العبادة ليست حكرا على أشكال محددة
كثير منا يحصر العبادة في أشكال محددة من الطاعات الظاهرة، مثل الصلاة والصيام وقراءة القرآن، بينما يغفل عن أن أبواب العبادة واسعة وتشمل كل ما يقربنا من الله.
عندما نتأمل شعور الأنثى عامة، والأم خاصة، بالضغط والإحباط أحيانًا نتيجة مسئولياتها اليومية التي تستنزف كل وقتها، وإحساسها بذبول روحها لقلة الوقت المخصص لتلاوة القرآن، أو فقدان الطاقة لصلاة قيام الليل. ندرك أن السبب الأساسي وراء ذلك يكمن في النظرة المحدودة للعبادة.
كثير منا يحصر العبادة في أشكال محددة من الطاعات الظاهرة، مثل الصلاة والصيام وقراءة القرآن، بينما يغفل عن أن أبواب العبادة واسعة وتشمل كل ما يقربنا من الله. فرعاية الأم لأسرتها ليست مجرد مسئولية روتينية، بل هي عبادة عظيمة أمر بها الشرع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها».
إنها طاعة خفية عظيمة الأجر إذا أخلصت النية لله واحتسبت الجهد فيها. وقد تكون هذه العبادة أعظم أجرًا من عبادات أخرى، لأنها تستوعب كل لحظة من حياة الأم، وتفيض من آثار الخير على من حولها.
ولنتأمل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تبين فضل الأعمال المحببة إلى الله، سنجد أن الأم تجسد هذه الأعمال في كل تفاصيل حياتها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا» .
والأم هي أكثر الناس منفعة لأسرتها؛ فهي التي تُدخل السرور إلى قلوب أطفالها وأهل بيتها، تخفف عنهم الأحزان، وتطعمهم الطعام، وتسهر على راحتهم في أدق تفاصيل حياتهم. إنها حقا تعيش في كل لحظة معاني النفع، والبذل، والعطاء، التي يحبها الله. لتصبح حياتها كلها عبادة متصلة لا تنقطع.
_________________________________
المصدر: [رحلة مع كتاب "وخفق قلبي شوقًا إلى رمضان"]
سوزان بنت مصطفى بخيت
كاتبة مصرية
- التصنيف: