المأساة التي لم تَعُد تزعجنا
لقد أصبح المشهد في غزة مألوفاً وصار مشهد الطفل المنتشل من تحت الركام والرضيع الميت جوعاً والجثث المقطّعة بين الأنقاض مادة تُستهلك ثم تُنسى.
لقد أصبح المشهد في غزة مألوفاً وصار مشهد الطفل المنتشل من تحت الركام والرضيع الميت جوعاً والجثث المقطّعة بين الأنقاض مادة تُستهلك ثم تُنسى.
فهل اعتدنا القبح؟ أم اخترنا أن لا نشعر به؟
في السنوات الماضية تغيّرت علاقة الأمة بقضاياها لكن ليس نحو النضج أو الفهم بل نحو التكيّف مع العجز والتصالح مع الاستسلام.
فلم نعد نثور بل -نحلّل-
ولم نعد -نصرخ بل -نناقش.-
ولم نعد -نبذل بل -نبرّر-
غزة اليوم تحت اختناق مزدوج:
-من جهة الاحتلال ومن جهة عجزٍ عربيٍّ مقبول ومسوَّغ ومُقنّن،"- وكأن المقاومة أصبحت محرجة، والصمود تهمة، والحديث عن الكرامة مزايدة لا لزوم لها."
-إن المأساة الحقيقية ليست في المجازر فقط بل في أن المجازر باتت تمرّ علينا ونحن بكامل الهدوء وربما بكامل اللامبالاة!.-
نتفاعل لأيام ثم نعود لحياتنا وكأننا لم نرَ أحياء تُباد ومدن تُمحى وكرامات تُسحق.
لكن الأخطر من الصمت، هو هذا النوع من -"الخطاب الوقائي"- الذي اجتاح الناس:
"وماذا بأيدينا؟"،
"الموضوع أعقد من مشاعر"،
"بلا شعارات !"
كأن هذه الجُمل صارت ستاراً كثيفاً نختبئ خلفه من مسؤوليتنا.
نعم نحن كشعوب لا نملك سلاحا ولكننا نملك القرار بألا نصمت! نملك الوعي، والرفض، والقول، والتربية، والمقاطعة، والدعم، والحضور، والكرامة و"أمةٌ تتخلّى عن كل هذا لا يُنتظر منها إلا المزيد من الخذلان."
العدو الذي يحاصر غزة بالصواريخ ليس أقسى من -عدوٍّ في داخلنا- يحاصر أي بادرة وعي ويُطفئ أي محاولة نهضة ذاك يُدمّر الحجر وهذا يُطفئ عزة الأمة وكرامتها.
-لقد كان المطلوب أن نرفض أن نكون عبيداً للعجز وأن لا نُبرّر السقوط وأن لا نُصادق الهزيمة.-
تحتاج غزة اليوم أن لا نخونها بعجزنا المترف ولا نخذلها بحججٍ تجمّل الجبن وتُعقلن الخوف وتُشرعن السكوت.
-غزة تحت القصف، ونحن تحت الصمت!-
-فأيّنا الأضعف؟ وأيّنا المُحاصَر حقاً؟-
- التصنيف: