توافقٌ ليبرالي نصراني!

منذ 2012-01-04


جاءني قبل عامين تقريبًا أحد الشباب وهو في العشرين من عمره، فقال -معترضًا مندفعًا-: "كيف تقولون بأن السنة حُجَّة يجب اتباعها، وأنه يجب علينا أن نعمل بالأحاديث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عن النساء كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني والحاكم في المستدرك: «لا تسكنوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسورة النور»؟!"

فبينت له بأن الحجة إنما هي في الأحاديث الصحيحة، أما الأحاديث الموضوعة المكذوبة فلا.
وهذا الحديث موضوع في إسناده راوٍ كذاب، ثم ذكرتُ له عددًا من أهل العلم -رحمهم الله- الذين بينوا ذلك، كابن الجوزي في (الموضوعات) والذهبي في (الميزان) والسيوطي في (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) والفتني في (تذكرة الموضوعات) والشوكاني في (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) والألباني في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ على الأمة).

ثم قلت له: وكيف وقفتَ على هذا الحديث؟ وفي أي كتاب؟! فقال: "عن طريق بعض المواقع، وقد رواه الحاكم" .فقلت له: لكن الذي نقله من مستدرك الحاكم لم يكن أمينًا، وإلا فما معنى أن يقف على مستدرك الحاكم وينقل منه الحديث بمهارة، ثم يعجز عن نقل كلام الإمام الذهبي عليه في تلخيصه للمستدرك حينما قال: "موضوع، وآفته عبد الوهاب، قال أبو حاتم: كذاب"

لماذا تظنه يفعل ذلك؟ قال: لعله يريد أن يشوه سمعة الإسلام.
فكتبتُ له أوراقًا فيها تخريج الحديث، وحكم أهل العلم عليه بالوضع، فأخذها -مشكورًا مأجورًا- وقال: "لا بد أن أقوم بالتحذير من هذا الحديث في المواقع، وأبين للناس بأنه لا يمثل الإسلام".

بعد ذلك دخلتُ يومًا على (شبكة الإنترنت) فتذكَّرتُ هذا الحديث وكلام الشاب لي، فأردت أن أبحث عن تلك المواقع المتخصصة، التي تنشر مثل هذه الأحاديث الموضوعة، فبحثت على عَجَلٍ ولم أجد الحديث -وقتها- إلا في موقعين اثنين:

1ـ موقع نصراني متخصص في إثارة الشبهات والأكاذيب على الإسلام.
2ـ وموقع لمن يسمون بالليبراليين السعوديين..!

حاولتُ دخول موقع الليبراليين السعوديين فوجدتُ موقع الليبراليين السعوديين محجوبًا في السعودية.
فدخلتُ إلى النسخة المخبأة وقارنت بين الموضوعين في الموقع (النصراني والموقع الليبرالي) فوجدتُ بأن الموضوع والحديث متطابقٌ مائة بالمائة، بنفس الخط والتنسيق (يعني نسخ ولصق!).

لكني وللأسف لم أستطع معرفة صاحب الموضوع الأصلي، هل هو النصراني أم الليبرالي؟! وذلك لعدم وجود إشارةٍ إلى اقتباس أحدهما من الآخر.
فقلتُ في نفسي: "ضُيِّعَتِ الأَمَانَة".

الكـاتب: محمد بن أحمد الحريري
المختار الإسلامي