حكم التأمين كمعاش تقاعدي
أدفع شهريًّا 60 جنيهًا كتأْمين وبعد عشرين سنة سآخُذ المبلغ بِفوائد، ولا أستطيع إلغاء العقد إلا بعد ثلاثِ سنين مرَّ منهم عامان، فماذا أفعل في المال الزائد؟
هل يَجوز أخذ جزءٍ مِنْهُ للضرورة والتَّصدّق بالباقي؟ وهل يَجوز أن أدْفَع منه مال الزَّكاة؟
أيضًا زوجي يدفع مبلغًا دوريَّا للشركة, فهو يعمل عملاً حرًّا، وهذا سيكون له كمعاشٍ مُسقْبلاً فما حُكْم هذا؟ وإن كان لا يَحِلّ فهل هُناك بديلٌ إسلاميّ في مصر؟ لو وُجد فنرجو ذكر معلومات عن الجهة البديلة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فعُقُودُ التَّأمين التّجاري بِجميع صُورِها وأشكالِها مُحرَّمة، والواجب على المسلم عدَم المشاركة فيها، ومنها عقْد التَّأمين المَذْكور في السؤال، وقد سَبَقَ بيانُ ذلك في الفتوى: "حكم التأمين على الحياة" فليرجع إليها.
فالواجبُ عليْكِ التَّوبة من تلك المُعاملة المُحرَّمة، ومن لوازم التَّوبة فسْخ العقْدِ مع شركة التَّأمين متى كان ذلك مُمْكنًا، ولَيْس لك إلا ما دفعتِه فَقَطْ وما زاد عليه من فوائد ربويَّة فادفعوه لجهة خيرية؛ للتَّخلّص منه ولا تستفيدوا منه بأي وجه من وجوه الاستفادة، وهذا كما قلت على سبيل التخلص منه، لا للتصدّق به.
فالفوائد الربوية لا يَجوزُ الانتِفاعُ بها أو الاستِفادة منها؛ لأنَّه مال لا يتملَّك أصلاً لأنَّه مكتَسَب بطريق غير مشروع؛ قال تعالى: الله تبارك وتعالى: {} [البقرة: 279] .
وكذلك لا يَجوزُ دفع تلك الفوائد عن الزكاة الواجبة؛ لأنَّ "الله طيّب لا يَقْبل إلا طيّبًا" كما ثَبَتَ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما رواه مُسلم عن أبي هريرة.
أمَّا ما يدفعه الزوج من مبالغ دوريَّة للحصول على معاش: فإن كان هو المعاش التَقاعُدي الذي يُعطاه بعد تَرْكِه للخِدْمة جبرًا أو اختيارًا نظيرَ اقتِطاع جُزْءٍ من الرَّاتِب الشَّهري، فلا شيء فيه، سواءٌ زادَ أو نَقَصَ عمَّا دفعه الموظَّف؛ لأنَّ هذه الزّيادة هي من باب عقود التبرُّعات من جهة العمل، وليْسَتْ من باب المُعاوضات، فيَندرِجُ تَحت التَّأمين التَّعاوني الذي هو بديلٌ للتَّأمين التّجاري.
وأمَّا إنْ كان المَعاش المَذْكور تُعْطِيهِ بعْضُ النّقابات حيْثُ تقومُ بِتَحصيل اشتِراكاتٍ سنويَّة أو شهريَّة من المشتركين، على أن يتمَّ صرْفُ معاشٍ شهريّ بعد بلوغ سنّ المعاش أو عند الوفاة للورثة-: فهذا العمل لا يَجوزُ من أَصْلِه إذا كان هذا الاشتِراك على سبيل الإِلْزام والمُشارطة، لِما فيه من جهالةٍ وغَرر في العوض، فقد يشتَرِكُ الشَّخص في المعاش مبكّرًا ولا يَصِلُ إلى سنّ التَّقاعد إلا بعد دَفْعِ مبلغٍ أكبَر مِمَّا سَيُعطاه بعد ذلك، وقد يكونُ العكس، وقد تَحصُل له الوفاة إِثْر الاشتراك بزمن يسير فيستحقّ المبلغ، ولذلك لا تصحُّ هذه العقودُ إلا إذا كانتْ على سبيل التبرع من جهة العمل.
والحاصِلُ أنَّ الاشتِراك في هذا المعاش جائزٌ إذا كان مِمَّا تُعطيه الدَّولة لموظَّفيها على سبيلِ التَّبرّع والإرفاق والتَّعاون لا على سبيل المُشارَطة والتّجارة، وتوفرت فيه الضوابطُ الشرعيَّة ،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: