يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ....
منذ 2006-12-01
السؤال: قال الله تعالى في سورة يس: {يس،
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى
صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنذِرَ
قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ، لَقَدْ حَقَّ
الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، إِنَّا
جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ
فَهُم مُّقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا
وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ
يُبْصِرُونَ} [سورة يس: الآيات 1-9]، ما معنى هذه
الآيات؟ ومن هم هؤلاء القوم الذين لم ينذروا مع أن الله يقول:
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ
الطَّاغُوتَ} [سورة النحل: آية 36]؟
الإجابة: قوله تعالى: {يس} [سورة
يس: آية 1] الصحيح أن هذا من الحروف المقطعة في أوائل السور،
والله جل وعلا أعلم بمراده بها، ومن ظن أن {يس} اسم من أسماء الرسول (، فقد
غلط فليس من أسمائه {يس} ولا
{طه}، وإنما هي حروف مقطعة،
مثل {الم} و {طس} وغيرها.
{وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [سورة يس: آية 2] هذا قسم من الله سبحانه وتعالى بالقرآن الذي هو كلامه وآياته التي نزلها، وهو يدل على عظمة هذا القرآن، لأن الله أقسم به، و {الْحَكِيمِ} [سورة يس: آية 2] يعني: المحكم الذي لا يعتريه نقص ولا يعتريه تناقض ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } [سورة يس: آية 3] هذا هو المقسم عليه، وهو أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المرسلين، ففي هذا إثبات الرسالة لنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الله عز وجل ورد على المشركين الذين أنكروا رسالته.
{عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة يس: آية 4] أي: أنك أيها الرسول على طريق واضح وطريق صحيح هو صراط الله سبحانه وتعالى.
{تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [سورة يس: آية 5] أي: أن هذه الرسالة وهذا القرآن من الله عز وجل فهو الذي أرسل هذا الرسول وهو الذي أنزل هذا الكتاب، {الْعَزِيزِ} [سورة يس: آية 5] يعني: القوي الذي لا يغالب، {الرَّحِيمِ} [سورة يس: آية 5] بعباده المؤمنين حيث أرسل إليهم هذا الرسول، وأنزل عليهم هذا الكتاب.
{لِتُنذِرَ قَوْمًا} [سورة يس: آية 6] يعني: لتبين لهم ولتخوفهم بالله عز وجل، وتنبههم على طريق الصواب وطريق الهدى، وتحذرهم وتنذرهم من طريق الشرك وطريق النار، والمراد بهؤلاء القوم: العرب؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بُعث فيهم أصالة وغيرهم تبعًا، وإلا فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بُعث لجميع الثقلين الجن والإنس، كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [سورة الأعراف: آية 185].
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء: آية 107].
وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [سورة الفرقان: آية 1].
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سورة سبأ: آية 28].
فرسالته عامة، وإن كان بُعث في العرب، وبدأ بإنذار العرب وهذا من التدرج في الإبلاغ، فهو يبلغ العرب ويبلغ غيرهم، ولهذا كتب ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الملوك إلى كسرى وقيصر يدعوهم إلى الإسلام؛ لأنه رسول إليهم.
{مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ} [سورة يس: آية 6]، لا منافاة بين هذا وبين الآيات الأخرى التي فيها أن الله قد بعث في كل أمة رسولاً، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً} [سورة النحل: آية 36]، لأن العرب لم يبعث فيهم بعد إسماعيل - عليه السلام - رسول منهم، إلى أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يبعث في العرب رسول بعد إسماعيل إلا ابنه محمد صلى الله عليه وسلم.. وإن كانوا قد بلغتهم دعوة إبراهيم عليه السلام ودعوات الأنبياء، وأيضًا الذي بعث فيهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا في زمن فترة من الرسل.
ولم يبعث منهم رسول إلا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا مأمورين باتباع الأنبياء السابقين إلى أن بعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمروا باتباعه.
{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} [سورة يس: آية 7] يعني: وجب عليهم العذاب بكفرهم وعنادهم لهذا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدم استجابتهم لدعوته، فلذلك حقت عليهم كلمة العذاب، {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [سورة يس: آية 7].
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ، إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [سورة يس: الآيات 8-11]، هذه الآيات كلها إلى قوله: {إِنَّمَا تُنذِرُ} كلها في حق المعاندين الذين عرفوا الحق وبلغتهم الرسالة فاستكبروا وعاندوا واستمروا على عبادة الأصنام ودين الآباء والأجداد، وزهدوا بالحق الذي جاء به هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله جل وعلا ختم على قلوبهم عقوبة لهم، وحق عليهم العذاب فلا مناص لهم من ذلك، وعميت بصائرهم، فمثلهم مثل الذي غلَّت يداه إلى عنقه، وارتفع رأسه ونظره بسبب الغل الذي طوق عنقه، فلا يستطيع النظر إلى مواقع قدميه، وصار يمشي بين سدين إن تقدم تعثر بالسد الذي أمامه، وإن تأخر تعثر بالسد الذي خلفه، فاجتمع عليه عدة أمور:
أولاً: أنه مقمح بمعنى أنه مرتفع الرأس بسبب الغل الذي في عنقه، فلا ينظر إلى ما تحته.
وثانيًا: أن أمامه سد، ومن خلفه سد، وأن الله أغشى بصره فلا يبصر ما حوله، وهذا بسبب أنهم أعرضوا عن آيات الله ولم تصل إلى شغاف قلوبهم، ولم يصل نورها إلى أفئدتهم، فهم صاروا في ظلمات وفي تردد وفي زيغ والعياذ بالله، وهذا يحصل لكل من خلف هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، واستكبر عن دعوته بعد أن عرفها إلى يوم القيامة، نسأل الله العافية والسلامة.
{وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [سورة يس: آية 2] هذا قسم من الله سبحانه وتعالى بالقرآن الذي هو كلامه وآياته التي نزلها، وهو يدل على عظمة هذا القرآن، لأن الله أقسم به، و {الْحَكِيمِ} [سورة يس: آية 2] يعني: المحكم الذي لا يعتريه نقص ولا يعتريه تناقض ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } [سورة يس: آية 3] هذا هو المقسم عليه، وهو أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المرسلين، ففي هذا إثبات الرسالة لنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الله عز وجل ورد على المشركين الذين أنكروا رسالته.
{عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة يس: آية 4] أي: أنك أيها الرسول على طريق واضح وطريق صحيح هو صراط الله سبحانه وتعالى.
{تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [سورة يس: آية 5] أي: أن هذه الرسالة وهذا القرآن من الله عز وجل فهو الذي أرسل هذا الرسول وهو الذي أنزل هذا الكتاب، {الْعَزِيزِ} [سورة يس: آية 5] يعني: القوي الذي لا يغالب، {الرَّحِيمِ} [سورة يس: آية 5] بعباده المؤمنين حيث أرسل إليهم هذا الرسول، وأنزل عليهم هذا الكتاب.
{لِتُنذِرَ قَوْمًا} [سورة يس: آية 6] يعني: لتبين لهم ولتخوفهم بالله عز وجل، وتنبههم على طريق الصواب وطريق الهدى، وتحذرهم وتنذرهم من طريق الشرك وطريق النار، والمراد بهؤلاء القوم: العرب؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بُعث فيهم أصالة وغيرهم تبعًا، وإلا فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بُعث لجميع الثقلين الجن والإنس، كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [سورة الأعراف: آية 185].
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء: آية 107].
وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [سورة الفرقان: آية 1].
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سورة سبأ: آية 28].
فرسالته عامة، وإن كان بُعث في العرب، وبدأ بإنذار العرب وهذا من التدرج في الإبلاغ، فهو يبلغ العرب ويبلغ غيرهم، ولهذا كتب ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الملوك إلى كسرى وقيصر يدعوهم إلى الإسلام؛ لأنه رسول إليهم.
{مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ} [سورة يس: آية 6]، لا منافاة بين هذا وبين الآيات الأخرى التي فيها أن الله قد بعث في كل أمة رسولاً، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً} [سورة النحل: آية 36]، لأن العرب لم يبعث فيهم بعد إسماعيل - عليه السلام - رسول منهم، إلى أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يبعث في العرب رسول بعد إسماعيل إلا ابنه محمد صلى الله عليه وسلم.. وإن كانوا قد بلغتهم دعوة إبراهيم عليه السلام ودعوات الأنبياء، وأيضًا الذي بعث فيهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا في زمن فترة من الرسل.
ولم يبعث منهم رسول إلا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا مأمورين باتباع الأنبياء السابقين إلى أن بعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمروا باتباعه.
{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} [سورة يس: آية 7] يعني: وجب عليهم العذاب بكفرهم وعنادهم لهذا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدم استجابتهم لدعوته، فلذلك حقت عليهم كلمة العذاب، {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [سورة يس: آية 7].
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ، إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [سورة يس: الآيات 8-11]، هذه الآيات كلها إلى قوله: {إِنَّمَا تُنذِرُ} كلها في حق المعاندين الذين عرفوا الحق وبلغتهم الرسالة فاستكبروا وعاندوا واستمروا على عبادة الأصنام ودين الآباء والأجداد، وزهدوا بالحق الذي جاء به هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله جل وعلا ختم على قلوبهم عقوبة لهم، وحق عليهم العذاب فلا مناص لهم من ذلك، وعميت بصائرهم، فمثلهم مثل الذي غلَّت يداه إلى عنقه، وارتفع رأسه ونظره بسبب الغل الذي طوق عنقه، فلا يستطيع النظر إلى مواقع قدميه، وصار يمشي بين سدين إن تقدم تعثر بالسد الذي أمامه، وإن تأخر تعثر بالسد الذي خلفه، فاجتمع عليه عدة أمور:
أولاً: أنه مقمح بمعنى أنه مرتفع الرأس بسبب الغل الذي في عنقه، فلا ينظر إلى ما تحته.
وثانيًا: أن أمامه سد، ومن خلفه سد، وأن الله أغشى بصره فلا يبصر ما حوله، وهذا بسبب أنهم أعرضوا عن آيات الله ولم تصل إلى شغاف قلوبهم، ولم يصل نورها إلى أفئدتهم، فهم صاروا في ظلمات وفي تردد وفي زيغ والعياذ بالله، وهذا يحصل لكل من خلف هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، واستكبر عن دعوته بعد أن عرفها إلى يوم القيامة، نسأل الله العافية والسلامة.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية
- التصنيف: