زكاة المصانع والشركات والأسهم

منذ يوم

الصحيح أنه لا تَجب الزكاة في الأصول الثابتة للشركات الصناعية كالآلات الخاصة بالصناعة والمباني والسيارات الخاصة، وفي وجوب زكاة ما تنتجه المصانع ومزارع الدواجن وشركات الألبان ونحوها خلاف، فقيل: لا تجب الزكاة في منتجاتها، وإنما تجب الزكاة في أرباحها كل سنة

الصحيح أنه لا تَجب الزكاة في الأصول الثابتة للشركات الصناعية كالآلات الخاصة بالصناعة والمباني والسيارات الخاصة، وفي وجوب زكاة ما تنتجه المصانع ومزارع الدواجن وشركات الألبان ونحوها خلاف، فقيل: لا تجب الزكاة في منتجاتها، وإنما تجب الزكاة في أرباحها كل سنة[1]، وقيل: تجب الزكاة في منتجات المصانع ونحوها، واختُلِف في كيفية زكاة غلتها، فقيل: تجب الزكاة في غَلَّة المصنع وأرباحه، وفي منتجاته المعروضة للبيع والْمُخَزَّنَة إذا حال عليها الْحَوْل، وقيل: يُقَوَّم جميع إنتاج المصنع في السنة مع المواد الخام التي تتركب منها السلع المصنعة، وعلى القولين تُضاف الأموال النقدية الموجودة في الشركة ونحوها أو في أرصدة البنوك، والديون التي لها على الناس التي يُرجى تحصيلها، ثم يُخرج من ذلك كله ربع العشر[2].

 

وتجب الزكاة على الشركات التجارية التي لديها سِلَع تتاجر فيها، فتُقوَّم البضائع التي تم شراؤها بقصد بيعها عند نهاية الحول بالسعر الذي تُباع به، ويضاف إلى ذلك الأموال الأخرى من النقد والديون، ويُخرج ربع العشر، أما إذا كانت الشركة غير صناعية وليس لها سِلَعٌ تبيعها - ككثيرٍ من الشركات والمؤسسات المتنوعة التي تعمل في مشاريع ربحية تدر عليها الأموال - فإنَّها تَحسِب الأموال التي تمتلكها، وما لها من ديون يُرجى تحصيلها، وفي نهاية الحول يُخرَج رُبع العشر.

 

وتَجب الزكاةُ في أسهُم الشركات المباحة[3]، فمن كان يتاجر بالأسهم بيعًا وشراءً، فإنه يقوِّم سعرها السوقي عند تمام الحول، ويُخرِج منها رُبع العشر، ومَن اقتنَى أسهمًا بقصد الربح، للاستثمار فقط لا للمتاجرة ببيعها وشرائها، فإنه يُزكِّي أرباحها فقط، ولا تَجب الزكاة مرتين على الشركة والمسهِم، فإذا تولَّت الشركة المساهمة إخراجَ الزكاة، فإنها تقوم مقام مُلَّاك الأسهم في إخراج الزكاة.

 


[1] هذا مذهبُ جمهور العلماء، واختاره الشوكاني، وقرَّره كثيرٌ من لجان الإفتاء، كاللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، ومجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الفقهي الثاني المنعقد في القاهرة عام 1385هـ، ومؤتمر الزكاة الأول المنعقد في الكويت عام 1404هـ، ومجمع الفقه الإسلامي؛ يُنظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثاني (1/ 197)، وجاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية رقم الفتوى (3525): "التجارة هي أن تشتري لتبيع لتربح، من غير أن يتخلل ذلك عنصر الصناعة أو الإنتاج أو الاستغلال، فإذا تحقَّقت هذه الشروط الثلاثة: الشراء، بقصد البيع، لغرض الربح، كان النشاط تجاريًّا، وما كان على سبيل التجارة فزكاته زكاة عروض التجارة ... أما المُستغَلَّات فهي الأموال التي لم تُتَّخذ للتجارة في أعيانها، ولكنها تُتَّخذ للنماء؛ فتُغِلُّ لأصحابها كسبًا بتأجير أعيانها؛ كالشقق والسيارات، أو ببيع ما يحصُل من إنتاجها؛ كالمصانع وشركات التعمير التي تشتري الأراضي وتعمرها لتبيعها وحدات سكنية، وكبهيمة الأنعام التي تُتَّخَذ لبيع لبنها وصوفها وتسمينها وبيع نتاجها، وكالدواجن التي تُربَّى لإنتاج البيض وتُسمَّن للأكل، والذي عليه الفتوى أنه لا زكاة فيها، وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين - ممن يميلون إلى توسيع نطاق الأموال التي تجب فيها الزكاة - يرون الزكاة فيها، إلا إننا نرجِّح الوقوف عند مَورد النص في ذلك تغليبًا لمعنى الاتِّباع في الزكاة، ولأن الأصل براءة الذمة مما لم يَرِدِ النصُّ بإيجاب الزكاة فيه".

[2] الأحوط: وجوب الزكاة في كل ما يُعَد للبيع في المصانع والشركات التجارية والمؤسسات الرِّبحية، وهو أبرأُ للذمة وأزكى، وخير في الدنيا والأخرى، جاء في فتاوى موقع إسلام ويب الفتوى رقم (75401): "على مَن يَملِك مشروع تجارة أو صناعة أن ينظر في نهاية الحول إلى ما عنده من الأموال، سواء كانت نقودًا أو شيكات معجلة أو مؤجلة، أو ديون حالة أو مؤجلة، وإلى ما لديه من البضاعة، أو المواد الخام التي يبيعها ولو كانت في طَور الإعداد، فيقوِّمها بقيمتها عند نهاية الحول، ولا يحسب الأشياء الثابتة كالمكائن والآلات ونحو ذلك"، وللتوسُّع في هذه المسألة يُنظر: نوازل الزكاة للدكتور الغفيلي (ص: 117 - 146).

[3] المراد بالسهم: جزء من رأس مال الشركة، والمساهم: يعتبر مالكًا لجزء من أموال الشركة بنسبة عدد أسهمه إلى مجموع أسهم الشركة، ويمكن لمالك السهم أن يبيعه متى شاء، وقد يربح أو يخسر تبعًا لربح الشركة أو خسارتها، ولا يجوز شراء وبيع أسهم الشركات التي نشاطها محرَّم؛ كشركات الخمور والتبغ والبنوك الربوية، ومثلها الشركات المختلطة التي تكون معاملاتها في الأصل مباحة، لكنها تتعامل بالحرام أحيانًا كالربا.

_____________________________________________
الكاتب: د. محمد بن علي بن جميل المطري