مهزلة الاحتفال بيوم الطفل العالمي

منذ 2024-11-20

ودون اعتِذارٍ منكم، يا أطفال غزَّة الحبيبة - يا أطفالَ غزَّة، لا بواكيَ لكم.

لكنَّ أطفال غزَّة لا بواكيَ لهم!

سمِعْناهُم يردِّدون كثيرًا ونردِّد معهم: العالَم قريةٌ صغيرة.

وهززْنا بِرؤوسِنا موافقين، أنَّ شعوب العالم تؤثِّر بغيرها وتتأثَّر كما هي أفراد الأُسرة الواحدة.

وشاهدناهُم يصرُخون وتنتفِخُ أوداجُهم، يَضربون الطَّاولة التي أمامهم مُطالبين بتحْقيق مواثيق الأُمم المتَّحدة - وغير المتَّحدة - بالعدالة والمساواة واحترام الإنسان!

فنصدق كلامَهم، ونضرِب الطَّاولة التي أمامَنا في البيت، فتُكْسر - ربما – ولا تنكسِر التي أمامَهم.

وشنَّفنا آذانَنا بشدْوِهم عن حقوق الطِّفل تَحديدًا – تَحديدًا - لأنَّه مهما كان يبقى طفلاً، ولا علاقة له بالإرهاب!

سمِعناهم وشاهدناهم، وهززْنا رُؤوسنا موافقين معهم.

ونسينا أنَّ النَّائحة الثَّكلى غير النَّائحة المستأجرة.

في كلِّ أصْقاع العالَم الآن يُحتفل بيوْم الطِّفْل العالمي، الَّذي يُوافق 21 من شهْر نوفمبر الميلادي، بعالمنا العربي يَحتفلون بإطلاق مزيدٍ من فعاليات التَّرف للأطفال، المختلطة بكثيرٍ من لمسات التَّغريب وأنيابِه، الغريبة عن ديننا وثقافتِنا المسلمة.

أو يَحتفلون بشعارات ولوحات ملوَّنة، وأناشيدَ يردِّدُها الأطفال، يَعلمون حروفَها، ويَجهلون مضامينَها!

بل الويل لَهم لو أنَّهم حلَّلوا مضامينَها ثُمَّ طالبوا بِها!

هذا عالَمُنا العربي، سوى غزة.

يا أطفالَ غزَّة، لا بواكي لكم.

أنتم لا تتطلَّعون لغدٍ أفضلَ وأجْمل، فهذا كثيرٌ عليكم.

أنتم تتطلَّعون إلى غدٍ كالتَّالي:

1- غدٍ تستطيعون بهِ أن تستيْقِظوا صباحًا لصلاةِ الفجْر، على صوْت المؤذِّن، هذا دليلٌ على عوْدة الكهرباء للمسجِد.

2- غدٍ تستطيعون به بعد استِيقاظِكم أن تضغطوا زِرَّ الكهرباء - وهو موجودٌ عادةً على الجِدار، فقد تكونون نسيتُم شكْلَه؛ لعدم استِخْدامه - تضغطون الزِّر فيُضاء نورٌ يُعينُكم على ارتِداء ملابِسِكم.

3- غدٍ تتَّجهون به إلى المطبخِ، فتأكلون خبزًا من قمْح "البشَر" وليس خبزًا مُخصَّصًا لأعلاف الحيوانات.

4- غدٍ تشربون به حليبًا ساخنًا، وهذا أمرٌ هامٌّ جدًّا، يدلُّ على: أنَّ البقر لَم يعدم لنقْص العلف، ويدلُّ على أنَّ هناك موقدًا يسخِّن لكم الحليب.

5- غدٍ تأكلون به بيضًا طازجًا، يَمنحكم الكالسيوم، وهذا دليل على بقاء الدَّجاج في مداجِنكم.

6- يكفي خَمس نِقاط تكْفيهم.

يكفيكم تطلُّعاتٍ! وآمالاً وطموحًا! شعوبُ العالم الأُخرى لم تتطلَّع إلى ما تتطلعون إليه!

مع أنَّ النقطة الرَّابعة والخامسة تشكِّل خطرًا على الأمْن العالمي، وتضعف الجُهود الجبَّارة في مُواجهة الإرْهاب.

فأنتم تتطلَّعون لشرْب "حليب" وأكْل "بيض" وهاتان المادَّتان الغذائيَّتان تَمنحُكم الكالسيوم، وتقوي العظام، ومنها عظام اليد!

أي أنَّكم ستتمكَّنون من قذْف اليهود بالحِجارة عندما يهاجِمونكم، ويستحلُّون بيوتكم وأعراضَكم، ومزارعَكم ومدارسَكم، ويأسرون آباءكم وإخوانَكم وجيرانَكم!

مسألة فيها نظر.

يا أطفال غزَّة، أحرجتم القادةَ العرب والمسلمين.

سنُحيل الأمْرَ لمجلس الأمن؛ لنرى إمكانيَّة أن نَستجيب لتطلُّعاتكم الأولى والثَّانية والثَّالثة، أمَّا الرَّابعة والخامسة فهي مرفوضةٌ حتْمًا من مجلس الجامعة العربيَّة.

ودون اعتِذارٍ منكم، يا أطفال غزَّة الحبيبة.


يا أطفالَ غزَّة، لا بواكيَ لكم.

_______________________________________________
الكاتب: أ. أروى الغلاييني