علو الهمة

منذ 2024-01-25

علو الهمة خُلُقٌ رفيعٌ، وغاية نبيلة، تعشقه النفوس الكريمة، وتهفو إليه الفطر القويمة، وهو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية.

علو الهمة خُلُقٌ رفيعٌ، وغاية نبيلة، تعشقه النفوس الكريمة، وتهفو إليه الفطر القويمة، وهو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية.

 

والإسلام يحثُّ على هذا الخلق النبيل، ومن أراد المعالي هان عليه كل همٍّ؛ لأنه لولا المشقة لساد الناس كلهم.

 

وقد أمر الله عز وجل رسوله عليه الصلاة والسلام بالصبر والاقتداء بأولي العزم من الرسل، أصحاب الهمم العالية في تبليغ رسالة رب العالمين، والذين عظم صبرهم، وتم يقينهم، فهم أحَقُّ الخلق بالأسوة بهم والقفو لآثارهم، قال تعالى:  {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35].

 

قال تعالى:  {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

 

ومن الأمثلة الدالة على علوِّ الهمة:

قوله تعالى:  {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]، فقد وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بوصف الرجال الذين هم أصحاب الهمم العالية، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه.

 

وقال تعالى:  {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: 37]، فهؤلاء الرجال هم أصحاب الهمم العالية، ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا ذات لذَّات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه؛ بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه.

 

ويقول عليه الصلاة والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حَبْوًا»[1].

 

ويقول عليه الصلاة والسلام: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتِّل، كما كنت تُرتِّل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها»[2].

 

وقد حَثَّ النبي عليه الصلاة والسلام على علوِّ الهمة في طلب الفردوس الأعلى، فقال عليه الصلاة والسلام: «ذَرِ الناس يعملون، فإن الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة وأوسطها، وفوقها عرش الرحمن، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس»[3].

 

وقام رسولنا الكريم حتى تفطَّرت قدماه، فهذا علو للهمة، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفَطَّر قدماه، فقالت عائشة: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟! قال: «أفلا أُحِبُّ أن أكون عبدًا شكورًا»[4].

 

ويُدعى أبو بكر من أبواب الجنة الثمانية، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله، نُودِي من أبواب الجنة: يا عبدالله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الرَّيَّان، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصَّدَقة»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها، قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم»[5].

 

فقد جعل الله عز وجل لكل عبادةٍ بابًا مخصوصًا في الجنة؛ فالمكثرون من الصلاة النافلة بعد أداء الفرائض ينادون من باب الصلاة، ويدخلون منه، وهكذا الأمر بالنسبة إلى سائر العبادات من جهاد وصدقة، والمكثرون من الصوم تستقبلهم الملائكة عند باب الرَّيَّان داعية لهم بالدخول منه، ولما كان أبو بكر الصديق عالي الهمة، له باعٌ كبيرٌ في كل هذه المجالات، فيدعى يوم القيامة من كل هذه الأبواب.

 

وعنه أيضًا- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- عليه الصلاة والسلام-: «مَن أصبح منكم اليوم صائمًا» ؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: «فمَنْ تَبِع منكم اليوم جنازةً» ؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: «فمَنْ أطْعَم منكم اليوم مسكينًا» ؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: «فمَنْ عاد منكم اليوم مريضًا» ؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ، إلا دخل الجنة»[6].

 

وعن ربيعة بن كعب الأسلمي- رضي الله عنه- قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: «سل»، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك» ؟))، قلت: هو ذاك، قال: «فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود»[7]. وفيه حرص الصحابي على معالي الأمور، فقد طلب مطلبًا يدل على علُوِّ هِمَّتِه وطموحه.

 

وعن عمران بن الحصين- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- عليه الصلاة والسلام-: «يدخل الجنة من أُمَّتِي سبعون ألفًا بغير حساب»، قالوا: ومَن هم يا رسول الله؟ قال: «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون»، فقام عكاشة، فقال: ادْعُ اللهَ أن يجعلني منهم، قال: «أنت منهم»، قال: فقام رجل، فقال: يا نبي الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، قال: «سَبَقَك بها عكاشة»[8].

 

سبق بها عكاشة؛ لأنه كان من المبادرين، وكان ذا هِمَّةٍ عالية متطلعة إلى الفوز بالثواب العظيم.

 

وقال عليه الصلاة والسلام: «سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظِلِّه، يوم لا ظِلَّ إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه مُعلَّق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفَرَّقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصَدَّق، أخفى حتى لا تعلم شِماله ما تُنفِق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه»[9].

 

ومن الأقوال التي قيلت في علُوِّ الهِمَّة:

ما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (لا تصغرنَّ همتكم؛ فإني لم أرَ أقعد عن المكرمات من صغر الهمم).

 

وقال الحسن: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره.

 

وقال معاذ رضي الله عنه على فراش الموت: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا ولا طول المكث فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل، وظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حِلَق الذِّكْر.

 

وقال وُهيب بن الورد: إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافْعَل.

 

وقال مالك: (عليك بمعالي الأمور وكرائمها، واتقِ رذائلها وما سفَّ منها؛ فإنَّ الله تعالى يحبُّ معالي الأمور، ويكره سفسافها).

 

وقال ابن الجوزي: (من علامة كمال العقل علوُّ الهمة، والراضي بالدون دني).

 

وقال ابن القيم: (فمن علت همَّتُه، وخشعت نفسه، اتصف بكلِّ خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه، اتصف بكلِّ خلق رذيل). وقال أيضًا: (العلم والعمل توأمان أمهما علوُّ الهمة).

 

وكان الإمام النووي يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا شرحًا وتصحيحًا، ويقول لتلميذه: بارك الله في وقتي.

 

وقال الإمام ابن عقيل الحنبلي: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعَطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح.

 

ويقول الشيخ محمد الخضر حسين: يسمو هذا الخلق بصاحبه إلى النهايات من معالي الأمور، فهو الذي ينهض بالضعيف فإذا هو عزيز كريم، ويرفع القوم من السقوط ويبدلهم بالخمول نباهة، وبالاضطهاد حرية، وبالطاعة العمياء شجاعة أدبية... أما صغير الهمة فإنه يَبصُر بخصومه في قوة وسطوة فيذوب أمامهم رهبة، ويطرق إليهم رأسه حطة، ثم لا يَلْبَثُ أن يسير في ركبهم ويسابق إلى حيث تحط أهواؤهم.

 

ومن صور علو الهمة:

علو الهمة والاجتهاد في طلب العلم، والجد والمثابرة في تحصيله.

 

وهناك أمور تعين على الصبر في طلب العلم، منها معرفة ما أعَدَّه الله عزَّ وجلَّ لطالب العلم والعلماء؛ فقد قرن العلماء في كتابه بنفسه وملائكته، قال الله تعالى:  {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18].

 

وقد قصر الله عز وجل الخشية له على العلماء، فقال تعالى:  {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].

 

وأخبر عز وجل عباده بأنه يرفع علماء أمته درجات، فقال تعالى:  {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن العلماء ورثة الأنبياء.

 

وكذلك مطالعة أحوال السلف، وعلو همتهم في التعلم والتعليم، والقراءة والإقراء والتصنيف، والرحلة في طلب العلم، والسهر في المذاكرة، والتعرض للأخطار.

 

ومن الأمثلة العظيمة في علُوِّ الهمة في طلب العلم، حَبْر الأمة وترجمان القرآن عبدالله عباس رضي الله عنهما، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتُ لرجل من الأنصار: هلمَّ فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العلم؛ فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يـا بن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم؟! قال: فتركت ذاك- يعني: لم يفت في عزمه ولم يبالِ بتثبيطه، فانصرف عنه ابن عباس مع صغر سِنَّه رضي الله تعالى عنه - يقول: فتركت ذاك، وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل- يعني: في وقت القيلولة قبل صلاة الظهر، فيكره أن يوقظه من القيلولة- فأتوسَّد ردائي على بابه، فتسف الريح عليَّ من التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا بن عَمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ما جاء بك؟! هلا أرسلت إليَّ فآتيك» ؟! فأقول: لا، أنا أحَقُّ أن آتيك، فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني.

 

فأين ذكر هذا الرجل من ذكر ابن عباس الذي طار في الآفاق بسبب علوِّ همته وحرصه وصبره على طلب العلم؟!

 

ورحل جابر بن عبدالله مسيرة شهر إلى عبدالله بن أنيس في حديث واحد.

 

ورحل أبو أيوب الأنصاري من المدينة إلى عقبة بن عامر في مصر ليروي عنه حديثًا، وذلك ليتلقَّاه منه مباشرةً بسندٍ عالٍ، فقدم مصر، ونزل عن راحلته، ولم يحل رحلها، فسمع منه الحديث، وركب راحلته وقفل إلى المدينة راجعًا.

 

ويقول الشافعي رحمه الله تعالى: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، وقال أيضًا: لما ختمت القرآن دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء، وكنت أسمع المسألة فأحفظها، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به قراطيس -يعني الأوراق- فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فأكتب فيه، فإذا امتلأ طرحته في جرة كانت لنا قديمًا، فكان يجمع فيها هذه العظام التي كتب فيها العلم.

 

وروي عن الرازي أنه قال: أول ما رحلت أقمت سبع سنين، ومشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ -والفرسخ ثلاثة أميال- وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيًا، ثم إلى الرملة في فلسطين ماشيًا، ثم إلى طرسوس ولي عشرون سنة.

 

وذكر ابن اللباد أن محمد بن عبدوس صَلَّى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة، خمس عشرة سنة من دراسة، وخمس عشرة سنة من عبادة.

 

وأسد بن الفرات قاضي القيروان، وتلميذ الإمام مالك، ومدون مذهبه، وهو مع علمه هذا كان أحد القادة الفاتحين، فتح صقلية واستشهد بها سنة (213) من الهجرة رحمه الله، وكان قد خرج من القيروان إلى الشرق سنة (172)من الهجرة، فسمع الموطأ على مالك بالمدينة، ثم رحل إلى العراق فسمع من أصحاب أبي حنيفة وتفقه عليهم، وكان أكثر اختلافه إلى محمد بن الحسن الشيباني، ولما حضر عنده قال له: إني غريب قليل النفقة، فما حيلتي؟! فقال له محمد بن الحسن: اسمع من العراقيين بالنهار، وقد جعلت لك الليل وحدك، تبيت عندي وأسمعك، قال أسد: فكنت أبيت عنده وينزل إليَّ، ويجعل بين يديه قدحًا فيه الماء، ثم يأخذ في القراءة، فإذا طال الليل ونعست ملأ يده ونفح وجهي بالماء فأنتبه، فكان ذلك دأبه ودأبي، حتى أتيت على ما أريد من السماع عليه.

 

ورحل بقي بن مخلد عن موطنه في الأندلس مشيًا على الأقدام إلى المغرب، ومنها إلى بغداد، متوقفًا في كل مدينة وبلدة سائلًا شيوخها ومستفسرًا منهم وناهلًا من علمهم، حتى بلغ عدد الشيوخ الذين استمع إليهم حوالي 284 شيخًا وعالمًا.

 

وكان جُلُّ بغيته أن يلقى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ليأخذ عنه العلم. وقد حكي عنه أنه قال: لما قربت من بغداد اتصل بي خبر المحنة التي دارت على أحمد بن حنبل، فأراد أن يستفيد من علم أحمد بن حنبل، فتسلَّل إلى بيته خفية، ولما لقيه قال له: أبا عبد الله، هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي في كل يوم في زي السؤال فأكون عند باب الدار وأقول ما يقولون، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني في كل يوم إلا بحديث واحد لكان فيه كفاية. فكنت آخذ عودًا بيدي، وألف رأسي بخرقة، وأجعل كاغدي- يعني الورق- ودواتي في كُمِّي، ثم آتي بابه فأصيح: الأجر رحمكم الله، فيخرج إليَّ، ويغلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد بن حنبل، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، وأدناني من نفسه، ويقول لأصحاب الحديث: هذا يقع عليه اسم طالب علم؛ أي: هذا يستحق أن يُوصَف بأنه طالب علم.

 

ويقول البخاري عن رحلاته في طلب العلم: "دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد". وقطع في رحلته لطلب الحديث من بُخارى حتى العودة إليها مسافة كبيرة جدًّا تقدر بحوالي13900 كم، وجمع صحيحه في 16 عامًا، تحت عنوان "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله وسننه وأيامه"، وضم 7275 حديثًا اختارها من بين 600 ألف حديث كانت قد وصلته.

 

علو الهمة في الدعوة إلى الله:

فالمسلم يدعو إلى الله سبحانه وتعالى بما علم، قال صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغوا عنِّي ولو آية»[10].

 

ومن أمثلة ذلك عبدالله بن ياسين، ذلك العالم الذي طرده أهل قبيلة جدالة، فلم يفت ذلك في عزيمته فتعمَّق في الصحراء ناحية الجنوب، حتى وصل إلى جزيرة نائية في نهر النيجر، ومن هناك بدأ أمر المرابطين الذين أسَّسُوا دولة المرابطين التي شملت غرب إفريقيا من شمالها إلى وسطها كما ضَمَّت بلاد الأندلس بعد هزيمة نكراء للنصارى في معركة الزَّلَّاقة الشهيرة، فلولا علُوُّ هِمَّة عبدالله بن ياسين وتوفيق الله له لما وصل الإسلام إلى كل هذه البلاد في غرب إفريقيا، ولانتهى الإسلام في الأندلس في ذلك الوقت الذي كان يحكم الأندلس أمراء ضعفاء متفرِّقون.

 

علو الهمة في الجهاد في سبيل الله:

قال عليه الصلاة والسلام: «من خير معاش الناس لهم، رجل مُمْسِك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانه، أو رجل في غنيمة[11] في رأس شعفة من هذه الشعف[12]، أو بطن وادٍ من هذه الأودية، يقيم الصلاة، ويُؤتِي الزكاة، ويعبد ربَّه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير»[13]. "يبتغي القتل والموت مظانه"؛ أي: لا يبالي ولا يحترز منه؛ بل يطلبه في مواطنه التي يرجى فيها؛ لشدة رغبته في الشهادة.

 

علو الهمة والجد والاجتهاد في عبادة الله سبحانه وتعالى، والاستقامة على دينه.

 

علو الهمة في طلب الرزق الحلال بالاستيقاظ أول النهار، فقال عليه الصلاة والسلام: «اللهم بارك لأُمَّتي في بكورها»[14].

 

فهذا دعاء معناه: اللهم أكثِر لها الخير والبركة بالزيادة والنماء، حين تخرج لأعمالها في الصباح وأول النهار.

 

وفي أي باب من أبواب الخير، جاهد نفسك على أن تكون من السابقين  {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10].

 

قال السعدي: (أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنَّات).

 

ومن جاهد نفسه بصدق أعانه الله ويسَّرَ له وفتح له من أبواب الخير، قال تعالى:  {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، قال السعدي: ((دَلَّ هذا، على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد، وعلى أن من أحسن فيما أمَرَ به أعانه اللَّه ويسَّر له أسباب الهداية، وعلى أن من جَدَّ واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية، خارجة عن مدرك اجتهاده، وتيَسَّر له أمر العلم، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل اللّه؛ بل هو أحد نَوْعَي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواصُّ الخَلْق، وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين).

 

ويُحدِّثنا القرآن عن الذين رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة وكرهوا أن يجاهدوا مع النبي عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:  {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 86 - 89]. قال السعدي: (أم طبع الله على قلوبهم فلا تعي الخير، ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح‏؟‏ فهم لا يفقهون مصالحهم، فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطهم عن منازل الرجال؛ ولكن إذا تخَلَّف هؤلاء المنافقون عن الجهاد، فاللَّه سيغني عنهم، وللَّه عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله يقومون بهذا الأمر، غير متثاقلين ولا كسلين؛ بل هم فرحون مستبشرون، وهؤلاء هم المفلحون والفائزون في الدنيا والآخرة).

 

ومن ثمرات علوِّ الهمة:

    • تحقيق كثير من الأمور التي يعدُّها عامة الناس خيالًا مستبعدًا، والبعد عن سفاسف الأمور.

     

      • صاحب الهمة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة، وتكون أوقاته مثمرة بنَّاءة.

       

        • وسيخلد التاريخ الذين يبذلون أقصى جهدهم في خدمة دينهم وأوطانهم، وستذهب ذكرى من آثروا الدعة والدنيء من الدنيا وتكاسلوا عن طلب المعالي.

         

          • صاحب الهمة العالية هو من تعوُّل عليه الأمة رفعتها وتنتظر منه إعلاء شأنها بين الأمم، ومن رحمة الله عز وجل بهذه الأمه أنه سبحانه يتعاهدها بوجود العلماء أو الحكام، الذين ينشرون الدين كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، قال النبي- عليه الصلاة والسلام -: «إن اللهَ يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدِّد لها دينها»[15] (أي: يظهر ما نسي وهجر العمل به من الدين، وينشر السنن، ويحارب البدع. ولفظة "من" عامة وتقع على الواحد والجمع، وليس فيها تخصيص المجددين بأنهم الفقهاء أو العلماء فقط)[16].

           

            ومن وسائل تحقيق الهمة العالية:

              • لا بُدَّ من تربية الأطفال منذ صغرهم على علوِّ الهمة وبذل أقصى ما في وسعهم وتذكيرهم دومًا بعظماء هذه الأمة وأصحاب الهمم العالية، فيكون هؤلاء العظماء هم القدوة لهم حتى ينشأوا شبابًا ورجالًا ونساءً صالحين لأمتهم ودينهم وأوطانهم ولأنفسهم وذويهم، فقدر كل أمة على قدر هِمَم أهلها، فإذا كان هِمَّة أهلها وشبابها الأمور التافهة فلا شك في أنها سوف يتسَلَّط عليها أعداؤها، وسوف تظل في ذيل الأمم.

               

                ويروي لنا التاريخ أن الصليبيين بعثوا بأحد جواسيسهم إلى أرض الأندلس المسلمة، وبينما الجاسوس يتجوَّل في أراضي المسلمين إذا به يرى غلامًا يبكي، فسأله ما يبكيك؟ فأجابه بأنه كان يصيب عشرة أسهم من عشرة في الرمي؛ لكنه اليوم أصاب تسعة فقط من عشرة. فأرسل الجاسوس إلى الصليبيين يخبرهم: (لن تستطيعوا هزيمة هؤلاء القوم فلا تغزوهم). ثم مرت الأعوام وتغيرت الأحوال وتبدَّلت معها الهمم والهموم، وجاء الجاسوس الصليبي إلى أرض المسلمين مرة أخرى، فرأى شابًّا يبكي، فسأله عما يبكيه، فأجابه بأنه يبكي لأن فتاته التي يحبها قد هجرته إلى غيره، فأرسل الجاسوس إلى قومه (أن اغزوهم الآن فإنهم مهزومون).

                 

                  • ويجب مراجعة جدول الأعمال اليومي ومراعاة الأولويات والأهم فالمهم، ومصاحبة أصحاب الهمم العالية، ليأخذوك معهم نحو المعالي.

                   

                    • اليقين بأن الله عز وجل لا يضيع أجر جهد من بذل من ماله ووقته نفسه في سبيل طلب المعالي، قال تعالى:  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30].

                     

                      • والدأب في تحصيل الكمالات والتشوُّق إلى المعرفة يقول عمر بن عبد العزيز رحمهُ الله: "إن نفسي توَّاقة، وإنها لم تعط من الدنيا شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه."

                       

                        • والابتعاد عن كل ما من شأنه الهبوط بالهمة وتضييعها مثل تضييع الأوقات في وسائل التواصُل الاجتماعي، وكثرة التمَتُّع بالمباحات.

                         

                          • المداومة على الأعمال وإن قلت، قال رسول الله – عليه الصلاة والسلام -: «سدِّدُوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأنَّ أحَبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قَلَّ»[17].

                           

                            • هناك كتب مستفيضة في علو الهمة منها: كتاب "علو الهمة" للدكتور محمد إسماعيل المقدم، وكتاب "صلاح الأمة في علو الهمة" للشيخ سيد حسين العفاني، وكتاب "الهمة طريق إلى القمة" للشيخ محمد بن حسن بن عقيل، وكتاب "عافر" للدكتور رمزي عبدالعزيز. فمن أحس من نفسه بتقاعس همته فليطالع هذه الكتب ففيها شحذ للهمم وتشويق لنيل المعالي.

                             

                            ولكن حذارِ أن تحملك علوُّ همتك على التفريط في حقوق من لهم حق عليك؛ كوالديك، وأهلك، وأولادك.

                             

                            وحذارِ أن تسيطر عليك شهواتك ورغباتك وطلبك الحثيث للدنيا وعدم قدرتك على ترك المعاصي وترك المخدرات والتدخين، فهناك حيث تسيطر هذه الأمور عليك حينها تفقد علو همتك. فكن ذا عزيمة تغير بها نفسك إلى الأفضل ولا تستسلم لشيطانك ونفسك الأمَّارة بالسوء، واستعن بالله ولا تعجز.

                             

                            نماذج لمن ضعفت همته فلزمه الذل والهوان:

                            يُحكى أنه عندما دخل التتار بغداد، كان الجندي التتري يأمر المسلم أن يقعد في مكانه، ثم يغيب التتري، ويظل المسلم جالسًا مكانه لا يتحَرَّك ولا يفكر حتى في مجرد الهروب، ثم يعود التتري بحجر فيشدخ به رأس المسلم، ويقتله بهذا الحجر، وهو جالس ساكن منتظر للموت.

                             

                            ولما سَلَّم أبو عبدالله محمد بن الأحمر- آخر ملوك الأندلس - غرناطة للنصارى، وذهب خارجها على قمة تبة هناك، أجهش بالبكاء وصاح: الله أكبر! ووقفت أمه عائشة إلى جانبه وهي تقول: حق لك يا بني أن تبكي كما تبكي النساء؛ لفقد مدينة لم تستطع أن تدافع عنها دفاع الرجال! ولا تزال البقعة التي ودَّع فيها أبو عبدالله مدينته بدموعه وزفراته تُسمَّى إلى الآن: آخر حسرات العربي، ثم اجتاز أبو عبدالله إلى بر العدوة بإفريقية حيث كان يعيش بها هو وأبناؤه بالاستجداء وسؤال المحسنين.

                             

                            ومن مظاهر ضعف الهمة وضياع الهوية في العصر الحديث تقليد المسلمين للغرب في كل شيء، ففي اللغة نتكلم بلغة الغرب، وأصبحت اللغة العربية غريبة وسط أهلها، وفي العادات والتقاليد نستخدم أساليب وعادات ومناهج الغرب، وفي مناهج التفكير صرنا نسير بلا أي هوية، وفي طريقة اللبس والاحتفالات، وفي أسلوب المعيشة، حتى الأمور التي تخالف العقيدة، أصبحنا نتشَبَّه فيها بالغرب. قال ابن خلدون في مقدمته المشهورة: "ولذلك ترى المغلوب يتشبَّه أبدًا بالغالب".

                             

                            وما فيه المسلمون الآن من ضعف وهوان ما هو إلا نتاج ضعف الإرادة وسقوط الهمة والرضا بالدون والهوان، ولقد صدق النبي- عليه الصلاة والسلام- عندما قال: «توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومن قِلَّة نحن يومئذٍ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعَنَّ اللهُ من صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفَنَّ الله في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حُبُّ الدنيا وكراهية الموت»[18].

                             

                            من المشاهدات في العصر الحديث من علُوِّ همة بعض الشعوب التي كادت أن تُمْحى من الوجود، وإذ بها تنهض من جديد، صحيح أنها نهضة مادية، إلا أنها تعزز القول بأنه لا يأس مع الحياة، وأنه يمكن تحقيق التقدم بالصبر والتفاني في أداء الواجبات وبذل أقصى الجهد، وبالتعليم النافع، ومثال ذلك اليابان والمانيا التي خرجتا من الحرب العالمية الثانية مدمرتين، إلا أنه بفضل تفاني شعبهما وقوة إرادتهما استطاعا أن يكونا في مصافِّ الدول المتقدمة. ومثال ذلك الشاب الياباني تاكيو أوساهيرا الذي سافر في بعثة إلى المانيا، وكان حلمه الذي يتمنَّى تحقيقه هو أن ينجح في صناعة مُحرِّك يكون أول محرك كامل الصُّنْع يحمل شعار "صُنِع في اليابان"، وبالفعل بعد الدراسة والعمل بجد واجتهاد لتحقيق حلمه، استطاع أن يحقق الحلم ويصنع أول محرك سيارة، لتدخل اليابان بسببه في زمرة الدول الصناعية الكبرى ذات الصيت الشاسع في مجال التكنولوجيا.

                             

                            وتجربة الصين أيضًا شاهد من شواهد قوة الإرادة والعزيمة، فقد استطاعت الصين تحقيق التنمية خلال فترة زمنية وجيزة، بعد موت من 10 إلى 40 مليونًا في الفترة المحصورة بين عامي 1959 و1961، فيما تعتبر واحدة من أسوأ المجاعات في التاريخ الإنساني. ولكن في عام 1976، بدأت الإصلاحات التي أدت إلى نمو الاقتصاد الصيني الذي أصبح يفوق النمو الاقتصادي الأمريكي.

                             

                            ولكن هذا التقدم كان يحمل معه ظلمًا واحتلالًا لشعب الإيجور المسلم، وتمارس فيه الصين الترحيل القسريَّ للعُمَّال والمزارعين ليعملوا في أماكن بعيدة عن التركستان، والتهجير العكسي للصينيين من عرقية الهان إلى التركستان الشرقية، والإهمال التعليمي المتعمد للإيجوريين، وفرصة العمل لعرقية "الهان" الصينية كبيرة جدًّا في حين يُحرَم أصحاب البلد من العمل، فأين التقدُّم الاقتصادي والتنمية والحضارة المادية من قتل وتشريد المسلمين؟!

                             

                            هذه المشاهدات تبرز لنا أهمية أن تكون للأفراد والمجتمعات همة عالية بصفة عامة، ولكن لا يجب أن تحمل هذه الهمم العالية في طياتها أذًى للغير، فالحضارة بمفهومها الغربي قاصرة على الجانب المادي فقط وتغفل جانب الروح؛ ولكن في الإسلام فبالإضافة إلى تحقيق التقدم العلمي والمادي، نجد أن هناك جانبًا أخلاقيًّا لا يمكن تجاهله، وهناك أيضًا الثواب الأخروي لمن أتقن عمله وبذل أقصى ما عنده وتسامَتْ هِمَّتُه.

                             


                            [1] رواه البخاري (615)، ومسلم (437).

                            [2] رواه أبو داود (1464)، الترمذي (2914)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (8122) .

                            [3] أخرجه الترمذي (2530)، وأحمد (22140) باختلاف يسير مطولًا، صححه الألباني في صحيح الجامع (3429).

                            [4] صحيح البخاري (4837).

                            [5] صحيح البخاري (1897).

                            [6] صحيح مسلم (1028).

                            [7] صحيح مسلم (489).

                            [8] صحيح مسلم (218).

                            [9] أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031(.

                            [10] صحيح البخاري (3461).

                            [11] تصغير غنم، والمعنى: يرعى بقطيع صغير من الغنم.

                            [12] وهو رأس الجبل، يعني أنه يقيم في أعالي الجبال.

                            [13] صحيح مسلم (1889).

                            [14] سنن أبي داود (2606)، صححه الألباني.

                            [15] سنن أبي داود (4291)، صححه الألباني.

                            [16] موقع الدرر السنية، الموسوعة الحديثية.

                            [17] أخرجه البخاري (6464)، ومسلم (2818).

                            [18] سنن أبي داود (4297)، صحَّحه الألباني.