تفسير: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم}؟

منذ 2008-09-24
السؤال: ما تفسير قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم
الإجابة: هذا وصْف وصَف الله به المنافقين، فهم يُغفلون ناحية الأرواح وناحية العقول، ويذهبون إلى عنصر آخر وهو العنصر المادي الذي هو أخس ما في الإنسان، فالإنسان ثلاثة عناصر:
- العنصر الأعلى فيه والأقوى: هو الروح التي هي أمر غيبي نفخة من عند الله تعالى من أمره.
- والعنصر الثاني: هو العقل الذي شرفه الله به على البهائم.
- والعنصر الثالث: هو البدن وهو من أصل الأرض من طين لازب، وهذا العنصر يهتم به بعض الناس فتراهم يسعون من أجل تصحيح أبدانهم وتقويتها بالرياضات وبالمآكل والمشارب وبالأدوية وغيرها ولا يعتنون بقلوبهم ولا بأرواحهم فلا يهتمون بالإيمان ولا بالإسلام ولا بالإحسان، ومع ذلك يهتمون بالصحة البدنية وبالمآكل والمشارب فبذلك تنمو أجسامهم وأجسادهم وتكبر وتنتفخ ويظهر فيهم السمن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم المنافقون وهذا أمارة من أماراتهم، وليس معنى هذا أن كل جسيم منافقاً بل المقصود أن الغالب أن المنافقين يهتمون بأجسامهم، فكثير من الذين هم من ذوي الجسامة ممن أنعم الله عليهم بالأبدان المرتفعة قد أنفقوها في سبيل الله وبذلوا ذلك لله، وانظروا إلى حال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطيال، فمثلاً الشيخ الآن تحدث عن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الرجل خدم الإسلام قبل هجرته خدمة جليلة طيلة ثماني سنوات وهو يخدم الإسلام سفيراً في مكة، ثم هاجر فختمت به الهجرة، ثم لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم خرج في الجهاد في سبيل الله ثم رجع إلى المدينة وتوفي بها وهو من أقرب الناس ومن المقربين إلى الخليفة في ذلك الوقت عمر بن الخطاب، ومع ذلك كان العباس جسيماً وسيماً وكان إذا عالج الدابة الدبراء عالجها من الجهة الأخرى، وكان من طوله أنه كان إذا طاف بالكعبة ظن الناس أن الخندمة تطوف بها (الخندمة جبل)، ومع هذا فإن أبا اليسر وهو رجل من الأنصار خفيف الجسم كثير الإيمان، ثقيل الإيمان خفيف الجسم أسر العباس يوم بدر، فلما سئل عنه العباس قال: جعله الله عندي كالخندمة، أبو اليسر على نحافته وصغره جعله الله عند العباس كالخندمة حتى أسره، فلهذا فأنتم تلاحظون مثلاً قول حسان بن ثابت رضي الله عنه حينما هجا بني الحارث بن كعب يقول:
لا باس بالقوم من طول ومن ضخم *** جسم البغال وأحلام العصافير

ثم لما استرضوه رجع فأعاد هذا عليهم فقال:
وقد كنا نقول إذا رأينا *** لذي جسم يكون وذي بيان
كأنك أيها المعطى بيانا *** وجسما من بني عبد المدان


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.