أيهما أُقَدِّم: الحج الواجب أو إنقاذ حياة أخي؟

منذ 2013-01-11
السؤال:

أخي لابدَّ من إجراءِ عمليَّة جراحية لإنقاذِ حياتِه، وهو لا يَملك تَكاليفَ العمليَّة، هل يجوز أن أعطيه المبلغَ الذي كنتُ أنوي الحجَّ به؟ مع العلم أني لم أحج من قبل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمنَ المعلوم من الدِّين بالضَّرورة أنَّ الحجَّ من أركانِ الإسلامِ الخَمْس، واجبٌ على جَميع المكلَّفين، فرضُ عينٍ على كلِّ مَن استطاع إليه سبيلاً؛ لقولِه تعالى: {} [آل عمران: 97]، والصحيح أنَّه فرضٌ على الفَوْرِ في أوَّل أوقات التمكُّن من الأداء، وهو مذهَبُ أكثَرِ العُلماء، وتعضدُه الأدلَّة الصحيحة، فلا يَجوزُ لِلمُستطيع تأخيرُه، وكذلِك جَميع الواجبات الشرعيَّة المُطْلَقة.

إلاَّ أنَّ هذا الأصل قد يتغيَّر إن كانتْ ثَمَّ حاجةٌ أو مصلحةٌ راجِحة تُوجِبُ تقديم الأهمِّ منهما، فتُقدَّم المصلحة التي لا تَحتمل التَّأخير على تلك التي يُمكِن تأخيرُها، وهكذا.

وعليه؛ فإن كانتْ حاجةُ أخيك ماسَّة -كما ذكرتَ- لإجراء عمليَّة لإنقاذِ حياتِه، وهو لا يَملك المالَ الكافيَ ولا يُمْكِن تأجيلُها أو تدبيرُ المال المطلوب من جهةٍ أُخرى، فلتبدأْ بِقَضاء حاجتِه أوَّلاً من مالِك الخاصِّ لا سيَّما وقد بقي عدَّة أشهُر على الحجِّ، وأهل العلم القائلون بوجوب الحجِّ على الفور لا يوجبونه قبل أشهُر الحجِّ، حتَّى لو مَلَك نفقةَ الحجِّ قَبلها فله أن يُنْفِقها حيثُ شاء؛ لأنه لا يلزَمُه التأهُّب للحجِّ قبل خروج أهل بلده، ولا يلزمُه الاحتِفاظُ بالمال لحين دُخولِ أشهُرِ الحجِّ.

قال العلاَّمة الكمالُ بن الهمام الحنفي في "فتح القدير": "الأَوْلَى أن يُقال: إذا كان قادرًا وقتَ خُروج أهل بلده إن كانوا يَخرجون قبل أشهُر الحجِّ لبعد المسافة, أو قادرًا في أشهُر الحجِّ إن كانوا يَخرجون فيها، ولم يَحجَّ حتَّى افتقر، تقرَّر دَيْنًا, وإنْ مَلَكَ في غيرِها، وصرفَها إلى غيرِه، لا شيءَ عليه" اهـ.

ثم إن إنقاذ النفس المعصومة في هذه الحال مقدَّم على أداء الفريضة التي قد يتيسر لك أداؤها مستقبلاً.

ونسألُ الله العظيمَ ربَّ العرْشِ العظيمِ أن يَشفيَ أخاك، شفاءً لا يُغادِرُ سَقمًا، وأن يُخْلف عليْك خيرًا بِما تنْفِقُه عليه... آمين،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام