فضائل طاعة الزوجة لزوجها وأحكامها الفقهية

منذ 2024-05-21

وهنيئًا للزوجة المطيعة لزوجها، فلها فضائل وأجور تعدل أعمالًا عظيمة، ولا عجب، فاحترام الزوج واجب، وطاعته ضرورة.

للزوج مكانة عظيمة القدر في الأسرة، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].


وهنيئًا للزوجة المطيعة لزوجها، فلها فضائل وأجور تعدل أعمالًا عظيمة، ولا عجب، فاحترام الزوج واجب، وطاعته ضرورة.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرتُ النساء أن يسجدْنَ لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق»؛  (رواه أبو داود: 2140، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة: 3366).


وروى ابن ماجه (1853) عن عبدالله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما هذا يا معاذ» ؟ قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم؛ فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلا تفعلوا؛ فإني لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حقَّ ربها حتى تؤدي حقَّ زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه»، (والحديث صحَّحه الألباني في صحيح ابن ماجه).


ومعنى القتب: رَحْل صغير يوضع على البعير.


وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقِّه عليها، والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته تلحسه ما أدَّت حقَّه»؛ (رواه أحمد: 12614، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7725).


وإذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين، قدمت طاعة الزوج، قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: "طاعةُ زوجها أوجبُ عليها من أُمِّها إلا أن يأذن لها"؛ (شرح منتهى الإرادات 3/ 47).


وفي الإنصاف (8/ 362): "لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارةٍ ونحوها؛ بل طاعة زوجها أحقُّ".


وقد ورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: «زوجها»، قلت: فأي الناس أعظم حقًّا على الرجل؟ قال: «أُمُّه». (وقد ضعَّفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1212)، وأنكر على المنذري تحسينه).


ونورد بإذن الله ما صحَّ في السنة من فضائل طاعة الزوجة لزوجها تذكيرًا للزوجات وإسعادًا للأزواج، فمن تلك الفضائل:
الفضيلة الأولى: أن طاعتها سبب لدخول الجنة:
ودليل ذلك حديث عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ»؛ (رواه ابن حبان (4163) وصححه الألباني في صحيح الجامع (660)).


وعن الحصين بن محصن: أن عمَّةً له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أذاتُ زوجٍ أنت» ؟»، قالت: نعم، قال: «كيف أنت له» ؟»، قالت: ما آلوه (أي: لا أقصِّر في حقِّه) إلا ما عجزت عنه. قال: «فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنَّتُك ونارك»؛ (رواه النسائى في ((العشرة)) (ص106)، والحاكم (2/ 19)، والبيهقي (7/ 291)، وأحمد (19025)، والحديث جوَّد إسناده المنذري في الترغيب والترهيب، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 1933).


ومعنى الحديث أن الزوج سبب دخولك الجنة إن قمت بحقِّه، وسبب دخولك النار إن قصَّرت في ذلك.


وعن حصين بن محصن عن عمته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما طلبت وصيته: «أذاتُ بَعْلٍ أنتِ» ؟»، فلما أجابت بإيجاب، قال: «انظري أين أنتِ منه، فإنما هو جنتكِ وناركِ»؛ (رواه أحمد: 27352، والنسائي في الكبرى: 8913، والحاكم (2/ 19)، والبيهقي في الشعب: 8356، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1509).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوق غمضًا حتى ترضى»؛ (صحيح الجامع 2604. والعؤود: هي التي تعود على زوجها بالنفع).


الفضيلة الثانية: أن المطيعة لزوجها خير النساء:
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ النساء التي تسرُّه إذا نظر، وتُطِيعه إذا أمر، ولا تُخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره»؛ (رواه النسائي في الكبرى: 8912، والحاكم: 2682، وقال الحاكم: [هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه]، وأحمد (2 / 251 و432 و438)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" 4 / 453).

فمن صفات الزوجة الصالحة: أنها مطيعة لزوجها، وهذا المعنى مستنبط من قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].


ومعنى: {قَانِتَاتٌ} قال المفسرون: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} اعلم أن المرأة لا تكون صالحة إلا إذا كانت مطيعة لزوجها؛ لأن الله تعالى قال: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ}. قال الواحدي -رحمه الله- في التفسير: "لفظ القنوت يفيد الطاعة، وهو عام لطاعة الله، وطاعة الأزواج"؛ (اللباب في علوم الكتاب: 6/ 362).


قال شيخ الإسلام (ابن تيمية) رحمه الله: قوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقًا: من خدمة، وسفر معه، وتمكين له، وغير ذلك، كما دلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث (الجبل الأحمر) وفي (السجود) وغير ذلك كما تجب طاعة الأبوين، ولم يبق للأبوين عليها طاعة: تلك وجبت للأرحام، وهذه وجبت بالعهود)؛ (مجموع الفتاوى (32/ 260)).


في كشاف القناع: "وحقه -أي الزوج- عليها أعظم من حقها عليه؛ لقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق» ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا باتت المرأة هاجرةً فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح»؛ (كشاف القناع: 5/ 185).


من حق الزوج على زوجته: الطاعة.


قال المفسِّرون في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]: عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية.


وقال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34].


لاحظ عندما قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34]، معنى ذلك: أن التأديب عند عدم الطاعة، فإذا أطاعت المرأة فلا يحق للرجل أن يعاقب؛ لأن الله قال: ﴿ {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} ﴾، فدلَّ ذلك على أن التأديب لترك، فيدل أيضًا على أن الطاعة واجبة، وعلى أن الزوج لا يتعدَّى ويظلم إذا المرأة أطاعت ومشت معه على ما يريد بالمعروف.


الفضيلة الثالثة: أن طاعة الزوج سبب لقبول العبادات:
ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما: عبد أبق من مواليه حتى يرجع إليهم، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع (136)).


الفضيلة الرابعة: أن طاعة الزوج تعدل الأعمال التي تشرع للرجال:
فقد روى ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال" (528) وفي "مداراة الناس" (173) من طريق أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان، عن الحجاج بن دينار، عن محمد بن علي الباقر، عن جابر بن عبدالله، قال: بينا نحن قعودٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة، فقالت: السلام عليك يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك. اللهُ رب الرجال ورب النساء، وآدمُ أبو الرجال وأبو النساء، بعثك الله إلى الرجال وإلى النساء، والرجال إذا خرجوا في سبيل الله فقتلوا؛ فأحياء عند ربهم يُرزَقون فرحين بما آتاهم الله، وإذا خرجوا؛ لهم من الأجر ما قد علموا، ونحن نخدمهم ونجلس، فما لنا من الأجر؟
قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَقْرِئِي النِّسَاءَ عَنِّي السَّلَامَ، وَقُولِي لَهُنَّ: إِنَّ ‌طَاعَةَ ‌الزَّوْجِ ‌تَعْدِلُ مَا هُنَاكَ، وَقَلِيلٌ مِنْكُنَّ تَفْعَلُهُ».


وهذا إسناد حسن موصول: محمد بن علي هو أبو جعفر الباقر، غني عن التعريف، وهو ثقة فاضل؛ "تقريب التهذيب" (ص 497).

 

• الحجاج بن دينار، وثَّقه ابن المبارك، وزهير بن حرب، وأبو داود، وابن عمار، وابن المديني، ويعقوب بن شيبة، والعجلي، وقال أحمد: ليس به بأس، وقال ابن معين: صدوق ليس به بأس، وقال أبو زرعة: صالح صدوق مستقيم الحديث، لا بأس به، وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الترمذي: ثقة مقارب الحديث، وقال ابن خزيمة: في القلب منه، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال عبدة بن سليمان، ثنا حجاج بن دينار: وكان ثبتًا، وذكره ابن حبان في الثقات؛ "تهذيب التهذيب" (2 / 176-177).

 

• أبو إسماعيل المؤدب: قال أحمد: ليس به بأس، وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس، وقال العجلي والدارقطني: ثقة؛ "التهذيب" (1 / 108).

 

• عبدالمتعال بن طالب، وثَّقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، والدارقطني، وابن حبان، وهو من شيوخ البخاري في صحيحه. وقد حسن هذا الحديث الدكتور نجم عبدالرحمن خلف في تحقيق كتاب "العيال". وللحديث شواهد من حديث ابن عباس، وأسماء بنت يزيد، لكنها لا تخلو من ضعف.


صور طاعة الزوج:
أولًا: طاعته في الإعفاف:

من أهم صور الطاعة التي تجب للزوج على زوجته الطاعة إذا دعاها للفراش، كما أخرج البخاري -رحمه الله تعالى- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبَتْ أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح»؛  (رواه البخاري: 3237، ومسلم: 1436).


وفي رواية: «فأبت أن تجيء»؛  (رواه البخاري: 5193).


وفي رواية: «فبات غضبان عليها»؛ (رواه البخاري: 3237، ومسلم: 1436).

وفي لفظ لمسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا».
وهذا يدل على أن فراش الزوج كبيرة متوعَّد عليها بالطَّرْد من رحمة الله.


ويدخل في ذلك طاعة الزوج بما يجذبها له؛ كالنظافة والتعطُّر، فيلزمها طاعته في التنظف، قال في المنتهى: وإن أراد منها تزيينًا بما ذكر، أو أراد منها قطع رائحة كريهة وأتى به -يعني ما يريد منها التزيُّن به أو بما يقطع الرائحة الكريهة -لزمها استعماله"؛ (شرح منتهى الإرادات: 3/ 227).


كما يدخل في ذلك طاعته إن منعها من النوافل لأداء حقه، فعلى المرأة لزوجها: ترك نوافل العبادات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل للمرأة أن تصوم وهو شاهد إلا بإذنه»؛ (رواه البخاري (4899) ومسلم: 1026).


وقال: «لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يومًا من غير رمضان إلا بإذنه».


فيحرم على الزوجة صوم النفل دون إذن زوجها، قال الألباني رحمه الله معلقًا على هذا الحديث: "فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما، وصلاح أسرتهما، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات"؛ آداب الزفاف، ص 282.


ثانيًا: استئذانه عند الخروج:
فالخروج للحاجة الشرعية لا يكون إلا بإذن الزوج وموافقته، وقد دلَّ على هذا، على شرط إذن الزوج للخروج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها»؛ (رواه البخاري: 5238).
وهذا الحديث يدل على وجوب إذن الزوج لزوجته للخروج للمسجد، يعني لا بد أن تستأذن.


ولا بد أن يكون إذن الخروج موجودًا حتى تخرج، ويقاس عليه سائر حالات الخروج من البيت للمصلحة الشرعية؛ ولذلك الإمام البخاري -رحمه الله- ترجم على هذا الحديث في قوله: "باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره"؛ (صحيح البخاري: 7/ 38)، فتستأذن عند الخروج إلى المسجد أو أي مكان آخر، وخروجها من البيت بغير إذن معصية.


قال الكرماني -رحمه الله- في شرح الحديث: "فإن قلتَ: الحديث لا يدل على الإذن للخروج إلى غير المسجد".


قلتُ: لعل البخاري قاسه على المسجد"؛ (عمدة القاري: 6/ 160).


قال البهوتي -رحمه الله-: "ويحرم على الزوجة الخروج بلا إذن زوجها؛ لأن حق الزوج واجب، فلا يجوز تركه بما ليس بواجب"؛  (كشاف القناع: 5/ 197).

ثالثًا: طاعته في الخدمة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "ويجب على المرأة خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوَّع ذلك بتنوُّع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة"؛  (مجموع الفتاوى: 34/ 91).


وقال ابن القيم -رحمه الله- في قصة أسماء: "ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أسماء والنوى على رأسها والزبير زوجها معه - يعني في صحابته وجماعته- لم يقل صلى الله عليه وسلم للزبير: لا خدمة عليها، وأن هذا ظلم لها، ما قال: تعال يا زوجها، كيف تعمل هذه الأعمال؟ ما قال ذلك صلى الله عليه وسلم.
وسكوته صلى الله عليه وسلم على الأمر يعني أنه مُقِرٌّ على هذا النوع من الخدمة، مُقِرٌّ لها؛ بل أقرَّه على استخدامها وأقرَّ سائر أصحابه على استخدامهن، وهذا أمر لا ريب فيه"؛ (زاد المعاد: 5/ 171).


وقال القرطبي -رحمه الله- في خدمة الزوجة لزوجها: "وهذا أمر دائر على العرف الذي هو أصل الشريعة، الذي هو أصل من أصول الشريعة، فإن نساء الأعراب وسكان البوادي يخدمن أزواجهن حتى في استعذاب الماء -يعني جلب الماء من المكان العذب -وسياسة الدوابِّ- علف الدابة وخدمة الدابة-"؛ (تفسير القرطبي: 10/ 145).


رابعًا: عدم إدخال أحد في بيت الزوج إلا من يرضاه
ومن حق الزوج ألا تدخل في بيته من يكره؛ قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألَّا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»؛ (رواه مسلم 1218).

قال النووي: ومعنى «ولكم عليهن ألَّا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه»؛ أي: لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًّا أو امرأة أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك.

___________________________________________________
الكاتب: د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر