صلة الأرحام .. العصاة
رجل له أرحام يتخلفون عن أداء الصلاة جماعة في المسجد ويقعون في كثير من المعاصي والمنكرات، فكيف يمكن لهذا الرجل أن يصل أرحامه وهم مقيمون على تلك المحرمات؟ وكيف يمكن كذلك أن يبر والديه إن كانوا على هذه الحال؟[1]
الواجب عليه أن يصلهم بالمال إن كانوا فقراء ويحسن إليهم، وعليه أن ينصحهم ويوجههم إلى الخير ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، سواء كان ذلك مع الوالدين أو الإخوة أو الأخوال أو الأعمام أو غيرهم، فالواجب عليه دعوتهم إلى الله ونصيحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر باللطف والرفق والأسلوب الحسن لعل الله يهديهم بأسبابه، وإذا كانوا فقراء ساعدهم بالمال، وإذا كان عنده زكاة أعطاهم من الزكاة إذا كانوا ليسوا بآباء ولا أولاد، إنما هم أخوة أو أعمام أو نحو ذلك، والمقصود أنه يتألفهم بالمال والكلام الطيب.
وإذا كانوا والديه أو أولاده فعليه أن ينصحهم بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ويجتهد في دعوتهم إلى الله ونصيحتهم، والرفق بهم وبيان سوء ما فعلوا، ويستعين في ذلك بأقاربه الآخرين كإخوته أو أعمامه حتى يساعدوه في هذا الأمر، لعل الله يهدي هؤلاء بأسبابهما، لأنه إذا كان وحده قد لا يستجيبون له فإذا كان معه بعض أقاربه فلعلهم يستجيبون ولعل الدعوة تنفع، فإذا صمموا على المنكر ولم يستجيبوا فله هجرهم، لكن عليه أن يعمل الأصلح مهما أمكن.
إلا الوالدين فليس له هجرهم، ولكن عليه أن يجتهد في برهما وصحبتهما بالمعروف لعل الله يهديهما بأسبابه لقول الله عز وجل في سورة لقمان: {}[ لقمان: 14، 15]. فأمر سبحانه في هذه الآية الكريمة بصحبة الوالدين بالمعروف وإن كانا كافرين، فدل ذلك على عظم حقهما وعلى وجوب برهما والاجتهاد في صلاحهما وإن كانا كافرين.
وأما الأولاد فعليه تأديبهم إن استطاع إذا لم تنفع فيهم النصيحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ""[2]. والله ولي التوفيق.
_________________
[1] نشر في مجلة الدعوة، العدد 1645 بتاريخ 17 صفر 1419هـ.
[2] أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة برقم 495.
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-