حكم مرتكب الكبيرة

منذ 2012-09-14
السؤال:

مَن يفعلُ الكبيرةَ هل يدخل النار خالدًا فيها؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ مِن مُعتقَد أَهْلِ السُّنَّة والجماعة في أصحاب الكبائِر: أنَّ مَن تاب من فِعْل الكبائِرِ تابَ الله عليه، ولم يؤاخذْ بِها، لأنَّ التَّوبة تَجُبُّ ما قبلَها، والتَّائِب من الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ له؛ قال تَعالى في سورةِ مَريم: {} [مريم: 60]، وقال تعالى -بعد أن ذَكَر كبائِرَ الذُّنوب من شرْكٍ وقتلٍ للنَّفس المُحرَّمة وزنًا وما يستحقُّه فاعلوها إن لم يتوبوا- قال: {} [الفرقان: 71].

هذا في حقِّ التَّائب من الذنب، وكذلك مَنْ أُقِيمَ عليه الحدُّ بسببه.

وأمَّا مَن ماتَ مُصِرًّا على فِعْلِ الكبائِر -والعياذُ بِالله- وهو مِنْ أهلِ التَّوحيد، فهو تَحت مشيئةِ الله إنْ شاءَ عذَّبه ثُم يُخرِجُه من النار ويُدخِلُه الجنة، وإن شاءَ غَفَرَ له وأدخله الجنة بدون سابقة عذاب، والأدلَّة على ذلك كثيرةٌ:

منها قولُه تعالى: {} [النساء: 48]، وقال سبحانه: {} [العنكبوت:21].

ومنها أحاديثُ الشَّفاعة المتواتِرة، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "" (أخرجه الترمذي وصححه).

ومنها حديثُ أبي ذَرٍّ في الصحيحين قال: قال رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "".

ومنها حديثُ عبادةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "" (متَّفق عليه).

ومنها ما رواهُ مُسلمٌ عن أبي هُريْرة، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ""، ثُمَّ ذكر صاحبَ الإبِل وصاحبَ الغَنَم الذي لا يؤدِّى زكاتَها، وقال أيضًا: "" ومنع الزكاة من كبائر الذنوب.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: "اتَّفق أهْلُ السُّنَّة والجماعة أنَّه يشفع في أهل الكبائر، وأنَّه لا يُخَلَّد في النَّار من أهل التَّوحيدِ أحد". انتهى.

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة": "صاحبُ الكبيرة متوعَّد بالعذاب كقاتل نفسِه، إلا أنَّه لا يُخلَّد في النار خلودَ الكفَّار كغَيْرِه من أصحاب الكبائر، وما ذُكِرَ في الحديث من الخلود فهو خلود مؤقَّت، جمعًا بين الأدلَّة الشرعيَّة".

وفي فتوى أخرى لَها: "عقيدة أهل السنة والجماعة أنَّ مَن مات من المسلمين مُصرًّا على كبيرةٍ من كبائِرِ الذُّنوب - كالزِّنا والقَذْفِ والسَّرِقَة- يكونُ تَحتَ مشيئة الله سبحانه؛ إنْ شاءَ غَفَر له، وإنْ شاءَ عذَّبه على الكبيرة التي مات مُصرًّا عليها، ومآلُه إلى الجنَّة"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام