من أقوال السلف في أسماء الله تعالى: ( الحيي ، الستير)

منذ يوم

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: من رحمته وكرمه وكماله وحلمه أن العبد يجاهره بالمعاصي مع فقره الشديد إليه, حتى أنه لا يمكنه أن يعصي إلا أن يتقوى عليها بنعم الله

 

  

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: : فمن أسماء الله الحسنى: الحيي, الستير, وللسلف رحمهم الله أقوال في هذين الاسمين, وبعض الفوائد المتعلقة بهما, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

وهو الحييُّ فليس يفضح عبده          عند التــــجاهُر منه بالعـــــــــصيان

لكنه يلـــــــقى عليه ســـــــــــــــــــــــــــتره          فهو الستير وصاحب الغفـــــران

& قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: من رحمته وكرمه وكماله وحلمه أن العبد يجاهره بالمعاصي مع فقره الشديد إليه, حتى أنه لا يمكنه أن يعصي إلا أن يتقوى عليها بنعم الله,  والرب مع كمال غناه عن الخلق كلهم, من كرمه يستحي من هتكه وفضحه, وإحلال العقوبة به, فيستره بما يقيض له من أسباب الستر, ويعفو عنه ويغفر له, فهو يتحبب إلى عباده بالنعم, وهم يتبغضون إليه بالمعاصي, خيره إليهم بعدد اللحظات, وشرهم إليه صاعد.

هو الحيي الستير, يحب أهل الحياء والستر.

من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة, ولهذا يكره من عبده إذا فعل معصية أن يذيعها, بل يتوب إليه فيما بينه وبينه, ولا يظهرها للناس, وإن من أمقت الناس إليه من بات عاصيًا والله يستره, فيصبح يكشف ستر الله عليه. قال الله تعالى: {﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ ﴾}[النور:19]      

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: من أسماء الله عز وجل " الحييُّ" وهو من الحياء وليس من الحياة.

لو كان كُلُّ ما يعلمه الله منا ينشره ما مشينا على الأرض, ولكن الله عز وجل حييّ كريم يستحيي أن يفضح عبده بالعقوبة.

والله ما أكثر ذنوبنا الخفيّة حتى قال القحطاني رحمه الله:

والله لو علـــــــــــــــــموا قبح سريرتي       لأبى السلام عليّ كل من يلقاني

يعني لو يعلمون ما عندي ما سلموا عليّ وما أكثر الذنوب الخفية القلبية والجوارحية, ولكن الله ولله الحمد يُضفي ستره على العبيد يستحيي سبحانه وتعالى أن يفضح عبده لعله يتوب إلى الله عز وجل...يلقي عليه ستره فهو الستير وصاحب الغفران

الستير من أسماء الله, والساتر من أوصافه, وأما السَّتَّار فلم أعلم أنه ورد بهذا اللفظ, لكنه من الأوصاف التي لا تنطبق إلا على الله عز وجل, ويظهر أثر هذا الستر يوم القيامة فإن الله يخلو بعبده المؤمن ويحاسبه, ويقول: " فعلت كذا في يوم كذا كذا " حتى يقر ثم يقول الله عز وجل: إني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم

& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الله جل وعلا يوصف بالحياء كما في الحديث: (( «إن الله حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا» )) وهو حياء يليق به, وفي الحديث الآخر: أن ثلاثة دخلوا المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يُحدثُ أصحابه فأما الأول فجلس في الحلقة ( رغبة في العلم ) وأما الآخر فجلس خلف الحلقة, وأما الثالث فذهب وترك الحلقة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أمّا الأول فأوى فآواه الله, وأمّا الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه))

والشاهد ( فاستحيا الله منه )) وهو حياء يليق به ليس كحياء المخلوقين.

من فضله وحيائه سبحانه وتعالى: أنه يستر عباده وهم يذنبون لعلهم يتوبون ولا يفضحهم.

& قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: الحيي...في هذا الاسم الكريم دلالة على ثبوت الحياء صفةً لله عز وجل, على ما يليق بجلاله وكماله, وهو سبحانه في صفاته كلًّها لا يماثل أحدًا من خلقه ولا يماثله أحد من خلقه كما قال تعالى: {﴿ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ﴾} [الشورى:11] وقال تعالى: {﴿  هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾} [مريم:65] فحياؤه سبحانه وصف يليق به, ليس كحياء المخلوقين. 

"الستير" أي: الساتر الذي يستر على عباده كثيرًا, ولا يفضحهم في المشاهد, الذي يحب من عباده الستر على أنفسهم ما يفضحهم ويخزيهم ويشينهم, وهذا من فضل الله ورحمته, وحلم منه سبحانه وكرم.