خطوات الشيطان

منذ 3 ساعات

للشيطان خطوات يستدرج بها الإنسان إلى الفتن والشهوات، وكثيرًا ما نسمع التحذير من تتبّع تلك الخطوات

للشيطان خطوات يستدرج بها الإنسان إلى الفتن والشهوات، وكثيرًا ما نسمع التحذير من تتبّع تلك الخطوات…
لكننا نغفل أن الاستدراج لا يأتي دائمًا من باب المعصية وحدها؛ بل قد يأتينا من باب المباحات والملهيات التي تتسلل خفية إلى القلب.

فهل وقفنا مرة نتأمل يومنا لحظة بلحظة، ونتتبع:
كيف دخل الشيطان من بين التفاصيل الصغيرة؟
وكيف نجح في أن يشغلنا بما لا يستحق كل هذا الانتباه؟
وكيف تصل بعض الأشياء إلى قلوبنا حتى تملأها؟

فخطواته تبدأ بلحظة:
نظرة عابرة، كلمة تخطر على بال، لمسة سريعة…
ثوانٍ قليلة، لكنها تحمل سهمًا رفيعًا يصيب القلب قبل أن نشعر.

وقد يكون هذا السهم:
فكرة نريد الكتابة عنها،
أو صورة نخطط لتصميمها،
أو أكلة تخطر لنا،
أو ثوبًا نرجو شراءه،
أو جهازًا يعجبنا،
أو لقاءً ننتظره…

أمور مباحة، بسيطة، لكنها حين تتكرر وتستحوذ، تتحول من فكرة لطيفة إلى انشغال يأسر القلب.

ومع التفاعل العاطفي فرحًا أو غضبًا أو لهفة تخرج من دائرة الخاطر إلى دائرة المَسّ…
ثم لا تلبث أن تتطور إلى استحواذ، حيث نفكر فيها ليلًا ونهارًا، ونتصرف بدافعها، ونتعلق بها تعلقًا يزاحم علاقتنا بربنا.

وهنا تكمن خطورة الخطوات:
أنها لا تبدو معصية، لكنها تُبعد القلب تدريجيًا عن صفائه وعن محبة الله، فتستقر في داخله هموم صغيرة تحجب عنه الهمّ الأكبر… همّ الآخرة والقرب من الله.

أسأله سبحانه أن ينير بصائرنا، ويكشف لنا خيوط الاستدراج قبل أن تشتد، ويجعل قلوبنا معلقة به وحده، لا تزاحمها فكرة ولا رغبة ولا شاغل. 


ما أثقل اللحظات التي نجد فيها قلوبنا مشدودة نحو تفاصيل لا تستحق، وأفكار تتسلل إلينا حتى تسرق دفءَ علاقتنا بالله دون أن نشعر. 
لكن الطريق ما زال مفتوحًا… وكلما التفتنا إلى تلك الخيوط الدقيقة التي تجرّنا بعيدًا، أدركنا كيف يحفظ الله من انتبه، ويرحم من عاد إليه بقلبه قبل خُطاه.

فلنمشِ على هذا الدرب بوعي:
نراقب ما يشغلنا، نخفف ما يثقلنا، ونردّ قلوبنا إلى نورها الأول… ذلك النور الذي لا يزداد إلا بالقرب منه سبحانه.

اللهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك، محروسة من خطوات الشيطان، ثابتة على دروبك، مطمئنة بك، متعلقة بما عندك.