حكم الشركات المختلطة
منذ 2010-11-24
السؤال: ما حكم الدخول في الشركات التي أصل نشاطها مباح، ولكنها تقترض أو تودع
بالربا؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم الشركات التي أصل نشاطها في أغراض مباحة لكنها تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالاقتراض أو الإيداع بفوائد، فمن العلماء من يرى حرمة المساهمة فيها مطلقاً أو شراء أسهمها، ومن العلماء من يرى جواز الدخول فيها بضوابط معينة، ولعل القول الذي يترجح هو جواز شراء أسهم هذه الشركات مع مراعاة الضوابط الآتية:
1 - إذا كانت حصة المستثمر في الشركة كبيرة بحيث يستطيع أن يؤثر في قرارات الشركة فيجب عليه ألا يأذن بأي معاملة محرمة ولو كانت قليلة، ومثل ذلك من كان عضواً في مجلس إدارة الشركة أو صاحب نفوذ فيها فلا يحل له أن يأذن بأي معاملة محرمة، فإن فعل فهو معين على المعصية مشارك في الإثم.
2 - يجب أن يكون أصل نشاط الشركة في أغراض مباحة كالأغراض الزراعية والتجارية والصناعية والتقنية ونحو ذلك، أما إذا كان في أغراض محرمة فيحرم الدخول فيها مطلقاً، كالبنوك التجارية التي تتعامل بالربا، وشركات التأمين، والإعلام الهابط، والتبغ وشركات بيع الخمور ونحو ذلك.
3 - يجب أن تكون نسبة المعاملات المحرمة يسيرة بالنسبة لإجمالي نشاط الشركة، ولا يعني ذلك أن اليسير من المعاملات المحرمة جائز، بل الربا محرم وإن كان يسيراً، وإنما يكون الإثم على من أذن أو باشر تلك المعاملة المحرمة، أما المساهم الذي لم يرض بها فلا حرج عليه إن شاء الله، لأن من القواعد المقررة أن: "اليسير مغتفر"، وهذه القاعدة لها تطبيقات متعددة في الشريعة في أبواب الطهارة والصلاة والبيوع والأنكحة وغيرها، فإذا نظرنا إلى السهم فإن المعاملة المحرمة مغمورة في نشاط الشركة المباح، وهذا كالنجاسة اليسيرة إذا وقعت في الماء واستهلكت فيه فلا ينجس الماء كله، فيجوز شربه والوضوء به، وكذا السهم إذا اختلط فيه يسير من المحرم فلا يحرم السهم كله.
ويبقى النظر في ضابط اليسير من المعاملات المحرمة. وحيث إنه لا يوجد تحديد لليسير هنا في النصوص الشرعية فيرجع في ذلك إلى العرف، لأن القاعدة عند أهل العلم أن كل ما لم يحدد في الشرع فيرجع في تحديده إلى العرف، كاليسير المعفو عنه من النجاسات التي تصيب البدن والثوب، ويسير الحركة في الصلاة المعفو عنها، ويسير الغبن والعيب المعفو عنه في البيوع وسائر العقود، فكل ذلك يرجع فيه إلى العرف.
فإذا نظرنا إلى العرف في الأسواق المالية فيمكن أن يقال: إن أي نشاطٍ محرمٍ للشركة لا يتجاوز 5% من إجمالي نشاط الشركة فإن هذا النشاط لا يعد مقصوداً للشركة بل هو من الأنشطة التابعة.
ومن خلال ما تقدم يمكن أن نخلص إلى أن اليسير المعفو عنه من المعاملات المحرمة في الشركات المساهمة ما توافر فيه أمران:
أ. ألا تزيد المصروفات المحرمة على 5% من مصروفات الشركة، وبشرط ألا تزيد القروض التي على الشركة بفوائدها على 30% من إجمالي المطلوبات.
ب. ألا تزيد الإيرادات المحرمة على 5% من إيرادات الشركة، وبشرط ألا تزيد الاستثمارات ذات الإيرادات المحرمة على 30% من إجمالي الموجودات.
4 - ويجب على المساهم أن يطهر الأرباح التي يتسلمها من الشركة بالتخلص من نسبة الإيرادات اليسيرة المحرمة، وبناءً على ما تقدم فإن الواجب أن يتخلص من 5% من الأرباح المستحقة له، لأننا نفترض أن الإيرادات المحرمة لا تزيد عن تلك النسبة، أما لو زادت فلا يجوز الدخول في هذه الشركات أصلاً.
5 - ومع كل ما تقدم فإن مما لاشك فيه أن من الورع ألا يساهم المسلم إلا في الشركات النقية من الحرام، لأن الشركة التي لا تخلو إيراداتها من يسير الحرام تعد من الأمور المشتبهة وقد أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم باتقاء الشبهات، فقال: " "، ولكن من أراد أن يأخذ بالرخصة ولم يسلك طريق الورع فلا حرج عليه إن شاء الله، بشرط أن يلتزم بالضوابط السابقة.
* وخلاصة ما تقدم أن الشركات المساهمة على ثلاثة أنواع:
أ. شركات لا يجوز شراء أسهمها مطلقاً: وهي الشركات التي يكون نشاطها في أغراض محرمة، والشركات ذات الأغراض المباحة ولكنها تتعامل بمعاملات محرمة تعد كثيرة بالنسبة إلى إجمالي نشاط الشركة.
ب. شركات يجوز شراء أسهمها بلا قيود: وهي الشركات النقية من أي معاملة محرمة، ويكون نشاطها في أغراض مباحة.
ج. شركات يجوز شراء أسهمها بقيود معينة: وهي الشركات التي يكون نشاطها في أغراض مباحة ولكنها تقترض أو تودع بالربا بنسب يسيرة، فهذه إذا لم تتجاوز إيراداتها المحرمة 5% من إجمالي إيراداتها، ولم تتجاوز مصروفاتها المحرمة 5% من إجمالي المصروفات، فيجوز شراء أسهمها بشرط أن يتخلص المساهم من 5% من الأرباح التي تحققها الشركة. أما الأرباح التي يحققها المساهم بسبب المضاربة بتلك الأسهم أي بالبيع والشراء فلا يلزمه التخلص من شيء منها لأن تلك الأرباح لم تأته من الشركة وإنما من الشخص الذي اشترى السهم منه.
ويمكن أن يعرف المساهم الشركات التي تنطبق عليها المعايير السابقة من خلال اللجان الشرعية، والمؤشرات التي تلتزم بتلك المعايير مثل: "داوجونز الإسلامي" وغيره.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
فقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم الشركات التي أصل نشاطها في أغراض مباحة لكنها تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالاقتراض أو الإيداع بفوائد، فمن العلماء من يرى حرمة المساهمة فيها مطلقاً أو شراء أسهمها، ومن العلماء من يرى جواز الدخول فيها بضوابط معينة، ولعل القول الذي يترجح هو جواز شراء أسهم هذه الشركات مع مراعاة الضوابط الآتية:
1 - إذا كانت حصة المستثمر في الشركة كبيرة بحيث يستطيع أن يؤثر في قرارات الشركة فيجب عليه ألا يأذن بأي معاملة محرمة ولو كانت قليلة، ومثل ذلك من كان عضواً في مجلس إدارة الشركة أو صاحب نفوذ فيها فلا يحل له أن يأذن بأي معاملة محرمة، فإن فعل فهو معين على المعصية مشارك في الإثم.
2 - يجب أن يكون أصل نشاط الشركة في أغراض مباحة كالأغراض الزراعية والتجارية والصناعية والتقنية ونحو ذلك، أما إذا كان في أغراض محرمة فيحرم الدخول فيها مطلقاً، كالبنوك التجارية التي تتعامل بالربا، وشركات التأمين، والإعلام الهابط، والتبغ وشركات بيع الخمور ونحو ذلك.
3 - يجب أن تكون نسبة المعاملات المحرمة يسيرة بالنسبة لإجمالي نشاط الشركة، ولا يعني ذلك أن اليسير من المعاملات المحرمة جائز، بل الربا محرم وإن كان يسيراً، وإنما يكون الإثم على من أذن أو باشر تلك المعاملة المحرمة، أما المساهم الذي لم يرض بها فلا حرج عليه إن شاء الله، لأن من القواعد المقررة أن: "اليسير مغتفر"، وهذه القاعدة لها تطبيقات متعددة في الشريعة في أبواب الطهارة والصلاة والبيوع والأنكحة وغيرها، فإذا نظرنا إلى السهم فإن المعاملة المحرمة مغمورة في نشاط الشركة المباح، وهذا كالنجاسة اليسيرة إذا وقعت في الماء واستهلكت فيه فلا ينجس الماء كله، فيجوز شربه والوضوء به، وكذا السهم إذا اختلط فيه يسير من المحرم فلا يحرم السهم كله.
ويبقى النظر في ضابط اليسير من المعاملات المحرمة. وحيث إنه لا يوجد تحديد لليسير هنا في النصوص الشرعية فيرجع في ذلك إلى العرف، لأن القاعدة عند أهل العلم أن كل ما لم يحدد في الشرع فيرجع في تحديده إلى العرف، كاليسير المعفو عنه من النجاسات التي تصيب البدن والثوب، ويسير الحركة في الصلاة المعفو عنها، ويسير الغبن والعيب المعفو عنه في البيوع وسائر العقود، فكل ذلك يرجع فيه إلى العرف.
فإذا نظرنا إلى العرف في الأسواق المالية فيمكن أن يقال: إن أي نشاطٍ محرمٍ للشركة لا يتجاوز 5% من إجمالي نشاط الشركة فإن هذا النشاط لا يعد مقصوداً للشركة بل هو من الأنشطة التابعة.
ومن خلال ما تقدم يمكن أن نخلص إلى أن اليسير المعفو عنه من المعاملات المحرمة في الشركات المساهمة ما توافر فيه أمران:
أ. ألا تزيد المصروفات المحرمة على 5% من مصروفات الشركة، وبشرط ألا تزيد القروض التي على الشركة بفوائدها على 30% من إجمالي المطلوبات.
ب. ألا تزيد الإيرادات المحرمة على 5% من إيرادات الشركة، وبشرط ألا تزيد الاستثمارات ذات الإيرادات المحرمة على 30% من إجمالي الموجودات.
4 - ويجب على المساهم أن يطهر الأرباح التي يتسلمها من الشركة بالتخلص من نسبة الإيرادات اليسيرة المحرمة، وبناءً على ما تقدم فإن الواجب أن يتخلص من 5% من الأرباح المستحقة له، لأننا نفترض أن الإيرادات المحرمة لا تزيد عن تلك النسبة، أما لو زادت فلا يجوز الدخول في هذه الشركات أصلاً.
5 - ومع كل ما تقدم فإن مما لاشك فيه أن من الورع ألا يساهم المسلم إلا في الشركات النقية من الحرام، لأن الشركة التي لا تخلو إيراداتها من يسير الحرام تعد من الأمور المشتبهة وقد أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم باتقاء الشبهات، فقال: " "، ولكن من أراد أن يأخذ بالرخصة ولم يسلك طريق الورع فلا حرج عليه إن شاء الله، بشرط أن يلتزم بالضوابط السابقة.
* وخلاصة ما تقدم أن الشركات المساهمة على ثلاثة أنواع:
أ. شركات لا يجوز شراء أسهمها مطلقاً: وهي الشركات التي يكون نشاطها في أغراض محرمة، والشركات ذات الأغراض المباحة ولكنها تتعامل بمعاملات محرمة تعد كثيرة بالنسبة إلى إجمالي نشاط الشركة.
ب. شركات يجوز شراء أسهمها بلا قيود: وهي الشركات النقية من أي معاملة محرمة، ويكون نشاطها في أغراض مباحة.
ج. شركات يجوز شراء أسهمها بقيود معينة: وهي الشركات التي يكون نشاطها في أغراض مباحة ولكنها تقترض أو تودع بالربا بنسب يسيرة، فهذه إذا لم تتجاوز إيراداتها المحرمة 5% من إجمالي إيراداتها، ولم تتجاوز مصروفاتها المحرمة 5% من إجمالي المصروفات، فيجوز شراء أسهمها بشرط أن يتخلص المساهم من 5% من الأرباح التي تحققها الشركة. أما الأرباح التي يحققها المساهم بسبب المضاربة بتلك الأسهم أي بالبيع والشراء فلا يلزمه التخلص من شيء منها لأن تلك الأرباح لم تأته من الشركة وإنما من الشخص الذي اشترى السهم منه.
ويمكن أن يعرف المساهم الشركات التي تنطبق عليها المعايير السابقة من خلال اللجان الشرعية، والمؤشرات التي تلتزم بتلك المعايير مثل: "داوجونز الإسلامي" وغيره.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
- التصنيف: