ألطفهم بأهله
هذه العبارة اللطيفة جاءت من مشكاة النبوة، مِن ألْطَفِ الخَلْقِ وأحسنهم خُلُقًا، تُبيِّن رُقِيَّ التعامل مع الزوجة؛ قال ﷺ: «أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وألطفُهم بأهله».
هذه العبارة اللطيفة جاءت من مشكاة النبوة، مِن ألْطَفِ الخَلْقِ وأحسنهم خُلُقًا، تُبيِّن رُقِيَّ التعامل مع الزوجة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وألطفُهم بأهله».
ألطفهم بأهله...
كم تشعرك هذه الكلمة بالجمال والذوق في التعامل!
كلمة من رقَّتِها يَطْرَب لها القلب قبل الأذن، وتغوص في أعماق الوجدان والمشاعر.
كمال الإيمان يأتي بحسن الخلق واللطف في التعامل مع الزوجة.
هل تخيلتم هذا الكمال في الإيمان، كيف يمكن تحقيقه وتحصيله؟!
الزوج سيئ التعامل، غليظ الطبع مع زوجته، بعيدٌ كل البعد عن هذا الكمال.
اللطف يحمل معانيَ الرأفة والرِّفق، والبِرِّ والإحسان، والحنان والرقة، واللين والبشاشة...
هذه صفات أصحاب القلوب النظيفة النقية تسمو بهم إلى أعالي الجنان، ويزداد عظمة ورُقِيًّا أصحابها، عندما يكون لطفهم بألصق الناس بهم.
يقول علماء النفس: عندما يتصرف الناس بلطف، يفرز الدماغ هرمونًا يُسمى الأوكسيتوسين، المعروف باسم "هرمون الحب"، يستخدم الأوكسيتوسين لتعزيز التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وتدفق الأوكسيتوسين في الدماغ يثبِّط نشاط اللوزة الدماغية، المنطقة المسؤولة عن الخوف والقلق، ويقمع الإحساس بالخوف، وله تأثير قوي على الوظائف الاجتماعية والعاطفية للدماغ.
لك أن تتخيل أن اللطف يصنع هذا بالدماغ، وله هذا التأثير على النفس وعلى الآخرين.
ألصق إنسان بالرجل هي زوجته، وأكثر إنسان يتواصل معه، هذا التواصل إذا بُنِيَ على اللطف والرفق، بُنِيَ الحُبُّ ونما، وزادت العاطفة، وزال الخوف والقلق، وشعرت الزوجة بالأمان، والمرأة تسمى بالجنس اللطيف، فهي تحتاج - إذًا - إلى اللطف والرفق.
وشدَّني التعبير القرآني في التوجيه اللطيف لأمهات المؤمنين: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34]، خُتِمت الآية باسم الله اللطيف والخبير، حتى الآيات تخاطب النساء بلطفٍ، وتُذكِّرهن بالله اللطيف.
هذه الكلمة العجيبة تحمل من معانيها التخفيف، فيُقال: ملطف الجو، ويعني مخفف الجو، والزوج مخفف ومنعش لجوِّ الزوجة ومزاجها، ومن الأدوية ما يسمى بالملطف بمعنى المسكن، وهكذا ينبغي للزوج أن يكون مثل الدواء ملطفًا ومسكنًا لآلامها وأوجاعها.
فتأمل الإعجاز النبوي في هذه الكلمة الجميلة: (ألطفهم بأهله).
______________________________________________________________
الكاتب: عبدالسلام بن محمد الرويحي
- التصنيف: