حكم تجارة المعسل
ما حكم تجارة المعسل بيعًا وشراءً؟
المعسل هو مادةٌ عسليةٌ تحتوي على تبغ وجلسرين وأصنصات مركزة، وهو مخصص للأرجيلة أو النرجيلة أو الأركيلة أو الشيشة، ويوضع داخل ما يسمى بالحجر (فخار) على شكل فنجان، ويوضع أعلى منه ورقة سلوفان، ويحتوي المعسل على سبع مكونات هي:
1- نبات التبغ.
2- نشارة خشب خشن.
3- مصاصة قصب السكر بعد فرمها ووضعها في مكان التجهيز.
4- عسل أسود تالف أو محروق لرخص ثمنه.
5- مكسبات طعم ورائحة (مواد كيميائية) بنكهات مختلفة مثل (التفاح، فراولة، بطيخ، شيكولاتة)، وأحيانًا يضعون بدلًا منها مربيات منتهية الصلاحية أو فواكه عطبة لإعطائها المذاق الطبيعي.
6- الجلسرين مما يجعله شديد الرطوبة لا يحترق بشكل مستمر تلقائيًا.
7- فطريات العفن (مواد سامة)، وتخلط كل تلك المكونات وتقلب وتترك للتخمير وينتج عن ذلك فطريات العفن السامة.
والمعسل له أنواع كثيرة حسب الطعم فهناك التفاح والخوخ والكريز والفراوله والبرتقال والليمون والعلكه والكيف والكاكا والعنب أو فواكه مخلوطة مع بعضها (فخفخينا)، ومنها ما هو مخلوط من نوعين أو أكثر وغيرها كثير.
وينبغي أن يعلم أن (مكونات تبغ الأرجيلة لا تختلف عن مكونات تبغ السجائر ودخانها), حيث أن بها ما لا يقل عن (4000) مادة سامة, أهمها النيكوتين وغاز أول أكسيد الكربون والقطران والمعادن الثقيلة والمواد المشعة والمسرطنة والمخرشة والمواد الكيميائية الزراعية ومبيدات الحشرات وغيرها الكثير من المواد السامة.
وتدعي بعض شركات إنتاج التبغ إزالة كل أو معظم مادة القطران من تبغ الأرجيلة, ونحن نؤكد على بطلان هذا الادعاء، ولكن رغم ذلك فإنه يحتوي على عشرات المواد المسرطنة الأخرى، كما أنه يضاف إلى تبغ الأرجيلة العديد من المواد المنكهة مجهولة التركيب, ونجهل مقدار ضررها (تقرير علمي منشور على الإنترنت).
وذكر أحد الأطباء أن أكثر من خمسين ألف بحث علمي من (80) دولة في العالم، أيدت أضرار التبغ وأكدت أنه مدمر للاقتصاد والصحة والمجتمع، وذكر أن التبغ يحتوي على أربعة آلاف مادة كيميائية منها: (400) مادة سامة، و(22) مادة شديدة السمية، و(40) مادة تسبب السرطان، منها النيكوتين تلك المادة شبه القلوية التي تسبب الإدمان القهري، وقطرة واحدة منه تكفي لقتل رجل، وحامض الكبريت، المادة الحارقة التي تذيب جسم الإنسان إذا لامسته، غاز البيوتن ويستخدم في ولاعات السجائر، غاز أول أكسيد الكربون، الذي يخرج من عوادم السيارات، ثاني أكسيد الكربون وهو يطرد مع أول أكسيد الكربون الأوكسجين من الرئة والدم، الميثانول أو الرصاص ويستخدم كوقود، التولوين وهو مذيب عضوي، ويستخدم في المصانع الكيماوية، الأسيتون وهو مادة تزيل طلاء الأظافر، الأمونيا وهي مادة تدخل في تركيب منظفات الحمامات والأرضيات، الكادميوم وهو مادة تدخل في صناعة بطاريات السيارات، غاز كبريتيد الهيدروجين وهو غازٌ سامٌ وله تأثير على الجهاز العصبي، النشـادر وهي ماده سامة وتركيزها عالٍ، حامض الكربوليك وهو من أقوى الحوامض تركيزًا وضررها كبير على المعدة، بعض الحوامض الطيارة مثل الخليك والنمليك والنيترويك، وكلها لا بد من إضافتها للدخان لإبقائه رطبًا والإنتروبيرين وهي المادة المسببة للسرطان، والقطران وهو يسبب سرطان الرئة ويعطي اللون الأسمر الداكن للسيجارة، والزرنيخ وهو موجود في المبيدات الحشرية التي يرش بها التبغ.
وأما أضرار تدخين (الأرجيلة) فكثيرة جدًا، حيث قد تبين من خلال تحليل الدخان الخارج من فم مدخن الأرجيلة أنه يحتوي على نفس المواد الضارة والمسرطنة كما في دخان السجائر، كما أثبتت الدراسات أن تدخين الأرجيلة يسبب الإدمان ويقلل من كفاءة أداء الرئتين لوظائفهما, ويسبب انتفاخ الرئة (الإنفزيما) والالتهاب الشعبي المزمن، وهذا المرض يحد من قدرة الإنسان على بذل أي مجهود كلما تفاقم، ويؤدي تدخين (الأرجيلة) إلى حدوث سرطانات الرئة والفم والمريء والمعد، ويؤدي إلى ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الدم، ويؤدي إلى تناقص الخصوبة عند الذكور والإناث، ويساعد على ازدياد نسبة انتشار التدرن الرئوي عند مستخدمي (الأرجيلة)، ويؤدي تدخين الأرجيلة عند النساء أثناء الحمل إلى تناقص وزن الجنين, كما يعرض الأجنة إلى أمراض تنفسية مستقبلًا أو إلى حدوث الموت السريري المفاجئ بعد الولادة، ويؤدي إلى انبعاث الروائح الكريهة مع النفس ومن الثياب، وكذلك فمن التأثيرات الأخرى بحة الصوت, واحتقان العينين, وظهور تجاعيد الجلد والوجه خصوصًا في وقت مبكر، هذا علاوة على كون تدخين (الأرجيلة) يعتبر أحد أهم ملوثات الهواء في المنازل والمقاهي حيث يوجد عددٌ كبيرٌ من المدخنين، وهذا يعرض الآخرين إلى إدمان الدخان بسبب التدخين السلبي.
وأما ما يشاع بين المدخنين أن تدخين (الأرجيلة) أقل ضررًا من تدخين السجائر فغير صحيح مطلقًا، فقد أثبتت أبحاثٌ علميةٌ كثيرةٌ أن هذه المعلومة غير صحيحة، فقد قام معهد سويسري متخصص في مكافحة الإدمان على الكحول والمخدرات بأبحاث أثبتت أن دخان (الأرجيلة) يلحق بالمدخن ضررًا أكثر مما يلحقه دخان السيجارة، وجاء في الدراسة أن استنشاق التبغ عبر الخراطيم الطويلة (للأرجيلة) يمكن أن يسبب الإصابة بالسرطان ويلحق أضرارًا بالأوعية الدموية والرئتين.
وبين المعهد أن النيكوتين وجزيئاته المضرة الناجمة عن تدخين (الأرجيلة) لا تستقر في مياه قارورة (الأرجيلة) كما يعتقد الكثيرون، بل على النقيض من ذلك، فإن نيكوتين (الأرجيلة) والعناصر المسرطنة تنتشر مع كل استنشاق في الرئتين وأعضاء الجسم الأخرى، بصورة أسوأ مما يحصل مع التدخين الناجم عن السيجارة.
ويؤكد بحثٌ طبيٌ آخر أن تدخين (أرجيلة) واحدة يعادل تأثير مضار مائة سيجارة، لاحتوائها كمية هائلة من السموم، وقد أثبتت التجارب العلمية أن تدخين (الأرجيلة) لمدة نصف ساعة من شأنه أن يدمر الجسم جراء ارتفاع ضغط الدم، وازدياد نبض القلب، وهبوط عمل الرئتين، وخفض نسبة الأكسجين في الدم.
ويظهر البحث أيضًا أن تدخين رأس (الأرجيلة) الواحدة تعادل نسبة القطران فيها (10) سجائر، بينما تعادل نسبة السموم فيها نحو (100)سيجارة، فضلًا عن أن تدخين (الأرجيلة) يُعد أكثر خطورة من السجائر، لأنه لا يمر عبر مصفاة بعكس السجائر، مما يتسبب بارتفاع كمية السموم في الدم بنسبة (26%)،
وأظهرت الأبحاث أن تبغ (الأرجيلة) يحتوي على ضعفي كمية النيكوتين الموجود في السجائر، وأظهرت دراسة علمية حديثة أنه بالإضافة إلى المواد المشعة والنووية الموجودة في تبغ (الأرجيلة)، فإن السجائر والتبغ يحتويان على مواد كيميائية خطرة أخرى وتلك المواد مجتمعة تؤدي إلى تراكم إشعاع (ألفا) في رئة الإنسان، والتي تأتي نتيجة لتنفسه دخان التبغ.
كما أن مدخني (الأرجيلة) يبتلعون ما يقارب اللتر الكامل من الدخان مع كل (نفس)، مقابل (500) ميلليتر للسيجارة الواحدة، إلى جانب أن فترة تدخين (الأرجيلة) يمكن أن تصل إلى نصف ساعة، فـ(الأرجيلة) أخطر من السجائر، كما أن الاستخدام المتكرر لخرطوم (الأرجيلة) يساعد على انتقال التهاب (الكبد الوبائي) في حال كان أحدُ المستخدمين مصابًا بالمرض.
وكذلك فإن التداول المشترك لتدخين (الأرجيلة) قد يعرض المستخدمين إلى الإصابة بمرض السل، وقد حقنت مياه (الأرجيلة) في فئران تجارب فماتت بعد ثلاث ساعات، ومعروف أن الحمير والطيور والعصافير بحكم فطرتها وغريزتها النقية الطيبة التي خلقها الله بها لا تقترب من نبتة التبغ ولا تأكلها.
هذا غيض من فيض أخطار تدخين (الأرجيلة) الصحية، ويضاف إلى ذلك الأعباء المادية لمدخني (الأرجيلة)، إذا تقرر هذا فإنه يحرم شرعًا تدخين (الأرجيلة)، ويحرم شرعًا التجارة فيها بيعًا وشراءً، ومن المقرر عند الفقهاء أن ما ثبت تحريمه فيحرم الاتجار به بأي شكل من الأشكال.
وقد أفتى علماء العصر وهيئات علمية شرعية كثيرة بتحريم التدخين وكذا تدخين (الأرجيلة) لما في ذلك من الأضرار الدينية، والبدنية والمالية، والاجتماعية، والخلقية، والصحية، ومن المعلوم أن من مقاصد الشريعة حفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، والشرع والعقل يحتم على المسلم العاقل الابتعاد عن التدخين عمومًا بما فيه (الأرجيلة) لما يأتي:
1- أنه دخان لا يسمن ولا يغني من جوع.
2- أنه مضرٌ بالصحة الغالية، وما كان كذلك يحرم استعماله، قال الله تعالى: {} [النساء:29].
وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "" (رواه البخاري ومسلم).
3- أنه مفترٌ ومخدرٌ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكرٍ وعن كل مخدَّر ومفتَّر، (حديثٌ صحيح رواه أحمد وأبو داود وغيرهما).
4- أنه من الخبائث باتفاق العقلاء، والخبائث المحرمة بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {} [الأعراف:157].
5- أن رائحة هذه المشروبات تؤذي الناس الذين لا يستعملونها، بل وتؤذي الملائكة الكرام، لأنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وقد حرم الله سبحانه وتعالى أذية المسلم، قال تعالى: {} [الأحزاب:58].
6- أن إنفاق المال في هذه المشروبات إسرافٌ وتبذيرٌ وإضاعةٌ للمال، وسوف يُسأل الإنسانُ عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ كما صح ذلك في الحديث، والله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين، وأخبر أن المبذرين إخوان الشياطين، أي أشباههم في السرف والتبذير، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال كما في صحيح البخاري، وأي إضاعة أعظم من إحراقه بالنار، ولو رأينا شخصًا يحرق نقوده بالنار، لحكمنا عليه بالجنون، فكيف بإحراق المال والجسم والصحة جميعًا؟! (انظر موقع www.dar-alqassem.com).
وخلاصة الأمر أنه قد ثبت طبيًا وعلميًا أن المعسل وغيره مما يستعمل في (الأرجيلة) مضرٌ ضررًا مؤكدًا، فلذلك يحرم بيعه وشراؤه ويحرم ثمنه ويحرم العمل به بأي شكل من الأشكال، لأن الله تعالى إذا حرم شيئًا حرم ثمنه، وإذا كانت كثير من الدول الغربية قد سنت القوانين والأنظمة لمنع التدخين مطلقًا، فالواجب على دول المسلمين منعه ووقف التجارة فيه.
تاريخ الفتوى: الجمعة 14- يناير- 2011.
حسام الدين عفانه
دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.
- التصنيف:
- المصدر: