تفجيرات دمشق.. وألاعيب بشار للتخلص من المعارضة

منذ 2012-03-21

إلى متى يستمر نظام بشار في ألاعيبه ومناوراته في وقت يواصل إخفاء جرائمه بحق السوريين والتي وصلت إلى مداها؟ وإلى متى أيضا يظل المجتمع الدولي يقبل هذه الألاعيب لإنقاذ الشعب السوري من ظلم هذا النظام؟


مع تكرار الهجمات ضد أهداف أمنية في العاصمة السورية دمشق، ومحاولة النظام إلصاق مسئولية تنفيذها للجيش السوري الحر الذي يقاتل قوات بشار الأسد في مختلف أنحاء البلاد، توجهت اتهامات المعارضة والمراقبين للنظام نفسه بأنه وراء هذه الهجمات، لعدة أسباب أولها عدم امتلاك الجيش السوري الحر لإمكانيات قوية تجعله قادرا على تنفيذ هذه الهجمات التي ليس من المستبعد أن يكون النظام السوري وراءها لتضليل المجتمع الدولي وصرف الأنظار عنما يرتكبه من جرائم داخل البلاد.

وفور وقوع التفجيرين الذين استهدف الأول منهما إدارة الامن الجنائي في دوار الجمارك والثاني إدارة المخابرات الجوية في حي القصاع مما أدى لسقوط 29 قتيلا و140 جريحا، سارع التلفزيون السوري الرسمي إلى بث صورا لأشلاء وسيارات محترقة ودمار في الأبنية ومشاهد لجرحى مدنيين، في وقت يغفل هذا التليفزيون بث جرائم الأسد في باقي أنحاء البلاد المستمرة بشكل يومي منذ أكثر من عام ضد العزل المدنيين والنساء والأطفال.
وزعم تليفزيون بشار أن هذين التفجيرين التي وصفهما ب"الإرهابية" جاءا للتمويه والتضليل عما حدث من عدوان على غزة وما يحدث من تهويد للقدس في فلسطين، وكأنه حامي حمى الأراضي المقدسة في وقت يرتكب أبشع المجازر ضد شعبه والتي تجاوزت ما يفعله الصهاينة مع الفلسطينيين.


كما نشرت الصحف الرسمية سمومها كالمعتاد للدفاع بشكل مستميت عن النظام مثل البعث والوطن ، زاعمة أن "إرهابيين بتشجيع من القوى الخارجية التي تدعمهم بالمال والسلاح"، جاءا "لمعاقبة الشعب السوري على موقفه الوطني الصامد ومحاولة إعادة خلط الأوراق للتشويش على مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان وإفشال التوجه الدولي نحو الحل السياسي للأزمة، ودعت هذه الصحف الى عدم التسامح مع "أي معارضة تستدعي تدخلا عسكريا في سوريا، ولا معارضة تطالب بحل عربي".

وتأتي هذه التفجيرات قبيل يوم واحد من وصول البعثة الأممية إلى دمشق لبحث تفاصيل آلية نشر مراقبين دوليين وكيفية تنفيذ المقترحات الأخرى للمبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان.


وفي المقابل, اتهمت أصوات كثيرة في المعارضة السورية, والجيش الحر, النظام السوري بتدبير الانفجارات التي هزت دمشق, من أجل إلصاق التهمة بالمعارضة، ونفى الناطق الرسمي باسم "الجيش السوري الحر" العقيد مصطفى عبد الكريم, مسؤولية الجيش عن الانفجارين متهما السلطات السورية بتدبيرهما لإثارة حالة من الفوضى, قبيل وصول فريق عنان.

واتهم رئيس المجلس الأعلى لتحرير سوريا مصطفى أحمد الشيخ الحكومة السورية بالوقوف وراءهما، مؤكدا أن الجيش السوري الحر لا يملك الإمكانات والتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في عمليات التفجير لشن عمليات ضد المؤسسات التابعة للنظام السوري.

وبحسب الشيخ فإن هذا الأسلوب ليس ضمن العقيدة القتالية للجيش السوري الحر لأنه يضر بمصالح الشعب السوري وبالثورة، حيث إن مهمته هو الدفاع لا تنفيذ هجمات تضر بسمعة المعارضة المسلحة في الداخل والخارج.


كما اعتبر أمين سر المجلس العسكري "للجيش السوري الحر النقيب عمار الواوي أن النظام يشعر بالضغوط الدولية التي قد تؤدي إلى إنشاء منطقة عازلة أو حظر جوي، وبالتالي يريد إبعاد المجتمع الدولي عن مساندة ودعم الشعب السوري بقوله إن هناك عصابات ويستمر بالقتل.

وكشف الواوي عن انشقاقات برتب عليا في صفوف الجيش (السوري النظامي) من عمداء وضباط وطيارين وقادة وحدات وعناصر وهم بأمان، وقريباً سيعلنون انشقاقهم على شاشات التلفزيون، مؤكدا أن "النظام منهار والجيش يقف إلى جانبه شكلياً فقط، لكن فعلياً كتائب "حزب الله" وميليشيا مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري في العراق) و"الحرس الثوري الايراني" هي التي تقتل الشعب السوري.


وبالنظر إلى أن التفجيرات التي هزت دمشق في السابق فقد تزامنت مع تحركات عربية أو دولية ضد سوريا, حيث يشير مراقبون إلى أن الهجوم الذي استهدف موقعا أمنيا في حي الميدان في دمشق في 6 يناير الماضي وتسبب في سقوط 26 قتيلا على الأقل جاء بعد وصول وفد المراقبين العرب إلى سوريا، كما أن الهجومين بسيارتين مفخختين اللذين استهدفا مقرين أمنيين في دمشق في 23 ديسمبر من العام الماضي, وأسفرا حينها عن سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا تزامنا مع اجتماع وزاري عربي حول سوريا.

وبالنسبة لتفجيري 17 مارس فقد وقعا بعد ساعات من إعلان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان عن اعتزام الأمم المتحدة إرسال فريق أممي لدمشق لبحث اقتراح بإرسال مراقبين دوليين.


وفي السياق ذاته, اعتبر عضو المجلس الوطني السوري المعارض حسان الشلبي أن نظام الأسد يسعى من وراء هذه التفجيرات لخلط الأوراق، وطمس الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها بحق أبناء الشعب السوري، خاصة بعد أن وجد نفسه بموقف أكثر ضعفا بعد التغير الذي بدأ يطرأ على الموقفين الروسي والصيني، واقترابهما شيئا فشيئا من موقف المجتمع الدولي. ولم يستبعد أن يضحي نظام الأسد ببعض من أفراد "عصاباته" في سبيل التخلص من المقاومة.

وفي النهاية إلى متى يستمر نظام بشار في ألاعيبه ومناوراته في وقت يواصل إخفاء جرائمه بحق السوريين والتي وصلت إلى مداها؟ وإلى متى أيضا يظل المجتمع الدولي يقبل هذه الألاعيب لإنقاذ الشعب السوري من ظلم هذا النظام؟


إيمان الشرقاوي - 25/4/1433 هـ