طلاق البينونة الكبرى .. وزواج التحليل
أنا مطلَّقة ثلاث طلقات، وعندي أطفال مِن طليقي، وهو تزوَّج امرأةً أخرى، لكن ليس بينهما تفاهمٌ، فتركها.
تغيَّر كثيرًا، وأصبح رجلًا متدينًا، ويخاف الله، وأنا أحب أن أرجع له مِن أجْل الأولاد، ولأني تعبتُ كثيرًا في تربيتهم، لكن المشكلة أني محرَّمة عليه حتى أتزوجَ رجلًا ثانيًا، وأهلي يرفضون رجوعي له بهذه الطريقة، فما الحل غير الزواج الثاني؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فما دام الحالُ كما ذكرتِ -أيَّتُها الأختُ الكريمةُ- أنَّ زوجَكِ قد طَلَّقَكِ ثلاثَ تطليقات؛ فقد بِنْتِ منه بينونةً كُبرى، ولا سبيلَ لَكِ للرجُوع إليه، إلا إذا تزوَّجْتِ غيرَهُ زواجَ رغبةٍ، لا زواجَ تحليلٍ، ثمَّ يدخُلُ الزوجُ الجديدُ بك، فإذا طَلَّقَكِ بعد ذلك، أو مات عنك، جاز لك الرُّجُوعُ إليه؛ كما قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229، 230].
فهذه أحكامُ شريعة الله التي أمرنا بالوقوف عندها، ولا نتجاوزها؛ كما ثبت في الحديث: «الألباني بشواهده).
واحذَرِي أيتها الأخت الكريمة مِن نكاح المحَلِّلِ؛ فهو نكاحٌ باطلٌ لا اعتبارَ له، لا تَحِلِّينَ به لطليقكِ، ويُسمَّى صاحِبُه بالتَّيْسِ المُسْتَعَارِ، ويأثَمُ فاعِلُهُ، والمفعولُ له؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في''الفتاوى'' (100/3): ''نكاح المحلل حرامٌ باطلٌ، لا يفيد الحل؛ وصورته: أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا، فإنها تحرم عليه حتى تنكحَ زوجًا غيره، كما ذكره الله تعالى في كتابه، وكما جاءتْ به سُنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأجمعت عليه أمته، فإذا تزوجها رجلٌ بنية أن يطلقها لتحل لزوجها الأول، كان هذا النكاح حرامًا باطلًا، سواءٌ عزم بعد ذلك على إمساكِها، أو فارقَها، وسواءٌ شرط عليه ذلك في عقد النكاح، أو شرط عليه قبل العقد...''. انتهى.
فارْضَيْ بما قَسَمَهُ الله لك، وأبشري بفَرَجِ الله تعالى القائل: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: