كيف يعالج المؤمن الوساوس الشيطانية

منذ 2012-04-29
السؤال:

تسأل إحدى الأخوات عن وساوس تجول بخاطرها تتعلق بذات الله ووجوده، وهي قلقلة من هذه الوساوس وتخشى على إيمانها، بل باتت تشك في إخراج تلك الوساوس لها عن الإيمان، وتتساءل ما العلاج؟

الإجابة:

الحمد لله،

قال الله تعالى: {} [يونس: 57]، فبين سبحانه وتعالى أن هذا القرآن شفاء لما في الصدور من وساوس الشيطان وما يتولد عنها من شكوك وأوهام وخيالات وشهوات، ومن هذا الشفاء أن بين لنا سبحانه عداوة الشيطان وما يريده بنا وما يريده منّا، {} [فاطر: 6]، {} [النور: 21]، وكل ما يقع في القلب مما يعارض الحق أو يشكك فيه، أو يزين المعصية، فمن وساوس الشيطان.

ومن شفاء القرآن لما في الصدور من الوساوس الاستعاذة بالله واللجأ إليه سبحانه، ودعاؤه بطلب العصمة من شر الشيطان، قال تعالى: {} [فصلت: 36]، ونزغ الشيطان يكون بتزيين الباطل وتكريه الحق، فمن وفقه الله لجأ إليه سبحانه، واحتمى بحماه من شر هذا العدو، والله تعالى سميع الدعاء، قريب مجيب، يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وهو العليم بأحوال عباده، وبما في نفوسهم، {} [آل عمران: 119]، وقد ذكر الله عبده المستعيذ به بهذين الاسمين: السميع، العليم، ليقوى رجاؤه لربه في حصول ما يرجوه من العصمة والسلامة من نزغات الشيطان.

وأنفع التعويذات من الشيطان: {} إلى آخر السورة، ومن رحمة الله بعبده المؤمن وتيسيره أنه لا يؤاخذه ولا يحاسبه على الخواطر السيئة والوساوس، وإن كانت من أقبح الوساوس، ما دام المؤمن لا يصدقها، بل يبغضها ويكرهها، وقد كان شيء من ذلك حصل لبعض الصحابة رضي الله عنهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به! قال: ""؟ قالوا: نعم! قال: "" (1)، وفي رواية قال الرجل: يا رسول الله إني أحدث نفسي بالحديث لأن أخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به (2)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "" (3)؛ أي كيد الشيطان، ومعنى ذلك أن الشيطان إذا عجز عن صد المسلم عن دينه صار يلقي الوساوس فتؤذي صاحب الإيمان، وتسبب له القلق، خصوصاً إذا كان يجهل أنها لا تضره ولا تقدح في إيمانه، فيخشى على إيمانه ويقلق لذلك، كما حصل لذلك الصحابي، فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم، بل قال له: ""، يعني بغضه وكراهته لذلك الوسواس من الإيمان، ودال على صدق الإيمان.

وقد أرشد صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الوساوس أن يستعيذ بالله ويعرض عن التفكير في ما يلقيه الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم: "" (4)؛ أي ليقطع التفكير ويعرض، وجاء في رواية: "" (5)، فهذا علاج نبوي شاف بإذن الله.

فاحمدي الله أيتها الأخت المسلمة، وتوكلي على الله، واطمئني واستشفي بهذا العلاج النبوي، واحذري من طاعة الشيطان وتصديقه، فإن الشيطان إذا وجد من الإنسان استجابة طمع فيه وزاد في الوسوسة والتخويف حتى يقنطه من رحمة الله، أما إذا استعاذ المسلم بالله من شر الشيطان، ولم يلتفت لوساوسه ولم يصدقه فإنه ييأس منه ويكف شره.

واعلمي أن مما يحفظ الله به عبده المؤمن الأذكار في الصباح والمساء، وفي أدبار الصلوات، وعند النوم، كآية الكرسي، وقل هو الله أحد والمعوذتين، {}، و{}، وكذلك اللجأ إلى الله بطلب العصمة والسلامة من نزغات الشياطين وحضورهم: {} [المؤمنون: 97-98].

نسأل الله أن يعافيك، وأن يثبتَك، ويحفظك من شر الشيطان، وكل ذي شر إنه سميع عليم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - مسلم (132).
2 - عند أحمد 2/397 (9145)، وغيره.
3 - رواه أحمد 1/235 (2097)، وأبو داود (5112) وغيرهما.
4 - متفق عليه البخاري ( 3102)، ومسلم (134=214).
5 - مسند أحمد 2/331 (8358)، وهو عند مسلم بدون: "" (134=212).

عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود