طالب العلم الباهر حقًا
من أمارات سداد طالب العلم ونور بصيرته أن لا يغيب عن ذهنه أن المقصد من العلم الشرعي هو العمل به، وأن يحرص دومًا على كل ما يقربه إلى الله، قال موسى للخضر: {هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمتَ رُشدًا}.
من أمارات سداد طالب العلم ونور بصيرته أن لا يغيب عن ذهنه أن المقصد من العلم الشرعي هو العمل به، وأن يحرص دومًا على كل ما يقربه إلى الله، قال موسى للخضر: {هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمتَ رُشدًا}.
فأعظم نية للعلم هي نية طلب الرشد والاهتداء.
وكثير من طلاب العلم في بداية طلبهم تستهويهم كثرة المحفوظ واتساع المقروء، والتفنن في العلوم وسوق الأسانيد والإغراب ودقيق المسائل.
فإذا مضى زمن الشباب وأقبلت وفود المشيب والكهولة، وكان هذا الطالب ممن أراد الله به خيرًا؛ عرف أن أعظم مقصد للعلم هو العمل به، وحرص على إتقان عمل اليوم والليلة، وأن يطهّر باطنه مما يشينه عند الله.
فمثل هذا لن تثير انتباهه كثرة المحفوظات وسعة الإحاطة، إذا لم يشفعها صاحبها بالعمل، ويظهر أثر هذا العلم على هديه وسمته في حياته.
وهذا المعنى كم كنت أتمنى أن ينشر في أوساط شداة العلم من المبتدئين خاصة، ويُغرس في أذهانهم هذا الأمر، وهو أن المقصد من العلم وطلبه هو الاهتداء والقرب من الله، نعم كثير منهم يعرفه نظريًا لكن لم يعشه واقعا قلبيا.
فبركة العلم تُنزع أو تضعف إذا قُصد بالعلم نيل إعجاب الناس والظفر بثناءاتهم، ومن طلب العلم لله؛ فالقليل من العلم يكفيه.
أتدرون من الأحق بالغبطة والثناء والإعجاب؟
إن الأحق بالغبطة والإعجاب هو طالب العلم المتبع للسنة حذو القذة بالقذة، والذي يسابق المؤذن للمسجد الحريص على سلامة قلبه من الأمراض والدغل، والذي يختم القرآن في أسبوع، والذي له نصيب من الصيام في أسبوعه وشهره، والذي له حظ طويل
من قيام الليل ترى من كلامه وعباراته علاقة متينة بالله جل وعلا. هذا والله الذي يُغبط ، وهذا هو النموذج الذي ينبغي أن يُشاع ويُحتذى. نسأل الله أن يسلك بنا هذا السبيل ولا يحرمنا خير ما عنده لسوء ما عندنا وتفريطنا.. وأن لا يجعل حظنا من ذلك مجرد الحديث والدلالة يا رب يا ربّ. الخلاصة: جرّب أن تطلب العلم بنية الاهتداء، فأيُّ آية تسمعها؛ أرعها سمعك، وانظر ما أثرها على قلبك، وأيُّ حديث يصلك؛ انظر كيف تستثمره في يومك.
__________________________________
د. طلال بن فواز الحسين
- التصنيف: