محبة المسلم لزوجته الكتابية
هل يصح الاستدلال على جواز محبة الكفار بقول الله تعالى: {}، حيث قالوا: إنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية, وهي كافرة, والمودة لازمة الحصول بينهم؟ هل المودة تعني الحب؟
الحمد لله، قد فرض الله موالاة المؤمنين، وحرم مولاة الكافرين، قال الله تعالى: {} [سورة التوبة: 71]، وقال تعالى: {} [سورة الأنفال: 73]، وقال تعالى: {} [سورة آل عمران: 28]، وقال تعالى: {} الآية [سورة المجادلة: 22].
والود، والمودة بمعنى المحبة، والمحبة نوعان:
- محبة طبيعية كمحبة الإنسان لزوجته، وولده، وماله، وهي المذكورة في قوله تعالى: {} [سورة الروم: 21].
- ومحبة دينية؛ كمحبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله، ورسوله من الأعمال، والأقوال، والأشخاص، قال تعالى: {} [سورة المائدة: 54]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "" الحديث.
ولا تلازم بين المحبتين بمعنى: أن المحبة الطبيعية قد تكون مع بغض ديني؛ كمحبة الوالدين المشركين فإنه يجب بغضهما في الله، ولا ينافي ذلك محبتهما بمقتضى الطبيعة، فإن الإنسان مجبول على حب والديه، وقريبة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عمه لقرابته مع كفره، قال الله تعالى: {} [سورة القصص: 56].
ومن هذا الجنس محبة الزوجة الكتابية فإنه يجب بغضها لكفرها بغضاً دينياً، ولا يمنع ذلك من محبتها المحبة التي تكون بين الرجل وزوجه، فتكون محبوبة من وجه، ومبغوضة من وجه، وهذا كثير، فقد تجتمع الكراهة الطبيعية مع المحبة الدينية كما في الجهاد فإنه مكروه بمقتضى الطبع، ومحبوب لأمر الله به، ولما يفضي إليه من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {} [سورة البقرة: 216].
ومن هذا النوع محبة المسلم لأخيه المسلم الذي ظلمه فإنه يحبه في الله، ويبغضه لظلمه له؛ بل قد تجتمع المحبة الطبيعية، والكراهة الطبيعية كما في الدواء المر: يكرهه المريض لمرارته، ويتناوله لما يرجو فيه من منفعة.
وكذلك تجتمع المحبة الدينية مع البغض الديني كما في المسلم الفاسق فإنه يحب لما معه من الإيمان، ويبغض لما فيه من المعصية، والعاقل من حكم في حبه، وبغضه الشرع، والعقل المتجرد عن الهوى، والله أعلم.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف:
- المصدر: