التخطيط والغلو في التخطيط
الكثير من الناس يربط التخطيط ببداية العام، ويعلق الخطة على جدار الغرفة ويزخرفها ويلونها ويجعلها كتعويذة نجاح ...ثم بعد أسبوع أو شهر يفتر؛ فيمزق الخطة ويصاب بالإحباط.
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
الكثير من الناس يربط التخطيط ببداية العام، ويعلق الخطة على جدار الغرفة ويزخرفها ويلونها ويجعلها كتعويذة نجاح ...ثم بعد أسبوع أو شهر يفتر؛ فيمزق الخطة ويصاب بالإحباط.
وهنا وقفات:
الأولى: التخطيط يكون في كل يوم و أسبوع وشهر وتتغير حسب الظروف والمواقف والأحداث؛ فكم من برامج خطط لها قبل وباء كورونا ثم ذهب كل شيء أدراج الرياح.
الثانية: لا يلزم من التخطيط أن تكتبها وتعلقها؛ فكم من خطة في الذهن غلبت آلاف الخطط في الأوراق.
الثالثة: خطط لأسبوعك؛ فهذه من أمثل الطرق للتخطيط؛ فالأسبوع دورة كاملة صغيرة، تشمل أيام العمل وأيام الإجازة. و تسهل المتابعة مع التخطيط الأسبوعي، وعدم المتابعة مثل عدم العمل بالعلم، وسبيلا الظفر هما العلم والتنفيذ.
الرابعة: حدد الأهداف في ذهنك، ثم انس هذا الهدف وركز على الإنجاز اليومي والأسبوعي فهو الذي يعطيك الثمار في نهاية السنة بل في نهاية العمر.
الخامسة: لا إنجاز بلا "انضباط ذاتي" فالمهم المواصلة والمداومة، وقليل دائم خير من كثير منقطع؛ فالمداومة هي سبيل كسب العادات الطيبة، فخمس عادات فقط قد تصنع الفرق بين الشخصية الناجحة والشخصية الفاشلة.
السادسة: كن في خطة الله، فمتى ما تيسر لك شيئا من الخير، والعلم والعبادة فاغتمنه؛ فالخير كالطير ما يلبث أن يفلت، ولا تقل: هذا غير موجود في البرنامج.
السابعة: كتابة جداول للعبادات ومحاسبة النفس عليها تعد من البدع، وقد افتى بذلك جمع من أهل العلم منهم العلامة ابن عثيمين، وافتى بمنعها شيخنا العلامة البراك حفظه الله.
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: يتبع بعض الناس طريقة لمحاسبة أنفسهم في أداء الصلوات المفروضة والسنن الرواتب، وهي أن يضع جدولاً، هذا الجدول عبارة عن محاسبة لأدائه الصلوات خلال أسبوع واحد، بحيث يضع أمام كل وقت صلاة مربعين، أحدهما للفرض والآخر للسنة الراتبة، فإذا صلى الفرض مع الجماعة وضع لصلاته تلك درجة، وإذا صلى الراتبة وضع لها درجة أيضاً، وإذا لم يصل لم يضع درجة.. وهكذا، ثم في آخر الأسبوع يخرج مجموع الدرجات، وتشتمل الورقة على أربعة جداول لشهر واحد، ويقول هؤلاء: إن مثل هذه الوسيلة تعين على المحافظة على أداء الفرائض والسنن، فما رأي فضيلتكم في هذه الطريقة؟ هل هي مشروعة أم لا؟ وما رأيكم في نشرها أثابكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: "هذه الطريقة غير مشروعة فهي بدعة، وربما تسلب القلب معنى التعبد لله تعالى، وتكون العبادات كأنها أعمال روتينية كما يقولون، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: «ما هذا» ؟ قالوا: حبل لزينب تصلي فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به فقال: «حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل، أو فتر فليقعد» . ثم إن الإنسان قد يعرض له أعمال مفضولة في الأصل ثم تكون فاضلة في حقه لسبب فلو اشتغل بإكرام ضيف نزل به عن راتبة صلاة الظهر لكان اشتغاله بذلك أفضل من صلاة الراتبة.
وإني أنصح شبابنا من استعمال هذه الأساليب في التنشيط على العبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مثل ذلك حيث حث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين، وحذر من البدع، وبين أن كل بدعة ضلالة. يعني وإن استحسنها مبتدعوها، ولم يكن من هديه ولا هدي خلفائه وأصحابه رضي الله عنهم مثل هذا" انتهى من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 175)
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
__________________________________________
وكتبه: أحسن موسي
- التصنيف: