حكم استخدام النساء للعطور التي تصل رائحتها للرجال

منذ 2012-04-19
السؤال:

سمعت أن المرأة لو تعطرت وخرجت للشارع تكون زانية، معنى ذلك أن معظم النساء والفتيات زواني يستحقون الجلد والرجم؟

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاعلمي أختي المسلمة، أنه لا يحل للمرأة أن تخرج من بيتها وهي متعطرة، حتى وإن كان إلى المسجد؛ لما روى مسلم في "صحيحه" عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "".

وروى مسلم أيضًا عن زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةَ أنها كانت تُحَدِّثُ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: "".

وفي لفظ: قالت قال لنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "".

وأخرج أبو داود، والنسائي، وابن خزيمة في "صحيحه"، وابن حبان، والحاكم عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "".

قال المناوي في "فيض القدير": "والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فقد هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها، فكل من ينظر ‏إليها فقد زنا بعينه، ويحصل لها إثمٌ لأنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه، فإذن هي سببُ زناه بالعين، فهي أيضاً زانية".‏

وليس التعطر زنا بالمعنى الذي يوجب الرجم أو الجلد بلا ريب، ومن ينادي المتعطرة بالزانية، فهو قاذِفٌ يجب جلده ‏ثمانين جلدة، وإنما عظم الوزر؛ لأنها أيقظت شهوة الرجال بعطرها، وحملتهم على النظر إليها، وربما على الفاحشة.

قال إمام الأئمة ابن خزيمة: "المتعطرة التي تخرج ليوجد ريحها قد سماها النبي صلى الله عليه وسلم زانية وهذا الفعل لا يوجب جلداً ولا رجماً، ولو كان التشبيه بكون الاسم على الاسم لكانت الزانية بالتعطر يجب عليها ما يجب على الزانية بالفرج، ولكن لما كانت العلة الموجبة للحد في الزنا الوطء بالفرج لم يجز أن يحكم لمن يقع عليه اسم زان وزانية بغير جماع بالفرج في الفرج بجلد ولا رجم".

ومقصود ابن خزيمة والمناوي هو ما دل عليه الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: "ما رأيتُ شيئاً أشبه بِاللَّمَمِ (أي صغائر الذنوب) مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ""، وزاد أحمد في روايته: "".

فالشرع سمى هذا كله زنا؛ لأنه من دواعي زنا الفرج، وليس المقصود أنه زنا في نفسه؛ وتسمية الشارع المُجاهِرة بالعطر خارج بيتها بالزانية من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جرير: "" (أخرجه مسلم)، وروى مسلم أيضًا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "".

فكم من رجل وقع في زنا الفرج والعياذ بالله من جراء النظر لصاحبة تلك العطور! فيُفتن ويقع في الفاحشة بسببها؛ فيكون عليها كفل منها؛ فيصح بهذا إطلاق اسم الزانية عليها من جهة ما تحصله من وزر.

ولو عَقِلَتِ النساء، لكان في هذا الحديث الشريف الخارج من مشكاة النبوة، أعظم زاجر لهن عن الوقوع في المعاصي، لاسيما المعاصي التي وزرها متعدِّ إلى الغير، بالفتنة والغواية، ولأبت العاقلة اللبيبة لنفسها أن تكون حبلاً للشيطان يوقع بسببهن كثيراً من المسلمين في الرذيلة؛ قال تعالى: {} [ق:37]،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام