هل ذكاةُ الجنين ذَكاة لأُمِّه؟
ما مَعْنَى قولِه "" وهل يَجوزُ لي إذا دُعِيت؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "" (رواه أبو داود من حديث جابر)، ومعناه: إذا ذُبِحَتْ أُنْثَى الحيوانِ وَوُجِدَ في بَطْنِها جنينٌ، فلا مانِعَ من أَكْلِه تبعًا لِذَكاةِ أُمِّه.
فالحديث دليلٌ على أنَّ الجنينَ إذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّه ميتًا بعد ذكاتِها فهُو حلالٌ مُذَكّى بِذَكاةِ أُمِّه، وهو قولُ الجُمهور؛ قال الخطَّابي في "معالم السُّنن": في هذا الحديث بيانُ جوازِ أكْلِ الجنين إذا ذُكِّيَتْ أمُّه، وإنْ لم تُجَدَّد لِلجنينِ ذكاة" ا هـ.
وخالفَ أبو حنيفة وزُفَرُ وقالا: يحرم الجنينُ إذا خَرَج ميتًا، وأنَّها لا تُغْنِي تذْكِيَة الأُمِّ عن تذْكِيتِه، واحتجُّوا بعُمُوم قولِه تعالى: {} [المائدة: 3] وهو من ترجيح العامِّ على الخاصِّ، وهو فاسدٌ عند عُلماءِ الأصول، واعتَذَرُوا عن الحديثِ بِأنَّ المُرادَ: ذكاةُ الجَنين كذكاة الأم، ولا يَخفى ما فيه مِنْ بُعْدٍ وتكلُّف وخلافٍ للظَّاهر بدون موجب.
قال ابنُ المُنْذِر: "إنَّه لم يُرْوَ عن أحدٍ منَ الصَّحابةِ ولا مِنَ العُلماء أنَّ الجنينَ لا يُؤْكَلُ إلا باستِئْنافِ الذَّكاة فيه، إلاَّ ما رُوِيَ عن أبِي حنيفة" ا هـ.
وقَدْ أجابَ أبو عُمر بْنُ عبدالبر في "الاستذكار" عن الحنفيَّة؛ حيث قال: "وأمَّا قولُ أبي حنيفة وزُفَر فليس له في حديثِ النَّبيِّ عليه السلام ولا في قوْلِ أصحابِه ولا في قَوْلِ الجُمهور أصلٌ، وزَعَمَ أبو حنيفةَ أنَّهُ لم ير ذَكَاةً واحدةً تكونُ لاثْنَيْنِ، واستحالَ غيرُه أن تكونَ ذكاةً لنفسيْنِ، وهو يَرى أنَّ مَنْ أعْتَق حامِلاً فإنَّ عتقَها عِتْقٌ لجنينِها، فإذا جازَ أن يكون عتقٌ واحدٌ عتقًا لاثنيْنِ فغَيْرُ نكيرٍ أن تكونَ ذكاةُ نفسٍ ذكاةَ نفسَيْنِ، هذا من جِهَةِ القِياس فكيفَ والسُّنَّة مُغنيةٌ عن كل رأْيٍ، وبالله التوفيق".
وقال الشَّوكانيُّ في "النَّيْلِ": "ظاهر الحديثِ أنَّه يَحِلُّ بذكاةِ الأُمِّ الجنينُ مُطلقًا، سواءٌ خرج حيًّا أو ميتًا؛ فالتَّفصيلُ ليس عليه دليل"،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: