القول الراجح فيما امتد من الشجر إلى ملك الجار
منذ 2014-01-14
السؤال:
ما هو القول الراجح فيما يتعلق بالأغصان والعروق التي تمتد من ملك شخص إلى ملك جاره وما يترتب على ذلك من الضرر، ما هي درجة الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قلع نخلة الذي أبى أن يقبل المعاوضة لما كان فيها ضرر على أخيه صاحب البستان؟ [1]
الإجابة: قد تأملت المسألة المذكورة ورأيت صاحب الإنصاف ذكر فيها وجهين، وذكر غيره قولين في المسألة: أحدهما: أن المالك لا يجبر على إزالتها، والثاني: يجبر، فإن امتنع ضمن ما ترتب عليها من الضرر؛ فاتضح لي أن القول الثاني أرجح من وجوه: الأول: أن ذلك هو مقتضى الأدلة الشرعية مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "" [أخرجه ابن ماجه، في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، برقم 2331] وما جاء في معناه، الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: "" [أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، برقم 5559، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت، برقم 68]، ولا شك أن العروق والأغصان المضرة بالجار داخلة في الأذى المنهي عنه، فالواجب منع الجار من ذلك، الثالث: أن عدم الإجبار يفضي إلى استمرار النزاع والخصومة وربما أفضى إلى ما هو أشد من ذلك من المضاربة وما هو أشد منها، فالواجب حسم ذلك والقضاء عليه، وقد دلت الأدلة الشرعية التي يتعذر أو يتعسر إحصاؤها على وجوب سد الذرائع المفضية إلى الفساد والنزاع والخصومة أو ما هو أشد من ذلك، أما حديث صاحب النخلة فقد خرجه أبو داود من حديث محمد بن علي بن الحسين عن سمرة بن جندب، وفي إسناده نظر؛ لأن محمد بن علي لا يعلم سماعه من سمرة بل الظاهر أنه لم يسمع منه، كما نبه على ذلك الحافظ المنذري في (مختصر السنن) لكن ذكر الحافظ ابن رجب في (شرح الأربعين) في الكلام على الحديث الثاني والثلاثين شواهد لهذا الحديث، وهي كلها مع الحديث الذي ذكرنا في الوجه الأول تدل على ترجيح القول الذي ذكرنا، وهو إلزام المالك بإزالة ما حصل به الضرر من عروق أو أغصان، فإن لم يزل الضرر إلا بقلع الشجرة قلعت جبراً عليه؛ حسماً لمادة الضرر والنزاع ورعاية لحق الجوار.
[1] نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
[1] نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-
- التصنيف:
- المصدر: