بيع القطط والكلاب، وبيع طعامها، وتربيتها في البيوت
منذ 2010-08-05
السؤال: ما حُكْمُ بَيْع القِطط والكلاب، وما حُكْمُ بَيْع طعامها، وما حُكْمُ
تربيتها في البيوت؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ
والاه، ثم أما بعد:
فلا يَحِلُّ بَيْعُ القِطط، كما نَصَّ غيرُ واحدٍ من أهل العلم؛ منهم: أبو هُرَيْرَة، ومُجاهد، وجابر بن زيْدٍ، وأهلُ الظَّاهِر. وحكاهُ المُنْذِرِيُّ عن طاوسٍ، وهو الرَّاجِحُ الذي يَدُلُّ عليه النَّصُّ؛ فقد روى مُسْلِمٌ، عن أبي الزُّبَيْر قال: " ".
وعند أبي داود عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ثَمَن الكَلْب والسِّنَّوْر.
وعند البَيْهَقِيِّ عنه أيضًا: نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أَكْلِ الهِرَّة، وأَكْلِ ثَمَنِهَا.
وجَزَمَ ابنُ القيِّم بتحريم بَيْعِه في (زاد المَعاد)؛ حيث قال: "وكذلك أفتى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وهو مذهب طاووس ومُجاهدٍ وجابرٍ بنِ زيْدٍ، وجميعِ أهل الظَّاهِر، وإحدى الرِّوايتَيْن عن أحمد، وهو اختيار أبي بكر، وهو الصَّوَابُ؛ لصحَّة الحديث بذلك، وعدمِ ما يُعارِضُه؛ فوَجَبَ القَوْلُ به".
وذهبُ جمهورُ العلماء إلى جَوَاز بَيْع القِطط، وحملوا النَّهيَ في الحديث على كراهة التَّنْزيه، وأنَّ بَيْعَهُ ليس من مكارم الأخلاق والمروءات، وضعَّف بعضُهم الأحاديثَ الواردةَ في التَّحْريم.
قال الإمام النَّوَوِيُّ في (المجموع): "وأمَّا ما ذَكَرَهُ الخطَّابيُّ وابنُ المُنْذِر، أنَّ الحديثَ ضعيفٌ - فَغَلَطٌ منهما؛ لأنَّ الحديثَ في (صحيح مسلم) بإسنادٍ صحيحٍ ... وقال ابنُ المُنْذِر: إن ثَبَتَ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّهْيُ عن بَيْعِهِ؛ فبَيْعُهُ باطِلٌ، وإلا فجائزٌ". انتهى.
وقد أجاب الشَّوْكانِيُّ في (النَّيْل) عنهم؛ فقال: "ولا يخفى أنَّ هذا إخراجُ النَّهْيِ عن معناه الحقيقيِّ بلا مُقْتَضِ".
أما اقْتِناءُ القِطط: فجائزٌ؛ لأنَّ الأصلَ في قِنْيَة الحيوانات الأليفة الجَوازُ، إلا ما خصَّه الدَّليلُ بالمَنْع؛ وقد روى التِّرْمِذِيُّ في سُنَنِه وأبو داود، عن كَبْشَة بنت كعبٍ بنِ مالكٍ أنَّ أبا قَتادَةَ دخل عليها. قال: فسَكَبْتُ له وَضوءًا. قالت: فجاءت هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فأصغى لها الإناءَ حتى شَرِبَتْ. قالت كَبْشَةُ: فرآني أنظرُ إليه؛ فقال: أتَعْجَبينَ يا بنتَ أخي؟! قلتُ: نعم. قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " ".
أما اقْتِناءُ الكلاب؛ فمُحَرم للأدلة الكثيرة على تحريم اقْتِنائه إلا كلاب الصَّيْد، والحراسة والزَّرْع، وحراسة الماشية.
ففي الصحيحين عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " "، وفيهما عن ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " " (متفق عليهما)، وفى روايةٍ: " "، وفى روايةٍ: " ".
قال النَّوَوِيُّ في (شَرْحِ مُسْلِمٍ): "وأمَّا القيراطُ هنا: فهو مقدارٌ معلومٌ عند الله تعالى، والمرادُ: نَقَصَ جُزْءٌ من أَجْر عَمَلِهِ".
وقال أيضًا: "وأمَّا اقْتِناءُ الكلاب؛ فمذهبُنا -الشافعيَّة- أنَّه يَحْرُمُ اقْتِناءُ الكلبِ بغير حاجةٍ. ويَجُوزُ اقْتِناؤهُ للصَّيْد وللزَّرْع وللماشية.
وهل يَجُوزُ لحفظ الدُّور والدُّرُوب ونحوها؟
فيه وجهان؛ أحدهما: لا يَجُوزُ لظواهر الأحاديث؛ فإنها مُصَرِّحَةٌ بالنَّهْى؛ إلا لزَرْعٍ أو صَيْدٍ أو ماشيةٍ، وأصحُّها: يَجُوزُ، قياسًا على الثَّلاثة، عملاً بالعلَّة المفهومة من الأحاديث، وهى الحاجةٌ... وأما اقْتِناءُ ما ليس له فائدةٌ؛ فيَتَرَتَّبُ عليه نُقصانُ الأجر؛ كما في الأحاديث السَّابقة".
وأما بَيْعُ الكلاب: فالأصل أنَّه لا يَجُوزُ بَيْعُها ولا شراؤها، إلا ما استثْناه الدَّليلُ، من جَوَاز بَيْع وشراء ما جاز اقْتِناؤهُ؛ ككلب الصَّيْد أو الحراسة أو الماشية أو الزَّرْع؛ فقد روى البخاريُّ ومُسْلِمٌ، عن ابن عمرَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " ". زادَ أبو هُرَيْرَةَ: " ".
وفي (الصَّحيحَيْن): أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ثَمَنِ الكلب، وأَخْبرَ أنَّ ثَمَنَ الكلبِ خبيثٌ.
ونَظَرًا لعموم هذا النَّهي؛ فقد ذهب جمهورُ العلماء إلى حُرْمَةِ بَيْعِ الكَلْبِ مطلقًا، سواءٌ أكان للصَّيْد، أو للحراسة، أو غير ذلك.
وذهب أبو حنيفةَ إلى جَوَاز بَيْعِ وشراءِ وحِلِّ ثَمَنِ ما أُذِنَ في اقْتِنائه من الكلاب، للصَّيْد ونحوه، مستدلِّينَ بحديث جابرٍ: " " (أخرجه النَّسائيُّ) وقال الحافظُ: "رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنَّه طُعِنَ في صحَّته". وأَخْرَجَ نحوه التِّرْمِذِيُّ من حديث أبي هُرَيْرَة، لكن من رواية أبي المُهَزِّم، وهو ضعيفٌ.
قال النَّوَوِيُّ في (شرحِ مُسْلِمٍ): "وأمَّا النَّهْيُ عن ثَمَنِ الكلبِ، وكَوْنُه من شرِّ الكَسْب، وكَوْنُه خبيثًا؛ فيَدُلُّ على تحريم بَيْعِه، وأنَّه لا يَصِحُّ بَيْعُهُ، ولا يَحِلُّ ثَمَنُهُ، ولا قيمةَ على مُتْلِفِهِ، سواءٌ كان مُعَلَّمًا أم لا، وسواءٌ كان ممَّا يَجوزُ اقْتِناؤهُ أم لا، وبهذا قال جماهيرُ العلماء؛ منهم: أبو هُرَيْرَةَ، والحسن البصريُّ، وربيعة، والأوْزاعيُّ، والحَكَم، وحمَّاد، والشافعيُّ، وأحمد، وداودٌ، وابن المنذر، وغيرهم.
وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ بَيْعُ الكلاب التي فيها منفعةٌ، وتَجِبُ القيمةُ على مُتْلِفِهَا. وحكى ابنُ المُنْذِر، عن جابرٍ وعطاءٍ والنَّخْعِيِّ: جَوَازَ بَيْع كلب الصَّيْد دون غيره. انتهى.
أما بَيْعُ طعام الكلاب والقِطط: فلا حرج فيه؛ لأنَّ إطعامَ الحيوانات مطلوبٌ شَرْعًا، إلاَّ أن يَعْلَمَ البائعُ أنَّ المشتري يربِّي الكلابَ لغير الصَّيْد أو الحراسة وغيرها مما أجازهُ الشَّرْعُ، هذا والله أعلم.
المصدر: موقع الآلوكة
فلا يَحِلُّ بَيْعُ القِطط، كما نَصَّ غيرُ واحدٍ من أهل العلم؛ منهم: أبو هُرَيْرَة، ومُجاهد، وجابر بن زيْدٍ، وأهلُ الظَّاهِر. وحكاهُ المُنْذِرِيُّ عن طاوسٍ، وهو الرَّاجِحُ الذي يَدُلُّ عليه النَّصُّ؛ فقد روى مُسْلِمٌ، عن أبي الزُّبَيْر قال: " ".
وعند أبي داود عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ثَمَن الكَلْب والسِّنَّوْر.
وعند البَيْهَقِيِّ عنه أيضًا: نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أَكْلِ الهِرَّة، وأَكْلِ ثَمَنِهَا.
وجَزَمَ ابنُ القيِّم بتحريم بَيْعِه في (زاد المَعاد)؛ حيث قال: "وكذلك أفتى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وهو مذهب طاووس ومُجاهدٍ وجابرٍ بنِ زيْدٍ، وجميعِ أهل الظَّاهِر، وإحدى الرِّوايتَيْن عن أحمد، وهو اختيار أبي بكر، وهو الصَّوَابُ؛ لصحَّة الحديث بذلك، وعدمِ ما يُعارِضُه؛ فوَجَبَ القَوْلُ به".
وذهبُ جمهورُ العلماء إلى جَوَاز بَيْع القِطط، وحملوا النَّهيَ في الحديث على كراهة التَّنْزيه، وأنَّ بَيْعَهُ ليس من مكارم الأخلاق والمروءات، وضعَّف بعضُهم الأحاديثَ الواردةَ في التَّحْريم.
قال الإمام النَّوَوِيُّ في (المجموع): "وأمَّا ما ذَكَرَهُ الخطَّابيُّ وابنُ المُنْذِر، أنَّ الحديثَ ضعيفٌ - فَغَلَطٌ منهما؛ لأنَّ الحديثَ في (صحيح مسلم) بإسنادٍ صحيحٍ ... وقال ابنُ المُنْذِر: إن ثَبَتَ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّهْيُ عن بَيْعِهِ؛ فبَيْعُهُ باطِلٌ، وإلا فجائزٌ". انتهى.
وقد أجاب الشَّوْكانِيُّ في (النَّيْل) عنهم؛ فقال: "ولا يخفى أنَّ هذا إخراجُ النَّهْيِ عن معناه الحقيقيِّ بلا مُقْتَضِ".
أما اقْتِناءُ القِطط: فجائزٌ؛ لأنَّ الأصلَ في قِنْيَة الحيوانات الأليفة الجَوازُ، إلا ما خصَّه الدَّليلُ بالمَنْع؛ وقد روى التِّرْمِذِيُّ في سُنَنِه وأبو داود، عن كَبْشَة بنت كعبٍ بنِ مالكٍ أنَّ أبا قَتادَةَ دخل عليها. قال: فسَكَبْتُ له وَضوءًا. قالت: فجاءت هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فأصغى لها الإناءَ حتى شَرِبَتْ. قالت كَبْشَةُ: فرآني أنظرُ إليه؛ فقال: أتَعْجَبينَ يا بنتَ أخي؟! قلتُ: نعم. قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " ".
أما اقْتِناءُ الكلاب؛ فمُحَرم للأدلة الكثيرة على تحريم اقْتِنائه إلا كلاب الصَّيْد، والحراسة والزَّرْع، وحراسة الماشية.
ففي الصحيحين عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " "، وفيهما عن ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " " (متفق عليهما)، وفى روايةٍ: " "، وفى روايةٍ: " ".
قال النَّوَوِيُّ في (شَرْحِ مُسْلِمٍ): "وأمَّا القيراطُ هنا: فهو مقدارٌ معلومٌ عند الله تعالى، والمرادُ: نَقَصَ جُزْءٌ من أَجْر عَمَلِهِ".
وقال أيضًا: "وأمَّا اقْتِناءُ الكلاب؛ فمذهبُنا -الشافعيَّة- أنَّه يَحْرُمُ اقْتِناءُ الكلبِ بغير حاجةٍ. ويَجُوزُ اقْتِناؤهُ للصَّيْد وللزَّرْع وللماشية.
وهل يَجُوزُ لحفظ الدُّور والدُّرُوب ونحوها؟
فيه وجهان؛ أحدهما: لا يَجُوزُ لظواهر الأحاديث؛ فإنها مُصَرِّحَةٌ بالنَّهْى؛ إلا لزَرْعٍ أو صَيْدٍ أو ماشيةٍ، وأصحُّها: يَجُوزُ، قياسًا على الثَّلاثة، عملاً بالعلَّة المفهومة من الأحاديث، وهى الحاجةٌ... وأما اقْتِناءُ ما ليس له فائدةٌ؛ فيَتَرَتَّبُ عليه نُقصانُ الأجر؛ كما في الأحاديث السَّابقة".
وأما بَيْعُ الكلاب: فالأصل أنَّه لا يَجُوزُ بَيْعُها ولا شراؤها، إلا ما استثْناه الدَّليلُ، من جَوَاز بَيْع وشراء ما جاز اقْتِناؤهُ؛ ككلب الصَّيْد أو الحراسة أو الماشية أو الزَّرْع؛ فقد روى البخاريُّ ومُسْلِمٌ، عن ابن عمرَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: " ". زادَ أبو هُرَيْرَةَ: " ".
وفي (الصَّحيحَيْن): أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ثَمَنِ الكلب، وأَخْبرَ أنَّ ثَمَنَ الكلبِ خبيثٌ.
ونَظَرًا لعموم هذا النَّهي؛ فقد ذهب جمهورُ العلماء إلى حُرْمَةِ بَيْعِ الكَلْبِ مطلقًا، سواءٌ أكان للصَّيْد، أو للحراسة، أو غير ذلك.
وذهب أبو حنيفةَ إلى جَوَاز بَيْعِ وشراءِ وحِلِّ ثَمَنِ ما أُذِنَ في اقْتِنائه من الكلاب، للصَّيْد ونحوه، مستدلِّينَ بحديث جابرٍ: " " (أخرجه النَّسائيُّ) وقال الحافظُ: "رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنَّه طُعِنَ في صحَّته". وأَخْرَجَ نحوه التِّرْمِذِيُّ من حديث أبي هُرَيْرَة، لكن من رواية أبي المُهَزِّم، وهو ضعيفٌ.
قال النَّوَوِيُّ في (شرحِ مُسْلِمٍ): "وأمَّا النَّهْيُ عن ثَمَنِ الكلبِ، وكَوْنُه من شرِّ الكَسْب، وكَوْنُه خبيثًا؛ فيَدُلُّ على تحريم بَيْعِه، وأنَّه لا يَصِحُّ بَيْعُهُ، ولا يَحِلُّ ثَمَنُهُ، ولا قيمةَ على مُتْلِفِهِ، سواءٌ كان مُعَلَّمًا أم لا، وسواءٌ كان ممَّا يَجوزُ اقْتِناؤهُ أم لا، وبهذا قال جماهيرُ العلماء؛ منهم: أبو هُرَيْرَةَ، والحسن البصريُّ، وربيعة، والأوْزاعيُّ، والحَكَم، وحمَّاد، والشافعيُّ، وأحمد، وداودٌ، وابن المنذر، وغيرهم.
وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ بَيْعُ الكلاب التي فيها منفعةٌ، وتَجِبُ القيمةُ على مُتْلِفِهَا. وحكى ابنُ المُنْذِر، عن جابرٍ وعطاءٍ والنَّخْعِيِّ: جَوَازَ بَيْع كلب الصَّيْد دون غيره. انتهى.
أما بَيْعُ طعام الكلاب والقِطط: فلا حرج فيه؛ لأنَّ إطعامَ الحيوانات مطلوبٌ شَرْعًا، إلاَّ أن يَعْلَمَ البائعُ أنَّ المشتري يربِّي الكلابَ لغير الصَّيْد أو الحراسة وغيرها مما أجازهُ الشَّرْعُ، هذا والله أعلم.
المصدر: موقع الآلوكة
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف: