خطورة قول: ما رأيك في هذا الحكم الشرعي؟!!
«أما تخافون أن تُعذَّبوا، أو يُخسف بكم، أن تقولوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فلان؟!»
عن الأوزاعي قال: «كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه لا رأي لأحد في كتاب الله، وإنما رأي الأئمة فيما لم ينزل فيه كتاب، ولم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا رأي لأحد في سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه الدارمي (446) بسند صحيح.
وعن عبيد الله بن عمر أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله خطب فقال: «يا أيها الناس إن الله لم يبعث بعد نبيكم نبيا، ولم ينزل بعد هذا الكتاب الذي أنزل عليه كتابا، فما أحل الله على لسان نبيه فهو حلال إلى يوم القيامة، وما حرم على لسان نبيه فهو حرام إلى يوم القيامة، ألا وإني لست بقاضٍ، ولكني مُنَفِّذٌ، ولست بمبتدع، ولكني متَّبِع، ولست بخير منكم، غير أني أثقلكم حِمْلا، ألا وإنه ليس لأحد من خلق الله أن يُطاع في معصية الله، ألا هل أسمعت؟!» رواه الدارمي (447) بسند جيد.
وروى الدارمي (445) بسند صحيح عن سليمان التيمي قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما «، «أما تخافون أن تُعذَّبوا، أو يُخسف بكم، أن تقولوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فلان؟!»» .
فلا يجوز أن نقول عن حكم من أحكام الشريعة: ما رأيك في كذا؟! فهذا منكر من القول عظيم، فليست شريعة الله وأحكامه خاضعة لأهوائنا وآرائنا، بل يجب أن نخضع لها إن كنا مسلمين.
قال الله: {{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}} .
فليت من يتكلمون في شريعة الله بآرائهم يعلمون أن الكذب على الله بالتحليل أو التحريم كفرٌ مخرج من الملة، وأن كراهة ما أنزل الله أو رد حكما من أحكامه محبطٌ للأعمال وردة باتفاق علماء الأمة!!
قال الله تعالى: {{ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع قليل ولهم عذاب أليم}} .
وقال سبحانه: {{ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}} .
وقال عز وجل: {{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}} .
قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 31): حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منها فقال تعالى: {{قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}} .
محمد بن علي بن جميل المطري
دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن
- التصنيف: