حكم من اشترى بضاعة ولم ينقلها فتصرف فيها البائع

منذ 2007-01-30
السؤال: ما حكم من باع بضاعة لرجل ولم يستلم منه النقود، ولما جاء بالمبلغ قال له: ليس عندي إلا نصف البضاعة بعد العلم بزيادة سعرها في السوق؟
الإجابة: إنه إذا كان باعه ما لا يملك كان باع إليه ما لا يملك رجاء أن يشتريه في السوق فهذا عقد فاسد أصلاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا حكيم، لا تبع ما ليس عندك"، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن وعن بيعتين في بيعة وعن بيع ما ليس عندك، فلذلك لا يجوز للإنسان أن يبيع ما ليس عنده اتكالاً على أنه موجود في السوق إلا على وجه السلَم، وقد ذكرنا السلم فيما مضى.

فإذا كان باع إليه البضاعة وهي موجودة في مخزنه يملكها فباعها إليه فلم يسحبها المشتري فلا يجوز لصاحبها أن يبيعها مرة أخرى، فهذا القدر الذي باعه لابد من تركه لصاحبه حتى يأخذه، وإذا أخذها هو فباعها لغيره فجاء صاحبها فإنه يضمنها له ولو ازداد سعرها، ولو كان سعرها قد تضاعف لابد أن يشتريها له لأن تلك البضاعة أصبحت لذلك المشتري، وقد دخلت ضمانك أنت بيد تعد، فيدك التي أخذتها بها يد تعد وليست يد أمانة، فلذلك لزمتك، تشتريها له بالغة ما بلغت في الثمن.

ولا بد هنا من التنبيه على أمر وهو أن من البضائع ما تروج ويكثر الإقبال عليها، فيشتري الإنسان منها كمية كبيرة ولا يستطيع استلامها في وقت محدد، كما إذا كانت منتجاً لمصنع معين، فيشتري منها كمية كبيرة لا يستلمها إلا في أوقات متطاولة، وربما ازداد سعرها فإذا كان قد اشتراها ودفع الثمن فلا يمكن أن يزيد عليه أهل المصنع أو المستورد ثمنها لأنه قد اشتراها بذلك الثمن، فلا يجوز أن يزاد عليه السعر بعد أن رسا البيع على سعر محدد، وما يزعمه بعض الناس أن النقود تدفع لصاحب المصنع مثلاً على وجه الوديعة وتأخذ ما يقابلها من الإنتاج هذا أيضاً حرام لأنه داخل في القاعدة التي هي التردد بين السلفية والثمنية فهو من أمهات الربا، التردد بين السلفية والثمنية، فلابد أن يكون العقد معروفاً أنه قد انعقد فيستحق المشتري البضاعة ويستحق البائع الثمن، وإذا كان العقد متردداً لا يُعلم هل هو منعقد أم لا فهذا عقد باطل، وهو من العقود الربوية، فلذلك لابد من تحديد هذا الأمر والحذر فيه، فإن كثيراً من أصحاب المصانع يزيدون السعر بعد أن تشترى منهم البضاعة التي هي ذات كمية كبيرة، فإذا غلا سعرها زادوا على المشتري الذي كان قد دفع لهم الثمن من فترة، ولا يجوز لهم ذلك لأنهم قد باعوا إليه هذه البضاعة برضاهم ورسا السعر على سعر محدد فلا يجوز زيادة ذلك إلا برضاه هو وإقالته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.