حكم من لم يكمل طواف الوداع وحكم من سعى وقصر قبل الطواف

منذ 2014-11-08
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:

أفتنا عظم الله أجرك عن الأسئلة الآتية:

1- خمسة أشخاص دخلوا الحرم لطواف الوداع فلما طافوا شوطاً أو شوطين حصل عليهم زحام شديد حتى خافوا على أنفسهم فصلوا ركعتين ودعوا وخرجوا ولم يكملوا طواف الوداع ظناً منهم أن الطواف غير واجب عليهم، فماذا يجب عليهم؟

وإذا وجب عليهم دم فهل يجوز ذبحه وأكله في بلدهم أم لابد من ذبحه في مكة؟ وهل إذا لزم أحد دم - هل هو على الفور أم على التراخي؟

2- رجل حج فريضة فلما وصل إلى الميقات أحرم بالعمرة متمتعاً فلما قدم مكة سعى وقصر قبل طواف القدوم، ثم طاف ولبس ثيابه، وفي اليوم الثامن أحرم بالحج مع الناس ولم يحصل عليه خلل حيث قد فهم من فعل الناس أن الطواف هو الأول والسعي بعده.

وأما فعله بالعمرة فجهلاً منه بالحكم، ويذكر أن معه زوجته وحجها فرضها، وهذا الحج المذكور له عدة سنوات، وقد حج الرجل بعده مرة دون زوجته، فأرجو توضيح الحكم عظم الله أجركم.

الإجابة:

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ م. ع. ع. سلمه الله وتولاه آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده: كتابكم الكريم المؤرخ في 9/1/1388هـ وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤالين كان معلوماً:

السؤال الأول: عن جماعة شرعوا في طواف الوداع فلما طافوا شوطاً أو شوطين اشتد عليهم الزحام فقطعوا الطواف ثم صلوا ركعتين ثم خرجوا ظناً منهم أنه غير واجب.

والجواب: هؤلاء الجماعة حسب الأدلة الشرعية على كل واحد منهم فدية وهي سبع بدنة أو سبع بقرة أو جذع ضأن أو ثني معز؛ لأن الراجح في طواف الوداع أنه واجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به ونهى عن النفير قبله، وصح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً".

وهذا الهدي يذبح في مكة ويقسم على فقراء الحرم، كما نص على ذلك أهل العلم؛ احتجاجاً بقوله سبحانه: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 32 - 33]، وبقوله سبحانه في جزاء الصيد: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]، وهو واجب على الفور، لأن الأدلة الشرعية قد دلت على أن الأوامر على الفور إلا ما نص الشرع على التوسيع فيه، وذلك أبلغ في الامتثال وأبعد من خطر الترك أو النسيان.

السؤال الثاني: متمتع بالعمرة إلى الحج فلما دخل مكة سعى وقصر قبل الطواف ثم طاف ثم حل ثم حج.

والجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، والأقرب - إن شاء الله - أن عمرته صحيحة؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل في حجة الوداع عمن سعى قبل الطواف فقال: «لا حرج»[1] أخرجه أبو داود في سننه بإسناد جيد.

أما كونه قصر قبل تمام العمرة ولم يقصر بعد ذلك فهذا يجبر بدم، لأن التقصير نسك واجب في العمرة بعد الطواف والسعي وقد تركه فينبغي أن يفدي عن ذلك فدياً كالهدي المذكور في جواب السؤال الأول يذبح في مكة ويوزع بين فقرائها.

وينبغي أيضاً أن يفدي عن تقصيره الذي وقع في غير محله جهلاً منه بأحد ثلاثة أشياء: إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين: لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز أو الشعير، أو ذبح شاة على ما في حديث كعب بن عجرة؛ لكونه فعل ما يخالف الشرع وكان في إمكانه أن يسأل أهل العلم قبل أن يقدم على عمله هذا.

والإطعام والنسك محلهما مكة، أما الصيام ففي كل مكان، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] رواه أبو داود في (المناسك) باب فيمن قدم شيئاً قبل شيء في حجه برقم 2015.

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-