حديث طلب العلم فريضة

منذ 2014-04-02
السؤال:

هل حديث: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ 

الإجابة:

إن هذا الحديث المشهور على الألسنة محل اختلاف بين علماء الحديث فمنهم من يضعفه ومنهم من يرى أنه حديث حسن أو صحيح. والحديث ورد بدون زيادة (ومسلمة) فهذه اللفظة لم ترد في أي من طرق الحديث الكثيرة، قال الحافظ السخاوي [تنبيه: قد ألحق بعض المصنفين بآخر هذا الحديث (ومسلمة) و لـيس لها ذكـر في شـيء من طـرقـه وإن كـان معـناها صحيحاً] المقاصد الحسنة ص 277. ولفظ مسلم الوارد في الحديث يشمل المسلمة. قال الإمام النووي: [وهذا الحديث وإن لم يـكن ثابـتـاً فمعناه صـحـيـح] المجموع 1/24. وقال البيهقي [متنه مشهور وإسناده ضعيف وقد روي من أوجه كلها ضعيفه] المقاصد الحسنة ص 276. وضعفه آخرون كأحمد وإسحاق وابن الصلاح وغيرهم. وترى طائفة من أهل العلم أن الحديث وإن ورد من طرق ضعيفة إلا أنه يتقوى ويرتقي إلى درجة الحسن أو الصحيح لغيره. قال السيوطي: [جمعت له خمسين طريقاً وحكمت بصحته لغيره. و لم أصحح حديثاً لم أسبق لتصحيحه سواه] فيض القدير 4/353. وقال السخاوي [... ولكن له شاهد عند ابن شاهين في الأفراد... ورجاله ثقات بل يروى عن نحو عشرين تابعياً عن أنس...] المقاصد ص 275. وقال العلامة القاري [لكن كثرة الطرق تدل على ثبوته ويقوى بعضه ببعض. قال المزي تلميذ النووي إن طرقه تبلغ رتبة الحسن] المرقاة 1/478. وحكم بصحة الحديث الشيخ أبو الفيض الغماري بعد أن استوعب طرقه، وحكم بصحته أيضاً الألباني فقد صححه في صحيح الترغيب والترهيب ص 34، وفي صحيح سنن ابن ماجه 1/44 ونقل تصحيح الحديث عن غيرهم من العلماء، انظر شرح السنة 1/290، الحطة ص 48. وخلاصة الأمر أن الحديث لا يقل عن درجة الحسن والله أعلم.

إذا تقرر هذا فلا بد من الإشارة إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في المراد من الحديث وما هو العلم الذي طلبه فريضة على أكثر من عشرين قولاً وأجود ما قيل فيه ما قاله الحافظ ابن عبد البر: [... قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصته بنفسه ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع واختلفوا في تلخيص ذلك والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان والإقرار باللقب بأن الله وحده لا شريك له لا شبه له ولا مثل لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد خالق كل شيء وإليه مرجع كل شيء المحيي المميت الحي الذي لا يموت والذي عليه جماعة أهل السنة أنه لم يزل بصفاته وأسمائه ليس لأوليته ابتداء ولا لآخريته انقضاء وهو على العرش استوى. والشهادة بأن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه حق وأن البعث بعد الموت للمجازاة بالأعمال والخلود في الآخرة لأهل السعادة بالإيمان والطاعة في الجنة ولأهل الشقاوة بالكفر والجحود في السعير حق، وأن القرآن كلام الله وما فيه حق من عند الله يجب الإيمان بجميعه واستعمال محكمه، وأن الصلوات الخمس فرض ويلزمه من علمها علم ما لا تتم إلا به من طهارتها وسائر أحكامها، وأن صوم رمضان فرض ويلزمه علم ما يفسد صومه ومالا يتم إلا به، وإن كان ذا مال وقدرة على الحج لزمه فرضاً أن يعرف ما تجب فيه الزكاة ومتى تجب وفي كم تجب ويلزمه أن يعلم بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع إليه سبيلاً، إلى أشياء يلزمه معرفة جملها ولا يعذر بجهلها نحو تحريم الزنا والربا وتحريم الخمر والخنزير وأكل الميتة والأنجاس كلها والغصب والرشوة على الحكم والشهادة بالزور وأكل أموال الناس بالباطل وبغير طيب من أنفسهم إلا إذا كان شيئاً لا يتشاح فيه ولا يرغب في مثله، وتحريم الظلم كله وتحريم نكاح الأمهات والأخوات ومن ذكر معهن وتحريم قتل النفس المؤمنة بغير حق وما كان مثل هذا كله مما قد نطق الكتاب به وأجمعت الأمة عليه] جامع بيان العلم و فضله 1/10-11.

 

 

حسام الدين عفانه

دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.