الموتى كثرٌ فكيف يسألهم الملكان؟

منذ 2012-01-23
السؤال:

من المعلوم أن الملكين الموكلين بسؤال الميت في القبر عن ربه ودينه ونبيه هما منكر ونكير، فهل ورد شيء عن كيفية سؤالهما للأموات إذا دفن أكثر من شخص؟ خصوصاً أن الميت تعود له روحه بمجرد انصراف أهله عنه، ثم يسأل، كما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بالدعاء للميت بالثبات لأنه يسأل؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الملائكة عالم من عوالم الغيب الذين أخبر الله عنهم في كتابه في آيات كثيرة، وأخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد دلت النصوص على أنهم أصناف، فمنهم الموكل بالوحي كجبريل عليه السلام ومنهم الموكل بالقطر كميكائيل، ومنهم الموكل بنفخ الصور وهو إسرافيل، ومنهم خزنة الجنة وخزنة النار، ومنهم الموكل بنفخ الروح في الجنين، ومنهم الموكل بقبض أرواح العالمين وهو ملك الموت وأعوانه، ومنهم الموكل بسؤال الميت في قبره.

وأكثر الأحاديث فيها ذكر سؤال الميت في قبره عن ربه ونبيه ودينه، وأنه يأتيه ملكان يسألانه، وهذه هي فتنة القبر، فأما المؤمن فيقول: ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام، وأما المنافق فيقول: ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

وقد جاء في سنن الترمذي (1071) تسمية الملكين بالمنكر والنكير.

وعالم الملائكة لا تحيط به عقول البشر، فالله تعالى أعطاهم من القدر مالا يخطر بالبال، فملك الموت الموكل بقبض الأرواح يتولى قبض كلِّ من حضر أجله مهما كانوا كثرة، وإن اتحد الزمان وتباعد المكان، وهذا فوق تصور عقول البشر، وفي بعض المخترعات الحديثة التي يمكن أن يتعامل معها ملايين الناس كالإنترنت ما يعطي شيئاً من التصور عن بعض أمور الغيب ويقربها للعقول، فهي آية من آيات الله، وهذه الغيوب التي أخبرت عنها النصوص فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال، وكما قلنا في ملك الموت وما أعطاه الله من القدرة على قبض أرواح الألوف أو مئات الألوف في لحظة واحدة، نقول مثله في الملكين الموكلين بسؤال الميت في قبره، والواجب على المسلم الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله والتسليم لذلك، وإن عجزت العقول عن تصوره، وفي مثل هذا تتجلى حقيقة الإيمان، فإن الإيمان هو الإيمان بالغيب، كما قال تعالى: {} [البقرة: 3-2]. فلا يجوز معارضة النصوص بتصورات العقول القاصرة الناقصة، بل يجب أن تكون العقول تابعة منقادة لهدى الله الذي بعث به رسله، فبه العصمة من الضلال والشقاء، قال تعالى: {} [طه: 123]. والله أعلم.

تاريخ الفتوى 6-9-1426 هـ.

عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود