فصل في ليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور
منذ 2007-10-24
السؤال: فصل في ليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور
الإجابة: فصـــل:
وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات فلا يتميزون بلباس دون لباس إذا كان كلاهما مباحاً، ولا بحلق شعر أو تقصيره أو ظفره إذا كان مباحاً، كما قيل: كم من صديق في قباء وكم من زنديق في عباء، بل يوجدون في جميع أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا لم يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور، فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم، ويوجدون في أهل الجهاد والسيف، ويجدون في التجار والصناع والزراع.
وقد ذكر الله أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرضي وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [ المزمل :20 ].
وكان السلف يسمون أهل الدين والعلم [القراء] فيدخل فيهم العلماء والنساك، ثم حدث بعد ذلك اسم [الصوفية والفقراء].
واسم [الصوفية] هو نسبة إلى لباس الصوف؛ هذا هو الصحيح.
وقد قيل: إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء.
وقيل: إلى صوفة بن أدّ بن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك.
وقيل: إلى أهل الصفة.
وقيل: إلى الصفا.
وقيل: إلى الصفوة.
وقيل: إلى الصف المقدم بين يدى الله تعالى.
وهذه أقوال ضعيفة؛ فإنه لوكان كذلك لقيل: صَفي أو صفائى أو صَفَوى أو صُفي، ولم يقل: صوفي.
وصار أيضاً اسم [الفقراء] يعنى به: أهل السلوك.
وهذا عرف حادث. وقد تنازع الناس: أيما أفضل: مسمى [الصوفي] أو مسمى [الفقير] ؟ ويتنازعون أيضاً ـ: أيما أفضل: الغنى الشاكر أو الفقير الصابر ؟
وهذه المسألة فيها نزاع قديم بين الجنيد وبين أبي العباس بن عطاء.
وقد روى عن أحمد بن حنبل فيها روأيتان، والصواب في هذا كله ما قاله الله تبارك وتعالى حيث قال: {يَا أيهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل .
فدل الكتاب والسنة أن أكرم الناس عند الله أتقاهم .
وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: .
وعنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه قال: .
فمن كان من هذه الأصناف أتقى لله فهو أكرم عند الله، وإذا استويا في التقى استويا في الدرجة
ولفظ [الفقر] في الشرع يراد به الفقر من المال، ويراد به فقر المخلوق إلى خالقه كما قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [ التوبة:60 ]، وقال تعالى: {يَا أيهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ} [ فاطر:15 ].
وقد مدح الله تعالى في القرآن صنفين من الفقراء: أهل الصدقات، وأهل الفيء، فقال في الصنف الأول: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة: 273 ]، وقال في الصنف الثاني وهم أفضل الصنفين : {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [ الحشر: 8 ].
وهذه صفة المهاجرين الذين هجروا السيئات وجاهدوا أعداء الله باطناً وظاهراً.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: .
أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة تبوك: فلا أصل له،ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وجهاد الكفار من أعظم الأعمال؛ بل هو أفضل ما تطوع به الإنسان قال الله تعالى: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاً وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء:95- 96] وقال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَأيةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [ التوبة:19 ـ 22 ] .
وثبت في صحيح مسلم وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالى ألا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج، وقال آخر: ما أبالى أن أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال على بن أبي طالب: الجهاد في سبيل الله أفضل مما ذكرتما، فقال عمر: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا قضيت الصلاة سألته، فسأله فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل .
وفي الصحيحين أن رجلاً قال له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أخبرني بعمل يعدل الجهاد في سبيل الله قال: .
وفي السنن عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصاه لما بعثه إلى اليمن فقال: .
وقال أيضاً لمعاذ: ثم قرأ {تَتَجَافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:16- 17]، ثم قال: .
وتفسير هذا ما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: فالتكلم بالخير خير من السكوت عنه، والصمت عن الشر خير من التكلم به، فأما الصمت الدائم فبدعة منهي عنها، وكذلك الامتناع عن أكل الخبز واللحم وشرب الماء، فذلك من البدع المذمومة أيضاً، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً قائماً في الشمس فقال . وثبت في الصحيحين عن أنس أي: سلك غيرها؛ ظاناً أن غيرها خير منها، فمن كان كذلك فهو بريء من الله ورسوله، قال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130 ].
بل يجب على كل مسلم أن يعتقد أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يخطب بذلك كل يوم جمعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات فلا يتميزون بلباس دون لباس إذا كان كلاهما مباحاً، ولا بحلق شعر أو تقصيره أو ظفره إذا كان مباحاً، كما قيل: كم من صديق في قباء وكم من زنديق في عباء، بل يوجدون في جميع أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا لم يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور، فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم، ويوجدون في أهل الجهاد والسيف، ويجدون في التجار والصناع والزراع.
وقد ذكر الله أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرضي وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [ المزمل :20 ].
وكان السلف يسمون أهل الدين والعلم [القراء] فيدخل فيهم العلماء والنساك، ثم حدث بعد ذلك اسم [الصوفية والفقراء].
واسم [الصوفية] هو نسبة إلى لباس الصوف؛ هذا هو الصحيح.
وقد قيل: إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء.
وقيل: إلى صوفة بن أدّ بن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك.
وقيل: إلى أهل الصفة.
وقيل: إلى الصفا.
وقيل: إلى الصفوة.
وقيل: إلى الصف المقدم بين يدى الله تعالى.
وهذه أقوال ضعيفة؛ فإنه لوكان كذلك لقيل: صَفي أو صفائى أو صَفَوى أو صُفي، ولم يقل: صوفي.
وصار أيضاً اسم [الفقراء] يعنى به: أهل السلوك.
وهذا عرف حادث. وقد تنازع الناس: أيما أفضل: مسمى [الصوفي] أو مسمى [الفقير] ؟ ويتنازعون أيضاً ـ: أيما أفضل: الغنى الشاكر أو الفقير الصابر ؟
وهذه المسألة فيها نزاع قديم بين الجنيد وبين أبي العباس بن عطاء.
وقد روى عن أحمد بن حنبل فيها روأيتان، والصواب في هذا كله ما قاله الله تبارك وتعالى حيث قال: {يَا أيهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل .
فدل الكتاب والسنة أن أكرم الناس عند الله أتقاهم .
وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: .
وعنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه قال: .
فمن كان من هذه الأصناف أتقى لله فهو أكرم عند الله، وإذا استويا في التقى استويا في الدرجة
ولفظ [الفقر] في الشرع يراد به الفقر من المال، ويراد به فقر المخلوق إلى خالقه كما قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [ التوبة:60 ]، وقال تعالى: {يَا أيهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ} [ فاطر:15 ].
وقد مدح الله تعالى في القرآن صنفين من الفقراء: أهل الصدقات، وأهل الفيء، فقال في الصنف الأول: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة: 273 ]، وقال في الصنف الثاني وهم أفضل الصنفين : {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [ الحشر: 8 ].
وهذه صفة المهاجرين الذين هجروا السيئات وجاهدوا أعداء الله باطناً وظاهراً.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: .
أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة تبوك: فلا أصل له،ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وجهاد الكفار من أعظم الأعمال؛ بل هو أفضل ما تطوع به الإنسان قال الله تعالى: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاً وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء:95- 96] وقال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَأيةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [ التوبة:19 ـ 22 ] .
وثبت في صحيح مسلم وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالى ألا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج، وقال آخر: ما أبالى أن أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال على بن أبي طالب: الجهاد في سبيل الله أفضل مما ذكرتما، فقال عمر: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا قضيت الصلاة سألته، فسأله فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل .
وفي الصحيحين أن رجلاً قال له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أخبرني بعمل يعدل الجهاد في سبيل الله قال: .
وفي السنن عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصاه لما بعثه إلى اليمن فقال: .
وقال أيضاً لمعاذ: ثم قرأ {تَتَجَافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:16- 17]، ثم قال: .
وتفسير هذا ما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: فالتكلم بالخير خير من السكوت عنه، والصمت عن الشر خير من التكلم به، فأما الصمت الدائم فبدعة منهي عنها، وكذلك الامتناع عن أكل الخبز واللحم وشرب الماء، فذلك من البدع المذمومة أيضاً، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً قائماً في الشمس فقال . وثبت في الصحيحين عن أنس أي: سلك غيرها؛ ظاناً أن غيرها خير منها، فمن كان كذلك فهو بريء من الله ورسوله، قال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130 ].
بل يجب على كل مسلم أن يعتقد أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يخطب بذلك كل يوم جمعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
- التصنيف: