هل البرود الجنسي والسحر من العيوب التي يفسخ بها النكاح؟

منذ 2013-03-09
السؤال:

تزوَّجتُ منذ 5 أشهر تقريبًا، زوجتي تُعاني من فُتور جنْسي "برودة"، بالإضافة لكونِها كانتْ مريضةً بالسِّحر ولَم تفْصِح لي بِهذا إلاَّ لمَّا دفعتُ كلَّ شيءٍ، من مهرٍ ومصاريفَ، ولَم يبقَ إلاَّ العرس، وأنا الآن محتار في حالِها، والعلاقة بيْننا متذَبْذِبة.

أرشِدوني لأني سئِمْتُ المبيتَ معها...

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فأمَّا ما يتعلَّق بفتور زوجتِك وبرودِها جنسيًّا، فالأحسنُ أن تستشيرَ فيه أهلَ الطِّبِّ، فإنَّ لكل داءٍ دواءً، علِمه مَن علِمه، وجهِله من جهله، غيْرَ أنَّا نقول: إنَّ هذا ليس معدودًا من العُيوب التي تعطي الخيارَ للزَّوج في زوجته.

وأمَّا كونُها مصابةً بالسِّحر، فإذا كان الأمر قد وصل بها إلى حدِّ الجنون، فإنَّ الجنون من العُيوب التي نصَّ الفُقهاء على أنَّها يثبُت بها خيار الفسْخ في النِّكاح.

وقد نصَّ فقهاء الحنابلة على أنَّ الخيار يثبُت ولو بِمجرَّد الوسواس، إذا كان صاحبُه يعبث ويؤذي، ففي "الإنصاف" للمرداوي قولُه: "ونقل حنبلٌ: إذا كان به جنونٌ أو وسواسٌ، أو تغيُّر في عقْل، وكان يعبَث ويؤذِي - رأيتُ أن أفرِّق بيْنهما، ولا يقيم على هذا". اهـ.

ويرى الشَّافعيَّة أنَّ مجرَّد الصَّرع -ولو من غير جنونٍ- يُثبت الخيار كالجنون، ففي "حاشية الرملي على أسنى المطالب": "والصَّرع من غير جنونٍ حُكْمه حكمُ الجنون". اهـ.

ولا يثبُتُ خيارُ الفسْخ إلا بتوفُّر ضوابطَ معيَّنةٍ، وهذه الضَّوابط هي:
الأوَّل: وجود هذا العَيْب قبْل العقْد.
الثاني: عدَم العلم به قبْل العقد.
الثَّالث: عدَم فِعْل ما يدلُّ على الرِّضا به بعد الاطِّلاع عليْه.

فإذا توفَّرتْ هذه الضَّوابِط، ثبت لك الخِيار في فسْخ هذا النِّكاح أو إمْضائه، ولا شكَّ أنَّ صبرك عليْها، وإبقاءَها في عِصْمَتك، والسَّعْي في طلَب علاجِها - فيه ما فيه من الأجْر العظيم، ومن المودَّة وصِلَة الرَّحِم.

وإنِ اخترْتَ فسْخ النِّكاح -وكان ذلك بعد الدُّخول بها- فإنَّها تستحقُّ الصَّداق كاملاً، ويُرجع به على مَن غرَّك من زوجةٍ أو وكيلٍ أو وليٍّ.

قال ابن قدامة في "المغني": "الفصل الثاني: أنَّ الفسْخَ إذا كان بعد الدُّخول، فلها المهْر؛ لأنَّ المهْر يَجب بالعقْد، ويستقرُّ بالدُّخول".

وقال في موضعٍ آخَر: "الفصْل الرَّابع: أنَّه يرجع بالمهْر على مَن غرَّه، وقال أبو بكر: فيه روايتان، إحداهما: يرجع به، والأخرى: لا يرجع، والصَّحيح: أنَّ المذهب رواية واحدة، وأنَّه يرجع به"؛ يعني: على من غرَّه، سواءٌ كان الَّذي غرَّه الولي أم المرأة.

هذا؛ وقد نصَّ الفقهاء على أنَّه إذا وُجِد عيب بأحدِ الزَّوجين، وكان هذا العيب من العيوب التي تفوِّت المقصود من النكاح، ولم يكن الآخر على عِلْمٍ به قبل العقد، ولم يرضَ به بعد اطِّلاعه عليه - أنَّه يثبت له الخيار في الفسخ.

ولمزيد فائدة يراجع: "زواج الرجل بامرأة لا يجد في نفسه لها مودة"، "فسخ الخطبة لوجود العيب"، "الزواج بامرأة فيها بعض العيوب"،، والله أعلم. 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام