أحداث الكنيسة بين: (صارخ)، و(نابح)، و(صامت)

منذ 2012-03-02

..وبينما هؤلاء المتظاهرين المطالبين بحقهم الإنساني في الحياة أمام كنيستهم التي ترفع شعار: "المحبة".. إذا بـ"قوات أمن الكنيسة" تطلق كلابًا بوليسية على رعايا الكنيسة؛ ليختلط صراخ المتظاهرين مع نباح الكلاب...



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قامت ثورة "الخامس والعشرين من يناير"؛ لتتيح لكل صاحب مظلمة أن يعبر عنها على هيئة: "وقفة احتجاجية"، أو "مظاهرة"، أو "اعتصام"، ومنها: وقفات نظمها قساوسة في الكنيسة المصرية أمام "ماسبيرو"؛ تزعم أنها تطالب برفع الظلم عن "نصارى مصر"!

وربما غالت.. فطلبت "الحماية الدولية على مصر"!

أو ناشدت "أمريكا"، و"إسرائيل" احتلال مصر؛ لتحرير النصارى مما زعموه عمليات عنف ضدهم!

وفي هذه الأثناء خرج مجموعة من النصارى الحاصلين على حكم بالزواج الثاني من المحكمة، والتي ترفض الكنيسة تنفيذه زاعمة أنه يخالف حكم الإنجيل!

وبينما هؤلاء المتظاهرين المطالبين بحقهم الإنساني في الحياة أمام كنيستهم التي ترفع شعار: "المحبة".. إذا بـ"قوات أمن الكنيسة" تطلق كلابًا بوليسية على رعايا الكنيسة؛ ليختلط صراخ المتظاهرين مع نباح الكلاب، ولأول وهلة ظننا أن إعلام "الأذن المقطوعة" سوف يعيد عزف "مقطوعة الأذن"، أو أن دعاة الدولة المدنية سوف يصطفون صفًا واحدًا؛ لمواجهة دولة الكنيسة التي تشعرك بأن أسوارها حاجز زماني ومكاني يأخذك إلى أوروبا العصور الوسطى!

ولكن القوم صمتوا صمت أهل القبور على كثرة الفضائيات وبرامج المحاورات.. حتى ظنننا أن "صفوت الشريف" ما زال قابعًا مكانه، وأنه أصدر تعميمًا لكل مُعدِّي ومقدمي البرامج الحوارية أن يلتزموا الصمت التام؛ وإلا أصابهم "الموت الزؤام"!

ولكن هذا الظن يتبدد بمجرد أن تعرف أن "صفوت الشريف" نفسه يُحاكم في "موقعة الجِمال" التي أطلقها على المتظاهرين.

ولعل هذا ما جعل المتظاهرين يطلقون شعار: "الكلب والجمل إيد واحدة"؛ لعل واحدًا أن يذكرهم في أي من حلقاته أو برامجه -"ولو كهامش يسير على متن موقعة الجمل"-، ولكن هيهات.. هيهات.. فشعار إعلامنا الخاص منه قبل العام فيما يتعلق بأخطاء الكنيسة: "أرى وأسمع.. ولكني لا أتكلم"!

ولنا مع هذه الصورة عدة وقفات:

الوقفة الأولى:

أيها الصارخون الذين تطالبون بحقكم في الحصول على حق ممارسة الحياة دون عقدة الذنب التي تحملكم إياها الكنيسة.. ارجعوا إلى "نصوص العهد القديم"؛ لتعرفوا مقدار جناية الأحبار والرهبان على مَن سلموهم رقابهم مِن عصر "بولس" حتى الآن.. !

ارجعوا.. لتعرفوا أن الطلاق هو شرع الله لـ"موسى"، و"عيسى"، و"محمد" -صلى الله عليهم وسلم-. وأن الله شرعه مِن باب:"آخر الدواء الكي".

وأنه لا يمكن أن يأمر الله بلزوم استمرار علاقة بين رجل وامرأة بعد ما استحالت بينهما العشرة، والأبعد مِن ذلك أن يعاقب مَن اُبتلي بزوجة سيئة أو مريضة، أو مَن ابتليت بزوج سيء أو مريض بأن يعيش حياته محرومًا مِن حاجته الفطرية، أو أن يحصل عليها -إذا أراد- بطريقة غير شرعية!

الثانية.. مع الكنيسة:

1- لماذا التشدد في التمسك بحرفية نص النهي عن الطلاق إلا لعلة الزنا رغم تعارضه مع قول عيسى -عليه السلام-: "ما جئت لأنقض الناموس، ولكن لأتممه"؟!

2- ما موقف الكنيسة من الدولة المدنية؟ وهل تطالِب أن يحكم المسلمون بالـ"عالمانية"؛ بينما تنفذ الكنيسة حكمًا دينيًا صارمًا يتبع التفسير الديني الضيق لها رغم مخالفته للتفسير الديني الذي اعتمده القانون اعتمادًا على رأي الكنيسة الرسمي سنة صدور القانون؟!

3- لماذا تمتلك الكنيسة كلابًا بوليسية؟! وهل حصلت عليها بطريق الشراء من أكاديمية "العادلي" أم أنها كانت هدية متواضعة من "العادلي" للكنيسة؟!

وما هو التوصيف القانوني للكاتدرائية؟ هل هي دار عبادة؟ أم مؤسسة عامة أم خاصة؟ وعلاقة هذا كله ببدعة: "قانون دور العبادة الموحد" الذي تنادي به الكنيسة بين الحين والآخر؟!

4- ما الحكم الديني فيمن يطلق الكلاب على أبناء كنيسته حتى لو أخطئوا؟ أم أن الكنيسة لا تعرف مثل "الابن الضال" المذكور في الإنجيل؛ إلا لتبدو في صورة المتسامح؟!

5- الأب "بولا" صاحب موقعة "الكلب" يؤمن حتمًا بالمقولة الإنجيلية: "مَن ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر".. ومتظاهري الكنيسة لم يضربوا لـ"بولا" خدًا أيمن، ولا أيسر.. فلماذا إذن أطلق عليهم كلابه؟! وهل أصبح هذا النص الإنجيلي في خبر كان؟!

وإذا كان النصارى يستنكرون النسخ في زمن الوحي رغم وقوعه في كل الشرائع؛ فمن إذن أعطاهم سلطة النسخ بعد انقضاء الوحي؟!

6- "البابا شنودة" فسَّر موقفه في عدة مواقف سابقة بأنه "يمنح" الفرصة للسماء لكي تتدخل. فهل صمته هنا من هذا القبيل أم انه السكوت الذي هو علامة الرضا؟!

الثالثة.. مع الصامتين على هذه الجريمة "وهم كثر.. ":

1- منهم "مايكل منير"، و"موريس صادق"، و"فلوباتير".. وعندي لكم اقتراح تخرجون به عن صمتكم، وتوارون به خجلكم..

أعلِنوا أن مسلمًا وهابيًا -"مِن جملة الـ 80 مليون وهابي في مصر"- دس الكلاب خلسة في الكنيسة، وأطلق سراحها خلسة؛ بينما كان الأب "بولا" يعد خطابًا متسامحًا يبارك فيه لاعنيه، ويدعو مِن أجل أن "يستجيب البابا" لشكواهم، وبذلك تدور الآلة الإعلامية، وتتحرك الوفود ثانية صوب سفارتي: "أمريكا"، و"إسرائيل"، وتنقذون جيشًا مِن الإعلاميين وراءكم: "كفوا على الخبر ماجور"!

2- برامج "التوك شو":

عندي لكم اقتراح وهو: تبني حملة تثبت أن "الكلب البوليسي" ليس في حقيقة أمره إلا "قط سيامي" تمددت عضلاته، وانتفخت أوداجه، واستطالت أنيابه مِن باب: "التغيير، والمرح، والهزار"!

3- جمعيات حقوق الإنسان، ودعاة مناصرة الأقليات:

أنتم لا تكتفون عادة برفض التمييز ضد النصارى "الغير موجود أصلاً"، ولكن تطالبون عادة بالتمييز الإيجابي؛ فيمكنكم ادعاء أن هذا نوع مِن التمييز الإيجابي.. فبينما اكتفى المسلمون بـ"موقعة الجمل"؛ زادت الكنيسة شعبها "موقعة الكلب"!

وأخيرًا: فأظن أن هذا الموقف قد كشف عوار الكثيرين مِن المتاجرين بالملف القبطي، وكلهم يبكون "دموع التماسيح" على مظالم مزعومة للنصارى.

وأما نحن فبالفعل.. ورغبة منا في شيوع الفضيلة ومحاربة أسباب الرذيلة سواء كانت بين المسلمين أو بين غيرهم نقول: "أعطوا لهؤلاء المظلومين حقهم، واصغوا إلى صراخهم الذي لم يسكته نباح الكلاب.. وإنما يمزقه صمت الجميع"!


24-شعبان-1432هـ 25-يوليو-2011 م
 

عبد المنعم الشحات

أحد المشايخ البارزين بمسجد أولياء الرحمن بالاسكندرية للدعوة السلفية و منهجه منهج أهل السنة و الجماعه و سلف الأمة من الصحابة و التابعين لهم باحسان