من درر العلامة ابن القيم عن الظلم

منذ 3 ساعات

الظلم من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره, أسأل الله  الكريم أن ينفع بها الجميع.

               

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد: فالظلم من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره, أسأل الله  الكريم أن ينفع بها الجميع.                     

                        [الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب]

دواوين الظلم عند الله عز وجل:

الظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة, ديوان لا يغفر الله منه شيئاً, وهو الشرك به, فإن الله لا يغفر أن يشرك به, وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً, وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً, فإن الله تعالى يستوفيه كله.

وديوان لا يعبأ الله به شيئاً, وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل, فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محواً, فإنه يُمحي بالتوبة والاستغفار, والحسنات الماحية, والمصائب المكفرة, ونحو ذلك, بخلاف ديوان الشرك, فإنه لا يمحى إلا بالتوحيد, وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها, واستحلالهم منها.

ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله عز وجل, حرَّم الجنة على أهله, فلا يدخل الجنة نفس مشركة, وإنما يدخلها أهل التوحيد, فإن التوحيد هو مفتاح بابها, فمن لم يكن معه مفتاح لم يفتح له بابها, وكذلك إن أتى بمفتاح لا أسنان له لم يُمكن الفتح به أسنان هذا المفتاح: الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وصدق الحديث, وأداء الأمانة, وصلة الرحم, وبر الوالدين

                                        [الفوائد]

من أعظم الظلم:

من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبك خالٍ من تعظيم الله وتوقيره, فإنك تُوقر المخلوق وتُجلُّه أن يراك في حال لا تُوقِّر الله أن يراك عليها!....ومن كان كذلك فإن الله لا يُلقي له في قلوب الناس وقاراً ولا هيبةً, بل يسقط وقاره وهيبته من قلوبهم وإن وقروه مخافة شره, فذاك وقار بغض لا وقار حب

                    [مدارج السالكين في منازل السائرين]

الظلم يحمل الإنسان على وضع الشيء في غير موضعه:

الظلم يحمله على وضع الشيء في غير موضعه, فيغضب في موضع الرضا, ويعجل في موضع الأناة, ويبخل في موضع البذل, ويحجم في موضع الإقدام, أو يقدم في موضع الإحجام, ويلين في موضع الشدة, ويشتدُّ في موضع اللين, ويتواضع في موضع العزة, ويتكبر في موضع التواضع.

                               [مفتاح دار السعادة]

بغي الظالم بسب ذنوب المظلوم:

اقتضت حكمة الله العزيز الحكيم أن يأكل الظالم الباغي ويتمتع في خفارة ذنوب المظلوم المبغي عليه, فذنوبه من أعظم أسباب الرحمة في حقِّ ظالمه.

                                   [الداء والدواء]

الظلم يمنع العبد من حسن الظن بربه.

وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات, فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام تمنعه من حسن الظن بربه. وأحسن الناس الظن ظناً بربه أطوعهم له....وكلما حسن ظنه حسن عمله.

                                    [بدائع الفوائد]

احذر دعوة المظلوم:

سبحان الله كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة, واحترقت كبد يتيم, وجردت دمعة مسكين {﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ﴾}  [المرسلات:46] {﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴾}  [ص:88] لا تحتقر دعاء المظلوم فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك, ويحَك نبال أدعيته مُصيبة وإن تأخر الوقتُ, قوسه قلبُهُ المقروحُ, ووترُهُ سواد الليل, احذر عداوة من ينام وطرفه باك, يقلب وجهه نحو السماء, يرمى سهاماً ما لها غرض سوى الأحشاء منك.

قد يرى المظلوم مآل الظالم:

لما تمكن الحسد من قلوب إخوة يوسف – عليه السلام – أُرِيَ المظلومُ مآل الظالم في مرآة { ﴿ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا ﴾}  [يوسف:4]

                         كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ