خطبة الجمعة بغير اللغة العربية
عندنا في أحد مساجد ألمانيا يقوم الخطيب يوم الجمعة بإلقاء الخطبة باللغة العربية، وعند انتهائه من الخطبة الأولى يجلس على المنبر ويقوم شخص آخر ويعيد الخطبة الأولى، ولكن باللغة الألمانية وبشيء من الاختصار بعض الأحيان، وبعد أن ينتهي الثاني من إلقاء الترجمة يجلس مكانه، ليعود خطيب المسجد ليلقي خطبته الثانية باللغة العربية وتقام الصلاة، ما حكم خطبة الجمعة بهذه الصورة عامة؟ وكيف يكون الحكم إذا كان الخطيب لا يتقن اللغة الألمانية؟
الحمد لله،
اللغة العربية هي لغة القرآن والسنة، فينبغي للمسلمين أن يتعلموها؛ لأن فهم اللسان العربي من أعظم الأسباب المعينة على فهم القرآن وفهم السنة، والعبادات الشرعية القولية منها ما يجب أن يكون باللسان العربي، كالقرآن في الصلاة وخارج الصلاة، فإن ترجمة القرآن لا تقوم مقامه ولا تعد قرآناً بل هي نوع من التفسير، وهكذا ينبغي أن تكون الأذكار باللغة العربية، مثل أذكار الصلاة من التسبيح والتكبير وألفاظ التشهد، وأما الدعاء فإن كان بالعربية كان أوْلى، ويجوز أن يكون بغير العربية، ولا ينبغي لمن يحسن اللغة العربية أن يعدل عنها إلى غيرها، ومن العبادات القولية خطبة الجمعة، فإذا كان الخطيب يحسن اللغة العربية والمستمعون كذلك، فيجب أن يخطب باللغة العربية، وإذا كان المستمعون لا يحسنون اللغة العربية فينبغي أن يخطب باللغة التي يفهم بها المخاطبون، ويتلو الآيات بنصها ويفسرها باللغة التي يخطب بها، هذا إذا كان الخطيب يحسن لغة جمهور المستمعين، و أما إن كان لا يحسن لغة المستمعين، أو كان المذهب الذي يتمذهب به لا تجوز فيه الخطبة إلا باللغة العربية، فلا ينبغي أن تكرر الخطبة قبل الصلاة، ولكن يخطب قبل الصلاة باللغة العربية، وبعد الصلاة يقوم من يترجمها للمستمعين باللغة التي يفهمونها لتحصل الفائدة، وليس ذلك بواجب، وإذا كان المستمعون لا يحسنون العربية، فلا ينبغي أن يخطب عليهم باللغة العربية؛ لأنه لا معنى لإلقاء الخطبة على قوم أكثرهم لا يفقه لما يسمع شيئاً، والمقصود من الخطبة، إيصال معاني الكلام من المواعظ وبيان الأحكام والأوامر والنواهي إلى الحاضرين، وما ذكره السائل من الخطبة مرتين هو من اجتهاد الإمام والمحبين للخير والدعوة إلى الله، فيؤجرون على هذا الاجتهاد، ولكن الصواب عندي أنه يغني عن ذلك ترجمة الخطبة بعد الصلاة إذا تيسر ذلك، وشرط تقدم خطبتين لصلاة الجمعة يحصل بما ألقاه الإمام قبل الصلاة، ولو كان بغير اللسان الذي يدركه أكثر المستمعين، فإنه لا بد أن يكون في المستمعين من يحسن اللسان العربي وتحصل له الفائدة، ويشترك الجميع بأجر الحضور والرغبة في معرفة أحكام الدين، والله تعالى يقول: {} [التغابن: 16] ويقول: {} [البقرة: 286] والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 23-11-1425 هـ.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف:
- المصدر: