من أقوال السلف عن الخذلان

منذ 5 ساعات

قال العلامة العثيمين رحمه الله: من أسباب الخذلان: تولِّي الكفار ومناصرتهم ومعاضدتهم، فإن هذا من أسباب الخذلان..."

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فمن وُكِّل إلى نفسه فقد هلك، وحرم النصر والعون، وخصوصًا في المواقف التي يحتاج فيها إلى المعونة والنصر، وصار مخذولًا، فينبغي أن يعلق المسلم قلبه بالله في كل شيء، وأن يسأله ألا يَكِله إلى نفسه طرفة عين أو أقلَّ من ذلك، وأن يجتنب أسباب الخذلان ليسعد بالتوفيق من الله.

 

للسلف رحمهم الله أقوال عن الخذلان، جمعت بفضل الله بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

المخذول والخذلان:

قال الإمام قتادة رحمه الله: {مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] في عذاب الله.

 

قال الإمام الطبري رحمه الله: {مَخْذُولًا} قد أسلمك ربك لمن بغاك سوءًا.

 

قال الإمام السمعاني رحمه الله:  {مَخْذُولًا} من غير نصر. وقيل:  {مَخْذُولًا}؛ أي: متروكًا من العصمة، والله تعالى إذا ترك العبد فقد أهلكه.

قال الإمام البغوي رحمه الله: الخذلان: القعود عن النصرة، والإسلامُ للهلكة.

 

قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: الخذل: هو الترك في مواطن الاحتياج إلى التارك.

 

قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: الخذل: ترك الإعانة والنصرة.

 

قال العلامة القرطبي رحمه الله: الخذلان: ترك العون، والمخذول: المتروك لا يعبأ به.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الخذلان: أن يكلك الله تعالى إلى نفسك.

 

قال السعدي رحمه الله:  {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ} [آل عمران: 160] يكلكم إلى أنفسكم.

 

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: الخذلان: هو سلب العبد الإعانة التي تقوِّيه على نفسه والشيطان.

 

كل شرٍّ أصله خذلان الله لعبده:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وقد أجمع العارفون على أن كل...شر فأصله خذلانه لعبده.

 

من قصد الشر عُوقِب بالخذلان:

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: الله عز وجل يجازي من قصد...الشر بالخذلان.

 

اتباع الهوى يفتح أبواب الخذلان:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إن اتباع الهوى...يفتح...أبواب الخذلان.

 

علم الخذلان:

قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: لكل شيء علم، وعلم الخذلان ترك البكاء من خشية الله.

 

أعظم الخذلان:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: من أعظم الخذلان أن يخذل العبد، فينظر إلى آلاء الله فلا يقيم لها وزنًا، وينظر إلى آيات الله، فلا تحدث له اعتبارًا، هذا قسوة في القلب، والقلب يقسو حتى يكون كالحجارة أو أشد من الحجارة قسوة.

 

ممن لحقه الخذلان:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي...ممن أسلم في الفتح...ثم لحقه الخذلان؛ فلحق في خلافة عمر بالروم وتنصَّر.

علامة الخذلان:

سئل محمد بن كعب القرظي رحمه الله: ما علامة الخذلان؟ قال: أن يستقبح الرجل ما كان يستحسن، ويستحسن ما كان قبيحًا.

 

من أسباب الخذلان:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: من أسباب الخذلان: تولِّي الكفار ومناصرتهم ومعاضدتهم، فإن هذا من أسباب الخذلان، فالاعتماد يكون على الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال:  {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160].

 

من تلبس بالفلسفة قارنه الخذلان:

قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله: الفلسفة أُسُّ السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومقال الزيغ والزندقة، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم...وهي قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن.

 

قوم إذا دخلوا في شيءٍ كُتِبَ عليه الخذلان:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: على الرغم من قوة الدعاية للقومية العربية لم نستفد منها شيئًا! اليهود استولوا على بلادنا، نحن تفكَّكنا، دخل في ميزان هذه القومية قوم كفار من النصارى وغير النصارى، وخرج منها قوم مسلمون من غير العرب، فخسرنا ملايين المسلمين من أجل هذه القومية، ودخل فيها قوم لا خير فيهم، قوم إذا دخلوا في شيءٍ كُتِبَ عليه الخذلان والخسارة.

خذلان الشيطان للإنسان:

قال قتادة رحمه الله:  {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 29] خذله يوم القيامة، وتبرأ منه.

 

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال الله تعالى:  {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}؛ أي: يخذله عن الحق، ويصرفه عنه، ويستعمله في الباطل، ويدعوه إليه.

 

قال العلامة السعدي رحمه الله:  {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} يزين له الباطل، ويقبح له الحق، ويعده الأماني، ثم يتخلى عنه، ويتبرأ منه.

 

قال العلامة العثيمين رحمه الله: الخذلان أنك تتخلى عن إنسان في موطن يحتاج فيه إلى النصر، والشيطان عندما تتأمل ما ذكر الله عنه في القرآن تجد أنه يخذُل الإنسان في مواطن النصر، فزين لقريش أن يخرجوا إلى قتال النبي صلى الله عليه وسلم فخرجوا،  {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: 48] زين للإنسان الكفر،  {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [الحشر: 16]، هذا في الدنيا، وفي الآخرة  {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ} [إبراهيم: 22] بمغيثكم،  {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22]، هذا أيضًا خذلان عظيم، فالشيطان في مواطن النصر يخذُل الإنسان ويتبرأ منه....والغرض من إخبار الله سبحانه وتعالى عن الشيطان بأنه خذول لبني آدم أو للإنسان التحذير.

العقل الذي كيد بالخذلان:

قال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله: قال بعض علماء السنة: العقل نوعان:....والعقل الذي كيد: يطلب بتعمقه الوصول إلى علم ما استأثر الله بعلمه، وحجب أسرار الخلق عن فهمه، حكمة منه بالغة، ليعرفوا عجزهم عن درك غيبه، ويسلموا لأمره طائعين، ويقولوا كما قالت الملائكة:  {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] فتفرقت بهؤلاء القوم الذين ادَّعوا أن العقل يهديهم إلى الصواب السبل والأهواء، وتلاعب بهم الشيطان، فزيَّن الباطل في قلوبهم، فلم يصلوا إلى برد اليقين، وصدُّوا عن الصراط المستقيم.

 

كلُّ من صدَّ عن سبيل الله فهو شيطان للإنسان، خذول له:

قال الإمام القرطبي رحمه الله: كلُّ من صدَّ عن سبيل الله، وأُطيع في معصية الله، فهو شيطان للإنسان، خذول عند نزول العذاب والبلاء.

 

المسلم لا يخذل أخاه المسلم:

قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله: حقوق المسلم على المسلم....كثيرة...جماعها:...الرابعة: لا يخذله إن وقع في أمر يحتاج فيه إلى نصرة.

 

قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمُ أخُ المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله...» لا يخذله، قال العلماء: الخذل: ترك الإعانة والنصر، ومعناه: إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.