فقدت في المجتمع نتيجة صعود التيارات الليبرالية، وهكذا تحول الحزب الجمهوري من حزب الأثرياء إلى حزب الأخلاق المسيحية.
ولا ينسب بداية التحالف بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية ليوم محدد، فهذا التحالف ناتج عن تطورات متصلة منذ زمن بعيد، فالإيمان بحتمية ظهور دولة يهودية في فلسطين كجزء من النبوءة التوراتية لعودة المسيح أمر يعود للقرن السادس، ولكن باستطاعتنا أن نتابع نمو هذا التحالف بالولايات المتحدة خلال القرن الماضي.
من الجدير بالذكر أن أول جهد أمريكي للدعوة لإنشاء دولة يهودية لا ينسب إلى المنظمات اليهودية بل للمبشر المسيحي الأصولي وليام بلاكستون.
وقد شن بلاكستون عام 1891م حملة سياسية للضغط على الرئيس بنيامين هاريسون من أجل دعم إنشاء دولة يهودية بفلسطين، ورغم أنها لم تسفر عن شيء، تعتبر حملة بلاكستون الظهور الأول للصهيونية المسيحية في السياسية الأمريكية.
إن عودة المسيحية الصهيونية الحقيقية كانت عام 1948م عند الإعلان عن تأسيس "إسرائيل"، وزادت قوة بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومرتفعات الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية عام 1967م، حيث إن المجتمع البروتستانتي الأصولي نظر لهذا الحدث كتحقق لـ"النبوءة التوراتية" بانبثاق دولة يهودية بفلسطين.
وفي هذا الإطار كتب مفكر مسيحي صهيوني مباشرة بعد الحرب في دورية "المسيحية اليوم Christianity Today": "للمرة الأولى منذ أكثر من 2000 سنة القدس الآن في أيدي اليهود ما يعطي دارسي الكتاب المقدس إيمانا متجددا في دقته وصحة مضمونه".
ويقول ناشر الدراسة: "في حقبة السبعينيات والثمانينيات تحولت ظاهرة تصهين اليمين الأمريكي، وتحالفه مع الصهيونية اليهودية إلى عنصر دائم في الواقع السياسي".
- التصنيف: