فتوى في ماء زمزم
منذ 2011-10-13
السؤال: يقول الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: "قوله: "" فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأيِّ أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة، لأن "" في قوله: "" من صيغ العموم.
ما حكم شرب زمزم بنية مغفرة الذنوب؟ وتغسيل الأكفان به لبركته؟ وما حدود التبرك بزمزم في الدنيا والآخرة؟
ما حكم شرب زمزم بنية مغفرة الذنوب؟ وتغسيل الأكفان به لبركته؟ وما حدود التبرك بزمزم في الدنيا والآخرة؟
الإجابة: الحمد لله؛
حديث "" روي من حديث جابر ومن حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا، وقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من صححه ومنهم من حسنه ومنهم من ضعفه، وممن حسنه ابن القيم والمنذري، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني، فالحديث صالح للاحتجاج به على فضل ماء زمزم، ويشهد له ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم: ""، وفي رواية عند أبي داود الطيالسي: "".
وقد ذُكر عن جمع من العلماء الأكابر أنهم عملوا بهذا الحديث، وشربوا ماء زمزم لأغراض مختلفة، كما جاء عن الشافعي رحمه الله أنه شرب ماء زمزم لثلاث؛ للرمي، فكان يصيب العشرة من العشرة، وللعلم؛ وقد بلغه، ولدخول الجنة؛ ونرجو له ذلك [1]، وجاء عن ابن خزيمة أنه شربه للعلم النافع [2]، وعن الحاكم أن يرزقه الله حسن التصنيف [3]، وجاء عن الحافظ ابن حجر أنه شربه لثلاث منها أن ينال مرتبة الحافظ الذهبي [4]، وقد بلغها.
وهذا منهم تمسكا بظاهر العموم، وعلى هذا جرى الشوكاني رحمه الله في قوله: "في الحديث دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأيِّ أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة، لأن "" في قوله صلى الله عليه وسلم: "" من صيغ العموم"، ويروى عن ابن عباس أنه كان إذا شرب من ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء".
ولا ريب أن حمل هذا الحديث على عمومه المطلق كما فصَّله الشوكاني، وكما يشعر به صنيع العلماء الذين شربوا ماء زمزم لمطالب علمية ودينية يطمحون إليها، رجاء أن يكون شرب ماء زمزم بهذه النية سببا لبلوغها، أقول: لا ريب أن هذا الفهم لهذا الحديث والعملَ بذلك راجع إلى حسن الظن بالله والطمع في سعة فضله، وما دام أنه قد صح الحديث في أن زمزم مباركة، وأنها طعام طعم وشفاء سقم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد الشرب من ماء زمزم، وقال فيها: ""، وأجمع المسلمون على استحباب الشرب منها، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورجاء ما فيها من البركة، فمن بركتها أن يكون شرب مائها سببا في حصول ما يرجوه المسلم بذلك، ومن المعلوم أن أي سبب فإنه يتوقف أثره على وجود شروط وانتفاء موانع، فلا بد من ملاحظة ذلك هنا، وينبغي أن يعلم أن ما يُطلب به ماء زمزم:
1- منه ما هو فيه سبب مباشر، كالغذاء والشفاء، فالسببية هنا كونية وشرعية.
2- ومنه ما يتوقف حصوله على أسباب أخرى كونية وشرعية كالعلم النافع، والرزق الواسع، وحفظ القرآن، والعمل الصالح، ومغفرة الذنوب، ودخول الجنة، وشربُ ماء زمزم بنية هذه المطالب إيمانا واحتسابا سبب شرعي.
وقد دلَّت الآثار على أنه ينبغي أن لا يكتفى في هذه المطالب بمجرد النية القلبية، بل تقرن بسؤال الله ما شُرب له ماء زمزم.
والله أعلم.
-------------
[1] ينظر: الجواهر والدرر للسخاوي (1/166).
[2] ينظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (2/721).
[3] ينظر: تذكرة الحفاظ (3/1044).
[4] ينظر: الجواهر والدرر (1/166).
حديث "" روي من حديث جابر ومن حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا، وقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من صححه ومنهم من حسنه ومنهم من ضعفه، وممن حسنه ابن القيم والمنذري، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني، فالحديث صالح للاحتجاج به على فضل ماء زمزم، ويشهد له ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم: ""، وفي رواية عند أبي داود الطيالسي: "".
وقد ذُكر عن جمع من العلماء الأكابر أنهم عملوا بهذا الحديث، وشربوا ماء زمزم لأغراض مختلفة، كما جاء عن الشافعي رحمه الله أنه شرب ماء زمزم لثلاث؛ للرمي، فكان يصيب العشرة من العشرة، وللعلم؛ وقد بلغه، ولدخول الجنة؛ ونرجو له ذلك [1]، وجاء عن ابن خزيمة أنه شربه للعلم النافع [2]، وعن الحاكم أن يرزقه الله حسن التصنيف [3]، وجاء عن الحافظ ابن حجر أنه شربه لثلاث منها أن ينال مرتبة الحافظ الذهبي [4]، وقد بلغها.
وهذا منهم تمسكا بظاهر العموم، وعلى هذا جرى الشوكاني رحمه الله في قوله: "في الحديث دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأيِّ أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة، لأن "" في قوله صلى الله عليه وسلم: "" من صيغ العموم"، ويروى عن ابن عباس أنه كان إذا شرب من ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء".
ولا ريب أن حمل هذا الحديث على عمومه المطلق كما فصَّله الشوكاني، وكما يشعر به صنيع العلماء الذين شربوا ماء زمزم لمطالب علمية ودينية يطمحون إليها، رجاء أن يكون شرب ماء زمزم بهذه النية سببا لبلوغها، أقول: لا ريب أن هذا الفهم لهذا الحديث والعملَ بذلك راجع إلى حسن الظن بالله والطمع في سعة فضله، وما دام أنه قد صح الحديث في أن زمزم مباركة، وأنها طعام طعم وشفاء سقم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد الشرب من ماء زمزم، وقال فيها: ""، وأجمع المسلمون على استحباب الشرب منها، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورجاء ما فيها من البركة، فمن بركتها أن يكون شرب مائها سببا في حصول ما يرجوه المسلم بذلك، ومن المعلوم أن أي سبب فإنه يتوقف أثره على وجود شروط وانتفاء موانع، فلا بد من ملاحظة ذلك هنا، وينبغي أن يعلم أن ما يُطلب به ماء زمزم:
1- منه ما هو فيه سبب مباشر، كالغذاء والشفاء، فالسببية هنا كونية وشرعية.
2- ومنه ما يتوقف حصوله على أسباب أخرى كونية وشرعية كالعلم النافع، والرزق الواسع، وحفظ القرآن، والعمل الصالح، ومغفرة الذنوب، ودخول الجنة، وشربُ ماء زمزم بنية هذه المطالب إيمانا واحتسابا سبب شرعي.
وقد دلَّت الآثار على أنه ينبغي أن لا يكتفى في هذه المطالب بمجرد النية القلبية، بل تقرن بسؤال الله ما شُرب له ماء زمزم.
والله أعلم.
-------------
[1] ينظر: الجواهر والدرر للسخاوي (1/166).
[2] ينظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (2/721).
[3] ينظر: تذكرة الحفاظ (3/1044).
[4] ينظر: الجواهر والدرر (1/166).
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف: