رقص العروس في ليالي الأفراح
فإن ظاهرة رقص العروس تنتشر في كثير من البلدان. وهي ظاهرة اعتادت عليها كثير من المجتمعات المسلمة رغم ما يصحبها من منكرات كثيرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن ظاهرة رقص العروس تنتشر في كثير من البلدان. وهي ظاهرة اعتادت عليها كثير من المجتمعات المسلمة رغم ما يصحبها من منكرات كثيرة، فأصبحت كمعصية مُسَّلم بها يجب عملها في أي عرس بغض النظر عما إذا كان فيها سخط الله أو رضاه. ولكن لماذا وما السبب في عدم التساؤل عن شرعيتها، ولماذا تستمر رغم ما يصحبها مما يصحبها؟ ومن الذي رتب لهذه العادة التي تخالف تعاليم ديننا ولا أصل لها في السنة أو القرآن؟ وقبل الخوض في هذا لنتطرق لماهية هذه الظاهرة. والمصطلح معناه لا يحتاج شرح ... فالعروس تقف أمام الجميع في وسط حفل العرس وتبدأ بالرقص. قد يختلف نوع وشكل هذا الرقص من مجتمع لآخر ومن بلد لأخر بل ومن مدينة لأخري.
منكرات في رقص العروس
ويصحب رقص العروس مجموعة من المنكرات؛ حيث فيه تظهر العروس بفستانها الأبيض الذي يحز جسمها من ضيقه، وهي ترقص مع عريسها وسط القاعة. وأحياناً ترقص بفستان ملون بالألوان الصارخة كالأحمر والأصفر، وقد يكون مزين بالتطريز والورود، وغير ساتر. وتلبس معه كمية من الذهب ليست بقليلة. وأما الحضور ففي الغالب من النساء، اللائي يكن في أغلب الأحيان متبرجات في أعلى مراتب الزينة. فيلبسن كل ما يستطعن من ذهب وحُلى، وتتخير كل واحدة منهن أجمل ما لديها من ثياب لتظهر به. وربما يصاحب ذلك في كثير من الأحيان كشف لأجزاء من أجسامهن كالعنق والصدر وغيرها. بل رأينا حديثاً من تلبس لباس أسوأ من لبس الكافرات، بأن يكون مفتوحاً بالجنب ليصل فخذها أو يظهر صدرها. والاسوأ من ذلك هو وجود بعض الرجال في العادة من المصورين أو أصدقاء العريس. وحتى وجود العريس نفسه وسط جموع النساء المتبرجات هذا لا يجوز. وكذلك وجود أخوات العروس من الذكور وربما أخوة العريس أيضاً. وفي المجتمعات الأكثر انفتاحاً يكون العرس مختلط تماماً وتعج قاعة العرس فيه بالرجال والنساء والأطفال والشباب. ويصحب ذلك موسيقى تكون في العادة صاخبة، وربما تكون مسجلة أو بوجود فنان يغني على أنغام الموسيقى ويتراقص في كثير من الأحيان. ويأتي معارف العروس والعريس يقدموا التبريكات لهما عادة بالمصافحة لهما. وربما صاحبها العناق والأحضان للعروسين. فيا للهول مما قلنا وسمعنا ومما يحصل في هذه الليلات من معاصي ومحرمات. وهؤلاء الحضور في الغالب يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. أي هم محسوبين من أو على المسلمين. فالمنكرات التي ذكرت ولم تذكر تكفي لتجعل المرء يمتنع من حضور هذه الاجتماعات أو الأعراس. وسنأخذ شرح بعض هذه المحرمات في الفقرات القادمة.
الاختلاط
اختلاط الرجال بالنساء غير المنضبط محرم في الإسلام حسب الحال. قال تعالى: {(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)} [1]. وهذا وإن كان توجيه للصحابة في تعاملهم مع أمهات المؤمنين إلا أن فيه توجيه للأمة بأن الأفضلية هي الفصل بين الجنسين. وهناك من حلل الاختلاط إن كان من باب التعاون على البر والتقوى. وهناك ضوابط لابد من مراعاتها في حال ضرورة الاختلاط. فلا يحل الاختلاط إن كان به معاصي مثل تعطر النساء وتبرجهن والخلوات المحرمة والتلامس والخضوع بالقول من النساء والنظر بشهوة وتبادل الكلام الفاحش وغيرها. ولابد أن يكون هناك احترام متبادل وأدب وحدود في الكلام بين الجنسين. وجاء في الموسوعة الفقهية: "يختلف حكم اختلاط الرجال بالنساء بحسب موافقته لقواعد الشريعة أو عدم موافقته، فيحرم الاختلاط إذا كان فيه: الخلوة بالأجنبية، والنظر بشهوة إليها، وتبذل المرأة وعدم احتشامها، أو عبث ولهو وملامسة للأبدان كالاختلاط في الأفراح والموالد والأعياد... يقول ابن فرحون: في الأعراس التي يمتزج فيها الرجال والنساء، لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إذا كان فيه ما حرمه الشارع؛ لأن بحضورهن هذه المواضع تسقط عدالتهن. ويجوز الاختلاط إذا كانت هناك حاجة مشروعة مع مراعاة قواعد الشريعة، ولذلك جاز خروج المرأة لصلاة الجماعة وصلاة العيد"[2]. وعلى كلا الحالين فإن الاختلاط في هذه الحالة فيه عدم احتشام وتعري ورقص وغيرها. وليس فيه تعاون على البر والتقوى، بل نشر للشر والمعصية. وأي مصلحة في ذلك الاجتماع المملوء بالمعاصي.
النظر للحرام
تمتلئ الأعراس المختلطة بنظر الرجال للنساء والنساء للرجال. وكذلك عندما تظهر العروس تلفت الأنظار إليها، وهي في كامل زينتها. وربما ظهر شيء من مفاتنها أو عنقها وصدرها. وما إن تبدأ بالرقص حتى تحدق أعين الحضور من الرجال والنساء في جسمها وحركاتها ورقصها الذي قد تفتن به من تفتن. وقد حرم الله النظر الحرام بين الجنسين. قال تعالى: {(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)} [3]. وليس الأمر للرجال فقط، بل يشمل النساء أيضاً. قال تعالى: {(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)} [4]. وهذا أمر رباني صريح. ومع ذلك تجد الناس يسترقون النظرات إلى بعضهم البعض دون مراعاة لهذه الأوامر. وما أن تصعد العروس على المنصة حتى تصبح وكأنها تحت المجهر، تنظر إليه أعين الحضور وتتفحص محاسنها وجسمها بأعينهم الخبيثة. وهي أخبث منهم بعرض مفاتنها أمامهم. وعريسها أخبث من الجميع بالسماح لزوجته بعرض جسمها عليهم. فيا للخيبة والمجاهرة بالمعصية.
المصافحة بين الجنسين
حرم الله تعالى المصافحة بين الجنسين لقوله صلى الله عليه وسلم: «(لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)» [5]. وقوله: «(من مس كف امرأة ليس منها بسبيل وضع على كفه جمرة يوم القيامة)» [6]. فهذا وعيد شديد لمن يصافح امرأة أجنبية. ومع ذلك ترى في كثير من المجتمعات المسلمة من يقومون بهذا الفعل دون أي حرج ومهملين لهذا الحديث؛ ربما لجهل أو تجاهل أو يفعلونه للتظاهر والتشبه بالكفار. ولكن ماذا عن عذاب الآخرة؟ أليس مهم أن يعملوا حسابه أم أن هناك شك في الموت والحساب؟ وهل مجاملة الناس تستحق أن يوقع المرء نفسه في الهلاك ويعرضها لسخط الله وعذابه ... ثم يأتي الموت ليس معه أحد من هؤلاء الناس الذين سيتركونه في قبره ويلقون عليه التراب ثم يذهبون في طريقهم وينسوه. وربما لم ينتظروا حتى يرجعوا إلى بيوتهم ليواصلوا تسامرهم وأحاديثهم، ويرجعوا لحياتهم العادية، بينما ذلك الميت يواجه سؤال الملكين وعذاب القبر وحده في تلك الحفرة.
الغناء الماجن والمعازف
يصحب رقص العروس على الأغلب إنغام الموسيقى والمعازف. كما يصحبها الغناء الذي غالباً ما يكون ماجناً بكلمات مائعة تدعو إلى الهوى والفجور والزنا. ويصحب ذلك السفور وإختلاط الرجال بالنساء. وكل ذلك مما يجلب سخط الله. وبه تجاوز وإستهانة بالتعاليم والآداب الإسلامية. وقد جاء في الحديث الشريف: «(ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف)» [7]. ورغم ذلك تجد هؤلاء يقومون بهذه المنكرات دون حرج في الأعراس. وكأنهم طرحوا ثوب الإسلام جانباً في ذلك اليوم، ثم بعد انتهاء العرس رجعوا ليلبسوه. فكيف لهم الأمن من مكر الله واستدراجه. وهم لا يعبأون بما يفعلون ولا حتى كلمة إستغفار لا يقولونها. وقد نسوا قول الله تعالى: { (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)} [8]. فهم رهنوا أنفسهم بلذة عابرة، سُرعان ما تنتهي في ليلة شيطانية تقودها تلك العروس الراقصة وتجر ذنوبهم مع ذنبها.
التعري والسفور
ليس الموسيقى والإختلاط هما المنكر الوحيد في ذلك الاجتماع، بل يصحب ذلك التعري والسفور. وذلك رغم أن الحجاب والتستر أمر رباني لا خلاف فيه. قال تعالى: { (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)} .[9] ولكن للأسف تجد في ليلة العرس تلك السفور والتبرج على أقصاه. وكأنها سهرة في مقهى ليلي في دولة كافرة. اجتمع فيه شياطين الإنس والجن. فتجد الفتيات يلبسن الضيق الذي لا يكاد يستر منهن شيئاً. وأحياناً تكون ثيابهن قصيرة. فأين الأمهات وأين ولاة الأمر؟ وكيف يسمحوا لبناتهم بتلك المسخرة. ولكن للأسف ربما تجد الأمهات أنفسهم متبرجات بثعابين الذهب والثياب المبهرجة. فلا يهمهن ما تلبس بناتهن أو ما ظهر منهن. وكما قيل "فاقد الشيء لا يعطيه". فإن كان ذلك حال الأم فليس بمستغرب لبس بنتها العاري. ولكن الحق الأكبر على الأب الغائب. أين هو من كل هذا وأين نصحه وتوجيهه. وأين هي قوامة الإسلام وتعليمه لأبنائه. قال تعالى: {(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)} [10]. وقال: {(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)} [11]. ومع كل هذه الأوامر بتعليم أهل بيته وتوجيههم وإعطائه القوامة عليهم فهو يترك نسائه يخرجن أمامه كاسيات عاريات متبرجات. فهو إما فاسق لا يكترث بلباسهن أو ضعيف الشخصية لا يستطيع توجيههن. وهو الذي يقود المركب ويُلتَمس فيه الوعي والرشاد ... ولكنه ليس بقائد صالح. لأنه أساء القيادة فغرقت المركب بما فيها.
الرقص والتمايل
ومع ذلك السفور والتعري تجد الرقص والتمايل على أنغام الموسيقى والغناء الماجن. ورغم فصل الرجال في صالة مختلفة في بعض الأعراس، إلا أنه من العجيب أن تجد النساء يتراقصن أمام عازفي الموسيقى وفنيي الإضاءة والتصوير في قاعة النساء ... وكأنهم ليسوا برجال أو لا يعدونهم كذلك. وفي المجتمعات الأكثر انفتاحاً تجد الرجال والنساء من المعازيم في صالة واحدة ويرقصون على صوت الموسيقى الصاخبة. وعلى رأس كل ذلك تجد العروس تتوسط القاعة وترقص مع زوجها الديوث الذي لا يكترث بأن ترقص زوجته أمام العالم أم لا. بل هو نفسه يشاركها ويتبختر فرحاً برقصها أمام الناس وأشباه الرجال الذين يحيطون به وبعروسه. فلا غيرة ولا مراعاة لحرمات الله ولا نخوة ولا رجولة. فأيُّ دينٍ هذا الذي يتبعُه. قال صلى الله عليه وسلم: «(ثلاثة لا يدخلون الجنة . . . الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر قالوا يا رسول الله! أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث؟ قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله قلنا: فما الرجلة من النساء؟ قال: التي تشبه بالرجال)» [12]. والرجل الذي لا يغير على محارم بيته ولا يسوئه أن يظهروا أمام الرجال بثياب شبه عارية لابد وان فيه خلل ... فليراجع إيمانه ويتب إلى الله وينهي تلك الفوضى التي لا لازمة لها ولا فائدة منها في الدنيا والآخرة. ولن تجر عليه سوى كلام الناس عنه وعن أهل بيته. بل وربما وشتمه أيضاً وشتم بناته وأذاهم في الطرقات. وهي فضيحة له ولهم في الدنيا، وذنب وعقاب في الآخرة. وأما المرأة التي تتعرى أمام الرجال فهي في وعيد العذاب في النار. وهي بتعريها ذلك تفتن الرجال وتعرض نفسها لخطر الأذى من ذئاب الطريق. وإن أصابها مكروه فلا تلومن إلا نفسها. فهي التي عرضتها للهلاك. والذئاب لا تعض المتسترة المحتشمة، بل تجري وراء اللحم المكشوف السهل المنال والمعروض عليها دون مال.
الخلوات المحرمة
وتجد في كثير من الأعراس أشخاص متفردون بالحديث في زوايا القاعة الخفية يتبادلون الأحاديث الخافتة. وللأسف أن يكونوا في الأغلب شاب وفتاة أجنبيين عن بعضهما. تركا الحفل بما فيه حتى يستطيعوا الانفراد والخلوة ببعضهما. وقد حرم الله تعالى الخلوة بالأجنبية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «(لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)» [13]. وكم من خلوة جرت وراءها حبال العشق والهيام التي لا تنفك إلا بالخراب والزنا. وكم من فتاة فقدت شرفها من وراء الحب. وكم من متزوجة فقدت زوجها وأولادها بسبب الخيانة والعشق. وكم من رجل خسر زوجته وأولاده لنفس السبب. فدمرت بيوت وتشرد أطفال وخربت حياتهم. والخلوات هذه هي التي تتولد فيها مشاعر العشق والحب الحرام. قال صلى الله عليه وسلم: «(لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا وكانَ الشَّيطانُ ثالثَهما)» [14]. فلماذا يعرض الإنسان نفسه للفتنة التي هو في غنىً عنها!
وضع النساء للعطور ونشر الفتن
ومن الأشياء المنكرة في الأعراس أيضاً وضع النساء للعطور وإتيانهم لحفل العرس وعطورهم تفوح في كل مكان. قال صلى الله عليه وسلم: ( «كل عينٍ زانِيةٍ، والمرأةُ إذا استعطرتْ فمرتْ بالمجلسِ، فهي كذا وكذا يعني: زانيةٌ)» [15]. وقال: «(لا تُقبلُ لامرأةٍ صلاةٌ تطيَّبتْ بطِيبٍ لغيرِ زوجِها حتى تغتسلَ منه غسلَها من الجنابةِ)» [16]. فتخيلي أختي الكريمة أنك تكوني بمثابة زانية إن خرجت متعطرة. هل ستقدمين على فعل ذلك بعد سماع هذا الحديث. والمتعطرة تلفت إليها الناس وربما تفتن الرجال والنساء بعطرها. وكل الناس يعرف أن العطر به فتنة. فلماذا تضعينه خارج بيتك؟ فاتقي الله في نفسك ولا تنشري الفتن التي لن تنالي منها سوى الأذى.
تسريحات الكوافير
ومن منكرات الأعراس هو التنافس في تسريحات الكوافير ورفع الشعر والتفنن في التصميمات المختلفة. وعرض ذلك كله بطريقة تلقائية في صالة المعازيم وأمام الجميع. وليس هناك فرق عندهم بين رجل وامرأة، حيث لا تستر المرأة نفسها أو تغطي شعرها من الأجانب. بل إنها دفعت المبالغ لتحصل على تلك التسريحة، والتي ربما قام بتصفيفها رجل. فيا لكم المنكرات التي قيلت في هذا السناريو الصغير. وقد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: «(صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)» [17]. وهذا ما نراه في هذه الأعراس ... نساء برؤوس كأسنة البخت المائلة. وهن بفعلهن ذلك أصابوا ذنوباً مركبة.
وضع المكياج الصارخ وإزالة شعر الحواجب
ومن منكرات الأعراس وضع المكياج الصارخ الذي يلفت الأنظار. وهو من التبرج المحرم. وقد روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: «(جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)» [18]. والمكياج على قمة التبرج. وقيل "إن التبرج في الشرع من كبائر الذنوب ... ومن تأمل في هذا الحديث الشريف يجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرن التبرج الجاهلي بأكبر الكبائر، والتبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله"[19]. وكثيراً ما يصحبه إزالة شعر الحواجب الذي هو محرم في الإسلام. قال صلى الله عليه وسلم: «(لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات والمتفلجات، للحسن المغيرات خلق الله)» [20]. والمكياج بعد كل ذلك تجده يشوه الوجه، فيجعل المرأة تبدو وكأنها مهرجاً في سيرك للألعاب. فترى من بعيد الأحمر والأزرق والأخضر وكأننا في مهرجان للألوان. فلا جمال ولا ذوق ولا طاعة لله. وماذا بعد هذا! ولماذا تضعه المرأة؟ لتبدو جميلة؟ لمن؟ لزوجها أو للأغراب؟ وبعد أن بدت جميلة ما الذي تسعى إليه في مهرجان الألوان هذا. فربما ما تسعى إليه لا يكاد يخرج من إحدى الخيارات أدناه:
- إما أنها تبحث عن زوج ... وهي في هذا الحال كمن يبحث عن الذهب في أكوام القمامة. فالزوج الصالح أختاه لن يجدك تحت كوم الألوان هذا ... بل ولن يبحث عنك في حفل. وإن وجدتيه هناك فربما لم يكن ذو دين وخلق ليكون صالح.
- وأما إنها تريد أن تلفت إنتباه الأجانب من الرجال للتلاعب ... ومن هذا حالها فلتحذر أن تصير هي اللعبة في أصابعهم، كما تحذر من عقاب الله وسخطه، ومن الفتن التي قد تصيبها منهم وتصيبهم منها.
- وأما أنها تريد أن تلفت إنتباه الناس لتظهر وتشتهر مثلاً ... ومن كان هذا حالها فهي تستحق ما تريد. وهل تظنين أختاه أن الشهرة والظهور فيها راحة أو سعادة؟ بل إن فيها من التقييد والضغط النفسي ومراقبة الناس ما يذهب راحة البال والحياة الطيبة والاسترخاء.
إهمال الصلاة في ليلة العرس
من المهلكات التي تحدث في ليلة العرس هو ضياع الصلاة. حيث تجد دخول وقت الصلاة وخروجه ولا يقوم العروسين ولا أحد من المعازيم لأداء الصلاة. فقد توقفت الحياة عندهم في هذا اليوم على المظاهر واللبس والحفل وغيره. وصارت طقوس العرس أهم عندهم من الله وطاعته. فها هي العروس تخشى على مكياجها من الوضوء وتخشى على فستنانها من أن يتهتك من ضيقه أثناء الركوع والسجود. وها هو العريس نسي المسجد وصلاة الجماعة ... بل نسي الصلاة برمتها في ذلك اليوم. وصار يصافح النساء ليستجيب لمجاملتهم في ذلك بعد أن كان ملتزماً. وكذلك العروس كانت لا تفوت صلاة قبل العرس. فيا لفتنة ذلك اليوم وشدتها! إنها تمتحن الشباب بأقسى أنواع الامتحان ويضعهم المجتمع في حرج كبير في ذلك اليوم. فمن التزم منهم وامتنع من المصافحة والموسيقى والرقص والاختلاط الماجن وصفوه بالتزمت والتشدد. بل وربما التخلف وعدم الأدب والإتيكيت كما يسمونه أتباع الهوى والضلال. وما ذلك إلا لمحاكاتهم الغرب وتقديم عاداتهم على شرع الله. فالمشكلة ليست في ذلك المتشدد كما يسمونه ... بل هو الذي نجح في الإمتحان ونجى من الفتنة. المشكلة في هؤلاء المتشبهين بالكفار والذين يقلدونهم تقليد أعمى على حساب دينهم. فليخشوا على أنفسهم من الهلاك لوقوعهم في الفتنة والضلال.
التبذير والإسراف
يتبع الأعراس الكثير من البزخ والتبذير. فبين القاعة التي يكلف تأجيرها الكثير من المال إلى تأجير الأثاث والإنارة وإحضار الفنان وجلسة العروسين وغيرها. ثم ما يقدم من طعام بكميات كبيرة وكثير منها ينتهي إلى سلة الزبالة. وكذلك يبدأ الناس لاسيما والد العروس أو صديق العريس بتطيير الأوراق المالية في كل مكان وكأنها ورق زبالة بينما العالم مليء بالجوعى الذين لا يجدون ما يأكلون. وهذا غير ما لم اكتب عنه ... فهناك الكثير من البزخ. ولو أُبدِلت هذه الحفلة الكبيرة بعزومة بسيطة للأقارب ثم إستغل العروسين بقية المال في تجهيز بيتهما وشراء أثاثه لكان أنفع لهما وأحفظ لدينهما ودنياهما. فالتبذير من المحرمات التي نهى عنها الشارع. قال تعالى: { (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)} [21]. وقال صلى الله عليه وسلم: «(لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه)» [22].
خلع العروس للحجاب ليلة العرس
وللأسف تجد أحياناً أن العروس التي كانت محجبة وملتزمة قد خلعت حجابها ورمت بطرحتها في ليلة العرس. ووضعت المكياج والحناء والذهب وكشفت عن صدرها ورقبتها. وربما تركت رجل من عاملي الكوافير يصفف شعرها أو يشد فستان العرس على خاصرتها ليصبح أضيق ما يكون؛ ويظهر صدرها وخصرها ومفاتنها للعالم. فيا للخسارة يا عروسنا ... هل لأجل يوم زائل تلقي بحجابك وتتخلي عنه!! وهل هؤلاء الناس يستأهلون أن تغضبي الله الذي طالما أطعتيه وبذلتي عمرك لإرضائه. فتأتي في ليلة واحدة لتضيعي جهدك هذا وتسخطي ربك وتكشفي محاسنك للناس؟! وأين عريسك الذي اختارك محجبة ... أنسي هو الآخر أن حجاب المرأة فرض وأنها صارت زوجته ولا يحل لها السفور؟ أم أصبح ديوثاً في تلك الليلة مجاملة لأصدقائه ومداراة لمجتمعه. أليس الله هو أهم من يجب علينا مجاملته والوقوف عند حرماته! أليس هو من بيده مصائرنا في الدنيا والآخرة! أليس إليه المرجع والمنقلب، وهو الذي نرجوه في كل آمالنا وأحلامنا! فلماذا انقلبت كل موازين الحق في تلك الليلة اللعينة ... ويا لسوء المنقلب.
التشبه بالكفار والمسيحيين
ومن المنكرات في الأعراس أن تجد المسلمين يحاكون الكفار والمسيحيين في الكثير من العادات والتقاليد. والتشبه بالكفار منكر يجب الحذر منه. وقد تنبأ بحدوثه نبينا الكريم حيث قال: «(لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)» [23]. وسنذكر بعض من هذه العادات في الفقرات التالية.
- لبس العروس للفستان الأبيض
- لبس العروسين لدبلة الزواج.
- تقطيع كيكة العرس.
- الرقص على الموسيقى التي تكون أجنبية أحياناً. وأحياناً تجد الناس لاسيما الشباب يقومون برقصات غربية لا تنتمي للدول الإسلامية لمحاكاة الغرب.
- التصاميم الأجنبية لكروت دعوة العرس.
- جلوس العروسين في الكوشة. وهي المنصة التي يقعد فيها للعروسين وتكون عادة في مقدمة القاعة، ومزينة بالزهور والأنوار.
شرب الخمر
ويصحب العرس في بعض الأحيان شرب الخمور؛ لاسيما في البلاد الأكثر تحرراً. فتجد الخمور توزع على المعازيم بكميات قليلة. وأحياناً يشرب العريس والعروس أيضاً. وهذه بالطبع عادة دخيلة أيضاً من الكفار. ويحرم شرب الخمر سواء في الأعراس أو غيرها، وذلك لقوله تعالى: {(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)} [24]. وقال صلى الله عليه وسلم: «(إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها)» [25]. والخمر أم الكبائر، ومنها تنتج كثير من الجرائم. وذلك لأنها تُسكر الإنسان وتجعله يخرج عن عقله ويتصرف بغيره. مما ينتج عنه إرتكابه لأخطاء فادحة قد تودي به إلى السجن أو الوقوع في كبائر الذنوب مثل القتل والزنا وغيرها. وتوفير الخمر في العرس يعرض الحضور بما فيهم العروسين للخطر. كما يعرضهما للفضائح والمصائب. وقد رأينا مقطع لعروس أجنبية سكرانه وقد بدأت بخلع ثيابها في صالة العرس. فهل هناك فضيحة أكبر من هذه؟!
لبس العروس للفستان الأبيض
ومن العادات المأخوذة من الغرب والمسيحيين لبس العروس للفستان الأبيض. وهو فستان مزين عادة بالتطريز والورود البيضاء وبه من الفتنة والجمال ما يكفي ليلفت الناس إليه. كما أنه ضيق عادة ويعتصر جسم العروس ويبرز مفاتنها من صدر وخاصرة. وهذا ليس بلباس شرعي، لأنه ضيق ويبرز محاسنها أمام الأجانب. ويصحبه طرحة العرس وتكون عادة شفافة ولا تستر شيء. بل إنها تزيد من جاذبية الفستان وفتنته. وحتى العروس المحجبة أو المنتقبة تلبسه ظناً منها أنها لم تخلع الحجاب. ولكن هذا الثوب أظهر كل شيء سواء هي تدري أو لا تدري.
رقصة العروسين
في كثير من الأحيان يرقص العريس مع العروس بموسيقى رومانسية برقصة أجنبية دخيلة بحيث يمسك بيدها ويضع يده الأخرى بخاصرتها ويتمايلان وهما على وشك أن يقعا في أحضان بعضهما البعض أمام الناس. وهذه عادة دخيلة علينا من المسيحيين وليست من أصل الإسلام. ويصحبها موسيقى ورقص. كما أن بها إخلال بالآداب العامة.
تقبيل العريس للعروس أمام الناس
من المنكرات التي ظهرت حديثاً في الأعراس هو تقبيل العريس للعروس في الحفل. وهي عادة غربية دخيلة. وليس بها أي نوع من الحياء أو الأدب. فكيف يفعلا هذا أمام الناس ... إنه أمر منكر ولا مبرر له. ألا يستطيعا أن يصبرا حتى يصلا بيت الزوجية. وهذا فعل خادش للحياء وربما يثير شهوة بعض الحضور. أليس له ولعروسه أدنى ذرة من الحياء ... حيث يقومان بذلك أمام الناس الذي هو مجتمع مسلم دون أدب ولا إحترام للحضور ولا لرب الحضور.
حمل العريس للعروس
ومن العادات الدخيلة ولا تستساغ لسوي الفطرة هو حمل العريس للعروس. فمن يعجبه أن تحمل بنته وتكون رجلاها على الهواء وينكشف جزء من جسمها أو يلتصق الثوب ببدنها وينظر إليها الحضور من جميع الجهات ويرون ما خفي. وكل ذلك من يفعله؟! إنه عريسها الذي كان الأحرى به أن يكون أشد حرصاً على ستر زوجته وحفظها من الانكشاف أمام الناس والبهدلة أمام الورى. ثم إن حمله لها مخجل للإنسان العادي ... إذ ما المقصود أو ما المغزى هنا؟ أن يظهر جمال زوجته للناس أو أنه يستلذ بأن يرى الناس أن زوجته خفيفة الوزن أو أن تظهر تفاصيل جسمها. كل هذه الأفكار أمور غير مستساغة ولا يليق أن تحدث أمام جمع المعازيم. فهي عادة فاضحة نوعا ما ولم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام.
وصيفات العروسة
ومن العادات الواردة لنا من بلاد الغرب هي ما يسمى بوصيفات العروس. حيث تلبس صديقات العروس لبس موحد، ويقمن برقصات موحدة وكأنهن فرقة رقص. وربما صرفن الأيام والأسابيع للتدرب على هذه الرقصات وكأنهن عاهرات محترفات. وصرفن الأموال لشراء هذه الفساتين الموحدة الغالية الثمن والتي تكون عادة غير ساترة. ثم بعد ذلك يقمن بالرقص أمام الناس ولا تفريق في ذلك بين المعازيم الرجال أو النساء. فكل همنُّ هو طربهن وإطرابهن للمعازيم. سواء كان هذا الطرب بالاستعراض أو اللبس أو التبرج أو الرقص أمام الناس. وكل ذلك منكر ولا يليق أن تقوم به فتاة مسلمة. فكيف تقبَّل المجتمع هذه العادة السمجة والتي ليس فيها أي نوع من الحياء.
التبريك للعروسين بالأحضان والقبل
ومن منكرات الأعراس التي تحدث أحياناً عناق المهنئين للعروسين وتقبيلهما بغض النظر عن إختلاف الجنس. وهذا رغم فظاعته رأيناه في بعض المقاطع. والحمد لله هو قليل ولا ينتشر على أرض الواقع. ولكن هذه المقاطع التي نشرت تم تصويرها في بلاد المسلمين. فكيف وصل الأمر بهؤلاء لهذا المستوى من عدم مراعاة أحكام الشرع. وكيف أصبحوا يقلدون الغرب تقليد الأعمى دون تميز. وكيف استساغ العريس أن يحضن صديقه عروسته. أليس فيه أي غيرة ... وهل هو مسلم حقاً ورجل سوي يغار على زوجته ... أم أن هذه الصفات الفطرية بدأت تندثر من الناس.
الاستعراض والمظاهر ومجلبة الحسد والعين
ويصحب رقص العروس الاستعراض والمظاهر التي قد تجلب لها ولزوجها الحسد والعين. فربما تحسدها من لم يرزقها الله بزوج أو تحسدها النساء على جمالها أو على الذهب الذي في عنقها أو على عريسها الوسيم أو غيره من الأسباب. وربما يُحسَد العريس من أصحابه الذين لا يستطيعون الزواج أو من زملائه الذين تفوَّقَّ عليهم في العمل أو غيره. فربما ينتج عن ذلك عين تؤدي إلى طلاق العروسين في شهر، أو ربما أصيبا بمرض أو حادث سير أو غيره. وربما اندلع حريق في العرس احترقت فيه العروس والمعازيم. فلأجل الاستعراض والتباهي تعرِّض العروس نفسها لهذه الأخطار؟! وما الفائدة من ذلك سوى جلب القيل والقال عنها وعن عريسها. وقد ذُكِرت العين في السنة، وبين صلى الله عليه وسلم خطرها، فقال: (العينُ تُدخِلُ الرجلَ القبْرَ، وتُدخِلُ الجملَ القِدْرَ)[26]. وقال: « (العَيْنُ حَقٌّ)» [27]. ولذا فإن الأفضل للعروس أن تستر نفسها وتبعد عن المظاهر والرقص وتحترم زوجها وأهلها وتحفظ نفسها من العين والسحر والحقد وشرور الناس التي لا تعلم بها.
الراقصة شبه العارية
من المنكرات التي تصاحب ليلة العرس في بعض من البلدان هو جلب راقصات ليرقصن على أنغام الموسيقى. ومن المؤسف أن تجدهم يفعلون هذا أمام الرجال من المعازيم أو على الأقل الرجال الذين يديرون أجهزة الموسيقى والإنارة. ومن المؤسف أن تجد أحياناً العريس يقف ويرقص مع تلك العاهرة أمام الناس تاركاً عروسه جانباً. ومن الفظيع أن تجد بعض هؤلاء الراقصات شبه عاريات أو يلبسن ملابس ضيقة. ويرقصن رقص خليع بتمايل الخصر والصدر وغيره. وتجد أعين الحضور تحدق بهن؛ وكأنهن عاهرات في مقهى ليلي. وقد تنبأ بظهورهن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «(أن من أهل النار نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)» [28]. فلماذا يحدث هذا الخزلان في بلاد المسلمين. وأين الرجال والعلماء وحماة الأوطان؟ ألم يأن الأوان بالتدخل لوقف هذه الفوضى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وأين محارم هؤلاء النساء؟ ألم تعد هناك نخوة ولا رجولة. فإن كن هن فقدن الحياء والدين وكل شيء ... هل فقد محارمهم النخوة والدين أيضاً. إن تلك المناظر الفاضحة لا تراها حتى بهذه الصورة الفظيعة في بلاد الكفر ... ولكن نراها للأسف في بلاد المسلمين. وقد اعتاد عليها الناس ... فلا يحرك لها ساكناً رجل غيور ولا يقف في وجهها صاحب دين. فيا للخسارة ... إن هذا عار على المسلمين وخزي لهم بين الأمم. بل إن الكفار وحديثي الإسلام يسمعون عن الحجاب والنقاب وينبهرون بقيمة المرأة عند المسلمين ... ثم يرون هذه المناظر المقززة. فيا للخزي والخجل. فبجهد مقل نناشد كل ذو دين غيور على دينه بأن يتدخل لإيقاف هذه المهازل. وليجتمع علماء الأمة ويوحدون الصف ويرفعون الدعاوى المطالبة بإيقاف الراقصات شبه العاريات من الظهور في الأفراح والمقاهي وأي مكان عام، وإيقاف غيرها من منكرات الأعراس.
البدع في الزواج
وفوق ما ذكر من منكرات فإن رقص العروس كثراً ما يصحبه كم من البدع التي لا تمت للدين بصلة. وتختلف مراسيم الخطوبة والزواج بين بلد لآخر، وكذلك ما يصاحبها من عادات وتقاليد. وتختلف كذلك البدع التي تصحبها. ونذكر منها على سبيل المثال:
- أن تضع العروس الملح على فنجان القهوة وتقدمه للعريس.
- أن تشرب العروس لبن وتبصق به في وجه العريس.
- رش الملح على عتبة البيت قبل دخول العرسان.
- أن تنحني العروس لعريسها وكأنه رب يعبد.
- أن يحاول العريس مسك العروس قبل وقوعها أثناء الرقص.
- أن يربط أخو العروس خصرها بقماش أحمر.
- أن يرفع السيف أو يرفع يده ويهز بها.
وغيرها من الخرافات والبدع والعادات والاعتقادات التي لا أصل لها من الدين ولا أساس.
الزغاريد
وقد تصحب الأعراس عادة تسمى الزغاريد. وهي أصوات غريبة تصدرها النساء في الأعراس. وحسب ما قال العلماء فإن صوت المرأة "ليس بعورة، ولكن العورة هي الخضوع والتغنج بالقول"[29]. قال تعالى: { (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)} [30]. وهذا في صوت المرأة العادي. ولكن ما نسمع في الزغاريد فأصوات عالية ومنكرة ولا تليق بأن تصدر من امرأة مسلمة. بل لا تليق حتى أن تصدر من البهائم. فكيف للمرأة أن تبهدل من نفسها وتصدر هذا الصوت المنكر أمام الناس. وتخرج معه لسانها مقعراً خارج فمها وتحركه يمين ويسار. وكل هذه الحركات المخجلة والأصوات المنكرة يتم تصويرها ونشرها. فأي امرأة محترمة تقبل على نفسها فعل هذا؟ وأي رجل محترم يقبل أن تقوم زوجته بهذا الفعل المحرج أمام الأغراب.
زفة العرسان مصاحبة بموسيقى
من منكرات الأعراس وبدعه الدخيلة على المسلمين ما يسمى بالزفة. حيث يدخل العروسين يمشيان ببطء ويمسكان بعضهما بالأيادي وتصحبهما موسيقى معينة يسمونها بموسيقى الزفة. وأقل ما بها من منكرات أن فيها موسيقى، وأنها بدعة ليست من الإسلام، وفيها تشبه بالكفار والمسيحيين. وكل هذه منكرات لا ينبغي أن تكون في أعراس المسلمين.
النقطة
وهي أن يأتي المعازيم ويضعون مال في صدر الفنان أو غيره. وهذه عادة دخيلة فيها تبذير واستعراض. وهي ليست من الإسلام ولم تذكر في شروط الزواج. ولم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أزواجه ولا صحابته. كما أنها قد تثقل على الناس خاصة في زمن الفقر هذا.
فرض المجتمع طقوس العرس على العروسين والحضور
ومن المؤسف أن تجد هذه الطقوس قد فُرِضت على الناس والعروسين دون تفريق بينهم، وبدون مراعاة الالتزام والحدود الشرعية. وحتى من كان منهم ملتزم تجده لا خيار له إلا بأن يتنازل عن التزامه في ذلك اليوم حتى يتم زواجه. ولو حاول الإعتراض لإستاء الناس والأقارب وفشل العرس في كثير من الأحيان، حيث أن القاعة والمعازيم والترتيب كله يتجه لمسالك الشيطان في فعل المنكرات. كما أن التقاليد والعرف تفرض نفسها بشدة في معظم المجتمعات الإسلامية. رغم أن معظمها لا تمت للإسلام بشيء.
وهناك بالطبع منكرات أخرى والكثير مما لم يُقال، ولكن اكتفي بهذا. وختاماً هذه خواطر حول موضوع كبير وجهد مقل. فإن أصبت فمن توفيق الله وفضله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوقظ مجتمعاتنا على العادات السيئة التي تنتشر فيها. ويجعل المسلمين يرون الحقيقة وينتفضوا من هذه المنكرات التي خلفها الاستعمار ويرجعوا لدينهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الموسوعة الحديثية لتخريج الأحاديث، الدرر السنية.
- بدع ومنكرات الأفراح، الشيخ ندا أبو أحمد، مكتبة الألوكة.
- الموسوعة الفقهية، نقلاً عن الشبكة الإسلامية، فتوى: التوضيح الشافي لحكم الاختلاط.
- فتوى: التبرج.. حكمه وعقوبته، الشبكة الإسلامية.
- فتاوى نور على الدرب، هل صوت المرأة عورة؟ موقع بن باز.
[1] الأحزاب 53.
[2] الموسوعة الفقهية، نقلاً عن الشبكة الإسلامية، التوضيح الشافي لحكم الاختلاط، فتوى رقم (173063).
[3] النور 30.
[4] النور 31.
[5] صححه الألباني في صحيح الجامع (5045). وأخرجه الروياني في (المسند) (1283) باختلاف يسير، والطبراني (20/211) (486)، والبيهقي كما في (الترغيب والترهيب) للمنذري (3/26) واللفظ لهما.
[6] ذكره الزيلعي في نصب الراية (4/240)، وحكم عليه بأنه غريب.
[8] المدثر 38.
[9] النور 31.
[10] النساء 34.
[11] التحريم 6.
[12] ذكره الألباني في صحيح الترغيب (2367)، وحكم عليه بأنه صحيح لغيره. وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (10800) واللفظ له، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (5209) مختصرا.
[13] أخرجه البخاري (5233)، ومسلم (1341) بإختلاف يسير.
[14] صححه ابن باز في الفوائد العلمية من الدروس البازية (6/58).
[15] أخرجه أبو داود (4173)، والنسائي (5126) باختلاف يسير، والترمذي (2786) واللفظ له، وأحمد (19513، 19578) مفرقاً.
[16] أخرجه ابن ماجه (4002)، وأحمد (7350) باختلاف يسير، والبيهقي (5582) واللفظ له.
[17] مسلم 2128.
[18] ذكره الألباني في جلباب المرأة (121)، وقال إسناده حسن. وأخرجه أحمد (6850) واللفظ له، والطبري في (تفسيره) (23/343)، والطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (6/41).
[19] التبرج.. حكمه وعقوبته، الشبكة الإسلامية، سؤال رقم (26387)، الثلاثاء 6 شوال 1423 هـ - 10-12-2002 م.
[20] أخرجه مسلم (2125)، والبخاري (4886) باختلاف يسير.
[21] الأعراف 31.
[22] أخرجه الترمذي في صحيح الترمذي (2417)، حسن صحيح. وأخرجه الدارمي (537) باختلاف يسير، والبيهقي في (المدخل إلى السنن الكبرى) (494) واللفظ له.
[23] أخرجه البخاري (3456)، ومسلم (2669) بإختلاف يسير.
[24] المائدة 90.
[25] أخرجه ابن وهب في (الجامع) (52)، وابن حبان (5356)، والحاكم (7229).
[26] حسنه الألباني في صحيح الجامع (4144).
[27] أخرجه البخاري (5740)، ومسلم (2187) مختصراً.
[28] صححه الألباني في غاية المرام (197).
[29] فتاوى نور على الدرب، هل صوت المرأة عورة؟ موقع بن باز، بتصرف.
[30] الأحزاب 32.
منال محمد أبو العزائم
أستاذ مساعد بقسم القرآن الكريم وعلومه بالجامعة الاسلامية بمينيسوتا.
- التصنيف: