العراق بين طموحات إيرانية وأطماع أمريكية

منذ 2011-11-16

العراق بين طموحات إيرانية وأطماع أمريكية
03/12/32 إعداد مجلة البيان


بعد مرور تسعة أعوام على الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق لإسقاط نظام "صدام حسين" بغية تحقيق مكاسب اقتصادية لها، أعلنت في الأسبوع الماضي أنها تعتزم سحب حوالي 40 ألف من جنودها المتبقين في العراق مع نهاية العام الحالي.

وصرّح الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أنه تم تشكيل لجنة بالتنسيق مع الحكومة العراقية لإتمام الأمر، على أن يبقى بضعة آلاف من العسكريين الأمريكيين لتدريب القوات العراقية.

وتقول التقديرات الأمريكية الرسمية أن الحرب خلفت 4400 قتيلًا من الجنود الأمريكيين بالإضافة إلى 175 ألف مدنيًا عراقي.

و تواجه عملية سحب القوات الأمريكية جدلًا واسعًا داخل العراق، فحكومة "نور المالكي" التي تدعمها إيران تريد أن تسحب الولايات المتحدة قواتها في أسرع وقت ممكن لترك المجال مفتوح أمام مليشيات إيران المتمركزة في العراق.

وتقول صحيفة الغارديان البريطانية، إن الانسحاب الأمريكي من العراق غير محمود بالنسبة للكثير من الطوائف العراقية لأن حكومة "نور المالكي" ضعيفة، وهذا ما يقوله الأكراد في العراق بالإضافة إلى العنف الطائفي الموجود فقد غلبت الطائفية كل ما يوحد العراقيين بسبب عبث المخابرات الإيرانية هناك ودعمها لفصائل مسلحة تدعم الحكومة، لذلك سيكون هناك بقاء تاريخي للولايات المتحدة في العراق وهي تمتلك أكثر من 17 قاعدة عسكرية في العراق سيتم تقليصها بشكل كبير بعد الانسحاب.

من جانبه يقول "وليد الزبيدي"، كاتب ومحلل عراقي إن هذا الاحتلال هو أقصر احتلال في التاريخ، مُشيرًا إلى أن هذا الانسحاب جاء نتيجة إرادة المقاومة العراقية، مُضيفًا أن المخاوف المطروحة قد تكون مشروعة.

لكنه أشار خلال لقاء تلفزيوني أن هناك عوامل تمنع أي احتلال منها قناعة الشعب العراقي بعلمه بأن إيران لا تريد الخير للعراقيين، والقطيعة بين الشارع العراقي والحكام الفاسدين، ومقاومته للتدخل الأمريكي والعربي.

وقال المحلل السياسي صباح الشيخ لوكالة أنباء (شينخوا) "العراقيون منقسمون إلى ثلاثة أقسام حول الانسحاب الأمريكي، الأول: يطالب بانسحاب جميع القوات وفقًا للاتفاقية الأمنية، وعلى رأسهم التيار الصدري وبعض أعضاء القائمة العراقية، والثاني: يطالب بانسحاب جزء من هذه القوات وإبقاء جزء منها، مثل التركمان وبعض أعضاء القائمة العراقية وقسم من أعضاء التحالف الوطني، والجزء الأخير: يريد بقاء القوات وهم أغلبية الأكراد، وبعض أعضاء التحالف الوطني وبعض الجهات التي ترتبط بعلاقات صداقة قوية مع الجانب الأمريكي".

ويتابع: ليس من المعقول أن تدفع أمريكا ثمن هذه الحرب ثم تترك العراق للدول المجاورة.

ويرى البعض أن الوجود الأمريكي أصبح عاملًا لجذب و تشكيل الجماعات المسلحة التي تديرها قوى خارجية وتسعى للحفاظ على الفوضى الأمنية في العراق لأنها تخشى أن تكون العراق قوية، وذلك استخدمت في الداخل كورقة لتعبئة الشارع والمزايدات السياسية، لذلك أصبح مطلب الشارع العراقي رحيل القوات الأمريكية.

وأصدرت جماعة تطلق على نفسها "جماعة علماء ومثقفي العراق" بيان أن الحقائق تُشير وبتأكيد إلى أن أمريكا لم تغز العراق لتسلمه على طبق من فضة، لأناس Hأثبتوا جهلهم في إدارة شئون البلاد منذ عام الاحتلال الأول، مؤكدة "أن أمريكا لن تنسحب من العراق، فإذا خرجت من الباب عادت من الشباك، وقواعدها في العراق لن تسلم لحكومة عراقية مشتتة متصارعة حول الغنائم والمكتسبات الشخصية والحزبية".

ورسمت الجماعة مستقبلًا مظلماً للعراق قائلة "سيبقى العراق يترنح بين وجع المصائب والكوارث، ويبقى العراق بين فكي التقسيم والتصارع الحزبي، ويبقى العراق منكوبًا بهذه الزمر الحاكمة الخاضعة للمحتل والسائرة بهديه ونهجه".

عودة البعث والوجود الإيراني

وتسعى الحكومة العراقية والقوى السياسية الحليفة لها استغلال الوجود الأمريكي وتأمين مستقبلها من خلال سحق المعارضة، وكشفت تقارير أمنية مُؤخرًا أن الأجهزة الأمنية العراقية اعتقلت 240 عضوًا سابقًا بحزب البعث وضباطًا عسكريين سابقين، قالت إنهم يخططون لعملية استيلاء على السلطة بعد رحيل الجيش الأمريكي.

وقالت أطرف عراقية إن ما تقوم به السلطات الأمنية هو عملية وقائية قبيل الانسحاب الأمريكي. وذكرت التقارير أن المجموعة كانت تنشيط في أرجاء العراق بما في ذلك محافظات بغداد والنجف والناصرية وواسط ونينوى وديالى وكركوك والأنبار.

وقال مسؤولون أمنيون كبار إنه منذ بدء اعتقال مسؤولين سابقين بالبعث وضباط كبار سابقين بالجيش في وقت سابق من هذا الأسبوع ألقي القبض على 33 في محافظة صلاح الدين و33 في ديالى وستين في كركوك وأربعين في البصرة وثمانية في واسط و27 في الناصرية و56 في بابل.

وبحسب مصادر في الشرطة العراقية فإن رئيس الوزراء "نوري المالكي" أصدر أوامر للأجهزة الأمنية باعتقال 350 عضوًا سابقًا في حزب البعث.

بالمقابل أدانت كتلة العراقية -المشاركة في الحكومة الائتلافية التي يترأسها المالكي حملة الاعتقالات، وقال "صالح المطلك" -نائب رئيس الوزراء، وهو أحد زعماء العراقية إن "خلق أزمة في هذا الوقت ليس في مصلحة البلاد، ومثل هذا الشيء سيعرقل الانسحاب الأمريكي من العراق".

وقال مصدر مطلع في العراقية إن زعماء الكتلة ناقشوا في اجتماع أمس الثلاثاء إمكانية الانسحاب من الحكومة لكنهم قرروا بعد الاجتماع مع مبعوث "للمالكي" الاكتفاء "بمراقبة حملة الاعتقالات".

توضح المعطيات على الأرض أن عناصر حرس الثورة الإيراني التابع لفيلق القدس بقيادة "قاسم سليماني" ينتشرون بكثافة في العراق.

وبحسب مصادر أمنية عراقية فإن هذه العناصر تنتشر بكثافة في المنطقة الخضراء المحصنة بالعاصمة العراقية والتي تضم السفارات العربية والغربية ومقرات ومساكن المسؤولين الحكوميين وبعض البرلمانيين.

وتشير المعلومات أن عناصر فيلق القدس تدخلوا إلى تلك المناطق بحجة حماية المسؤولين الحكوميين في بعض الأحزاب الشيعية الموالية لإيران .

ويسعى فيلق القدس بحسب مصدر عراقي أن يجعل من خلال تغلغله في الأجهزة الأمنية العراقية إلى إيجاد موطئ قدم له على الحدود العراقية السعودية.

وبحسب المصدر فإن أبرز مخاطر وجود الحرس الثوري الإيراني في المناطق الحساسة ببغداد وبقية مناطق العراق هو أنهم يستطيعون إحداث انقلاب أمني خاصة إذا انسحبت القوات الأميركية من العراق وهذا ما تدفع إيران باتجاهه".

ويرى محللين عراقيين إن قوة النفوذ الإيراني في العراق يرجع إلى ضعف العلاقة بين النظام العراقي والدول العربية والإسلامية.